اركض ببطء... زِدْ سرعتك

نشر في 25-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 25-10-2014 | 00:01
No Image Caption
قد يصعب عليك تصديق أن سر الأداء الأفضل لا يكمن في بذل مجهود أكبر.

قد يبدوالإبطاء للإسراع منافياً للمنطق، وخصوصاً في أوقات تُعتبر فيها التمارين العالية الحدية، مثل CrossFit

وTabata، رائجة جداً، واعتاد مَن يرتادون صالات الرياضة التفكير في أن المكاسب لا تُحقق إلا من خلال العمل الدؤوب. لكن مدربين كثراً يعتبرون أن هذا الميل إلى التمرن بحدية كبيرة صار مبالغاً فيه. يذكر إنيغو سان ميلان، مدير مختبر الأداء البشري في جامعة كولورادو: «يبالغ معظم الرياضيين غير المحترفين في ممارسة التمارين العالية الحدية. فيعانون نتيجة ذلك الإصابات، فضلاً عن أنهم

لا يزدادون سرعة».

بعد المشاركة في ماراتون مدته ثلاث ساعات في ضواحي المدينة طوال 23 سنة، خشي جو رزيبييجويسكي أن يكون قد سجل آخر أرقامه القياسية الشخصية. كان في منتصف عقده الخامس، ولم يتبقَ أمامه وقت طويل للاستمتاع بسباقات مماثلة. وكلما زاد جهده، شعر أنه منهك. لذلك لجأ إلى مدرب العدو مات فيتزجيرالد، واضع الكتاب الجديد 80/20 Running، وأصغى إلى بعض نصائحه. طلب منه فيتزجيرالد أن يخفف من حدة غالبية تمارينه. يخبر رزيبييجويسكي، مهندس برمجيات إلكترونية من Dana Point في كاليفورنيا: {ظننت أن من المستحيل أن أركض بهذا البطء وأحسّن أدائي}.

ولكن بعدما خاب أمله مجدداً في سباق الماراتون، قرر أن يعمل بنصيحة فيتزجيرالد ويبطئ. فماذا كانت النتيجة؟ شعر أنه أكثر انتعاشاً طوال الأسبوع. وعندما حان وقت الركض، سجل الأوقات التي يسعى إليها. وبعد خمسة أشهر، أنهى رزيبييجويسكي في سن السابعة والأربعين ماراتوناً مدته ساعتين و59 دقيقة.

يشير عدد متنام من الأبحاث إلى أن من الضروري القيام بنحو 80% من تمارينك ببطء. أما العشرون في المئة المتبقية، فعليك القيام بها بسرعة معتدلة. وبهذه الطريقة، تحصد فوائد التمارين العالية الحدية التي تحسن الأداء، متفادياً في الوقت عينه مخاطر التعرض لما يرافقها عادةً من إصابات وشعور بالتعب.

اكتشف مقاربة الـ80/20 هذه ستيفن سايلر، عالم فيزيولوجيا متخصص في الرياضة في جامعة أغدر في النرويج. فقد أمضى سايلر العقد الماضي في تحليل الطريقة التي تنظم بها نخبة الرياضيين المحترفين تدريبها. يوضح: {بدأنا نلاحظ نمطاً في الرياضات المختلفة التي اتبعت إلى حد ما التوزيع ذاته}. فسواء كانوا عدائين في ماراتونات أو سباقات قصيرة، مجذفين، أو متزلجين على الجليد في سباقات السرعة، يبقي معظم الرياضيين تمارينهم أقل حدة من وتيرة السباق، ولا يمارسون تمارين أعلى حدة إلا في 1/5 المرات. يشير مات شتاينميتز، مدرب من منطقة بولدر شمل عملاؤه الفائز في بطولة الرجل الحديد ثلاث مرات كريغ ألكسندر: {عندما يشدد الرياضيون المحترفون على التمارين المتدنية الحدة، يتراجع احتمال إصابتهم بالمرض أو اضطرابات نظام الغذاء. كذلك يشعرون بتعب أقل ومزاج أفضل}.

ينطبق هذا علينا أيضاً. ففي دراسة أجرتها جامعة ستيرلينغ في إسكتلندا عام 2013، طُلب من رجال يهوون ركوب الدراجة اتباع مقاربة الـ80/20  ومن ثم الانتقال إلى مقاربة أخرى، مخصصين 57% من وقتهم للتمارين المنخفضىة الحدية و43% للتمارين المعتدلة الحدية. فتبين أن الفوائد التي حققوها في القوة والسرعة بعد مقاربة الـ80/20 كانت أكبر بالضعفين. وعمدت دراسة أخرى نُشرت في عدد مارس من مجلةSports Physiology and Performance إلى المقارنة بين عدائين يركضون من 48 إلى 70 كيلومتراً في الأسبوع. اتبع نصفهم مقاربة الـ80/20، في حين أمضى النصف الآخر معظم وقته في ممارسة تمارين معتدلة إلى عالية الحدية. فتبين أن مجموعة مقاربة الـ80/20 حققت أوقاتاً أفضل بنحو 41 ثانية لمسافة العشرة كيلومترات. ولا شك في أن هذا أمر مذهل بالنسبة إلى سباق طوله 10 كيلومترات.

لكن التخفيف من حدة التمارين ليس بالسهولة التي نظن. ويعود ذلك عموماً إلى عدم قدرة الناس على تحديد بدقة مدى حدة تمارينهم الفعلية. نتيجة لذلك، نمضي معظم وقتنا (45% إلى 75% وفق الدراسات) في تمارين تُعتبر متوسطة الحدة. يوضح فيتزجيرالد: {لا تُعتبر التمارين المعتدلة سيئة، إلا أنها غير مجدية. فلا تحصل معها على فوائد تكيّف الجسم التي تترافق مع التمارين العالية الحدية أو فوائد تكييف العضلات برفق التي تجنيها من التمارين الأقل حدة. إذاً، لا يحقق الرياضي أي هدف غير إرهاق جسمه. وإذا أردت أن تبلغ سرعتك القصوى ورشاقتك الفضلى، فعليك أن تضع حدوداً واضحة لتمارينك}.

إليك السبيل إلى ذلك: تنشّط التمارين العالية الحدية ألياف عضلية سريعة الانقباض تمنحك مزيداً من الطاقة في مرحلة لاحقة من السباق أو اللعبة. كذلك تعزز مرونة الأوعية الدموية، تقوي القلب، وتزيد من قدرتك على تحمل الألم. في المقابل، يحضر الوقت الطويل، الذي تخصصه للتمارين الرياضية المنخفضة الحدية، عضلاتك لتحمل جلسات التمرن العالية الحدية. فخلال التمارين القاسية، تحرق العضلات السريعة الانقباض الغلوكوز كله للحصول على الطاقة، ما يؤدي إلى إنتاج مواد (مثل حمض اللبنيك وإيونات الهيدروجين) ثانوية تعيق عملية انقباض العضلات وتفكيك الطعام للحصول على الوقود، إن لم تُزل من العضلات. فماذا تكون النتيجة؟ يتراجع أداؤك. تتولى العضلات البطيئة الانقباض عملية إعادة تدوير حمض اللبنيك السام وتحويله إلى طاقة، ما يمكنك من الحفاظ على وتيرتك. بالإضافة إلى ذلك، يعزز التمرن المتدني الحدية نمو المتقدرات، التي تساعد الجسم في حرق الدهون بفاعلية وتبعد عنك الآلام والتعب.

رغم ذلك، تبقى عملية تبديل نمط التمرن السريع بآخر بطيء صعبة. يذكر تيم أودونل، رياضي يشارك في الرياضات الثلاثية، وهو الأميركي الأبرز في بطولات الرجل الحديد العالمية لعام 2013 في كونا: {نطلق عادةً الدعابات عن هذه المسألة. فعندما أركب الدراجة مع أصدقاء ليسوا رياضيين محترفين، ألاحظ أنهم يتمرنون بحدة أكبر، مقارنة بالنمط الذي أتبعه}. دخل أودونل عالم إبطاء وتيرة التمرن منذ زمن قصير. شعر هذا الرياضي أنه منهك بعد ثماني سنوات من التمرن بقوة. لذلك خفض عدد جلسات التمرن العالي الحدية من ست إلى ثلاث في الأسبوع وصار يخصص النسبة الكبرى من طاقته وجهده للتمارين {المريحة التي تمتاز بوتيرتها المضبوطة} (لا شك في أن هذا يعني في حالته قطع مسافة لا تقل عن 10 كيلومترات). وقد عادت عليه المقاربة الجديدة بفائدة كبيرة خلال الربيع المنصرم، عندما احتل أودونل المرتبة الأولى في مسابقةSt. Croix half Ironman. يقول: {أتمرن بحدة أقل وأتسابق بمستوى أعلى لأنني لا أستنفد طاقتي خلال جلسات التمرين المضنية}.

كيفية الإبطاء

هذا أصعب مما نظن. طبق النصائح الخمس التالية لتتأكد من أنك فهمت هذه المسألة:

• اعرف المدى المناسب لك: استخدم جهاز مراقبة نبض القلب لتحدد مناطقك الخاصة للتمرن بحدية منخفضة، متوسطة، وعالية. تكون التمارين منخفضة الحدية عندما يبقى نبض قلبك أقل من 77% من حده الأقصى. ويوضح فيزجيرالد أنك مع هذه التمارين {تشعر براحة تامة أثناء التنفس}. أما مع التمارين المتوسطة الحدية (بين 77% و80% من الحد الأقصى لنبض قلبك)، فتستطيع التكملة إنما بضع كلمات فقط دفعة واحدة. ولكن مع التمارين العالية الحدية (نحو 91% من نبض قلبك)، فتعجز عن الكلام.

• نظم جدول تمارينك: لتقتصر التمارين المتوسطة الحدية إلى الحادة على يوم أو اثنين في الأسبوع، واحرص على ألا يكونا متتاليين.

• قلل من الاعتدال: لا شك في أن بعض التمارين المعتدلة الحدية أو الركض الإيقاعي ضروري للاستعداد لسباق ما. ولكن احرص على جعله جزءاً من العشرين في المئة. وكي تضم بقاءك خارج المنطقة المعتدلة، اسأل نفسك: {هل يمكنني الحفاظ على هذه الوتيرة فترة طويلة؟}.إذا كان جوابك نعم، فقلل سرعتك.

• تمارين مختلط: بما أنك توفر كثيراً من الطاقة مع تخفيضك وتيرة تمرنك، فاستبدل يوم الراحة بيوم تمارس فيه رياضات مختلفة. يساعدك هذا في تعزيز تمارينك المنخفضة الحدة من دون أن تستهلك المفاصل ذاتها التي تستخدمها خلال تمرنك المعتاد.

• أخفض سرعة تمرنك: يذكر سايلر: {يتمرن الناس بسرعة كبيرة عندما يقومون بجولات تفصل بينها فترات راحة. فيبذلون قصارى جهدهم خلال الجولات الأولى، يستنفدون طاقتهم، يستسلمون، ويعودون إلى المنزل}. لذلك بدل أن تبذل طاقتك كلها على مضمار العدو أو على الدراجة أو في حوض السباحة، اتبع سرعة تكون أقل بعض الشيء وقم بعدد أكبر من الجولات.

back to top