ما الحكاية يا «جمارك»؟!

نشر في 23-10-2014
آخر تحديث 23-10-2014 | 00:01
 د. ساجد العبدلي لست في وارد عقد المقارنات بين الكويت وغيرها، والتي لطالما جاءت لمصلحة «الغير»، فقد مللت وملّ القراء من هذا الكلام الذي أصبح معروفاً جداً، ولكنني، على الأقل، في محل التساؤل المشروع عما يجري هنا في هذه الحكاية بالذات؟ هل هذه الرسوم الغريبة التي تتشارك الجهات المتنوعة بتقاضيها على مئات الطرود الواصلة يوميا مبررة حقا ومستحقة؟

عندي لكم حكاية ظريفة ستعكس جانباً آخر من الجوانب "غير" المضيئة من جوانب الإدارة في دولتنا الحبيبة، الكويت، دولتنا التي تزعم حكومتها أنها تسير بجد واجتهاد على طريق تحويلها إلى مركز مال، ليس للمنطقة فحسب إنما لكل العالم!

وصلني منذ أيام طرد بريدي بواسطة واحدة من شركات الشحن السريع العالمية، كان عبارة عن مواد مكتبية طلبتها من خلال الموقع الشهير أمازون، وقمت بدفع قيمتها كاملة مع أجور الشحن، ولعل من المهم أن أذكر هنا أن قيمة المواد لم تتجاوز الخمسة دنانير.

عند وصول الطرد إلى الكويت طالبتني شركة الشحن بأجور إضافية تبلغ تسعة دنانير وستمئة فلس، وعلى الرغم من بساطة المبلغ، حرصت على الاستيضاح على غير العادة، وذلك لتكرر المسألة معي مؤخرا، فطلبت هذه المرة فاتورة تفصيلية حتى أفهم ما الحكاية، لتأتي الفاتورة التفصيلية كالتالي: دينار واحد رسوم "تخليص في المطار"، ستمئة فلس رسوم شركة خدمات الملاحة "ناس"، ديناران ونصف رسوم "إدارة الجمارك"، نصف دينار عمولة البنك، أربعة دنانير رسوم صرف، دينار واحد رسوم طوابع!

كما تلاحظون أيها الأعزاء، فهذه الحكاية الظريفة يشوبها الكثير من الغموض. مواد مكتبية لا يتجاوز سعرها الخمسة دنانير وصلت عبر البريد، ليدفع مقابلها المستهلك كل هذه الرسوم غير المفهومة لجهات حكومية وغير حكومية!

أنا مستغرب ومتضايق لأنه لا يكاد يمر علي أسبوع أو اثنان إلا وأكون قد أرسلت طرداً عبر ذات شركات البريد السريع لأحد من الأصدقاء والمعارف في دول الخليج والعالم العربي أو دول أخرى حول العالم، ولم يذكر لي أحد منهم مسبقا أنه قد طولب في يوم من الأيام بدفع رسوم إضافية لهذه الشركات غير تلك التي كنت قد دفعتها عند إرسال المواد!

لست في وارد عقد المقارنات بين الكويت وغيرها، والتي لطالما جاءت لمصلحة "الغير"، فقد مللت وملّ القراء من هذا الكلام الذي أصبح معروفاً جداً، ولكنني، على الأقل، في محل التساؤل المشروع عما يجري هنا في هذه الحكاية بالذات؟ هل هذه الرسوم الغريبة التي تتشارك الجهات المتنوعة بتقاضيها على مئات الطرود الواصلة يوميا مبررة حقا ومستحقة؟ وما تكييفها القانوني والموضوعي؟ وما علاقة البنك بشحنتي البريدية الشخصية حتى يتقاضى عمولة عن ذلك؟ وما علاقة شركة خدمات الملاحة "ناس" بهذه الشحنة؟ ولماذا تأخذ مني "الجمارك" هذه الرسوم في حين أني لست بتاجر، وموادي شخصية ولم أستوردها على سبيل المتاجرة؟ وما حكاية الأربعة دنانير رسوم الصرف، ولمن صرفت؟ وما قصة الطابع أيضا، وإلى أين ذهبت قيمته؟!

للأمانة لا أدري من يجب أن نخاطب للاستفسار عن مثل هذا الأمر، فناهيك عن أنه، وكثير مما يشابهه اليوم في دولتنا المجيدة في ظل قيادتنا الرشيدة، صار يقع في المنطقة الرمادية التي لا يمكن أن نعرف من المسؤول عنها، فقد عودنا المسؤولون في السنوات الأخيرة على التجاهل البارد وعدم الرد، فلا أحد يشعر بالمسؤولية، ولا أحد يكترث بالسؤال والاستفسار، ولا أحد يخاف من محاسبة، والبلد في حالة سقوط حر ولا حول ولا قوة إلا بالله!

على أي حال، وجهت مقالي إلى "الجمارك"، فلعل وعسى أن نسمع منهم ركزاً!

back to top