{داعش: عودة الجهاديين}...

نشر في 22-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 22-10-2014 | 00:01
No Image Caption
أوباما يكرّر الأخطاء والإرهاب سيشمل العالم كله

ما الذي جعل التنظيمات الجهادية تحرز انتصارات مذهلة أدت إلى إنشاء «خلافة» تشمل معظم المناطق السنيّة في العراق ومنطقة واسعة من شمال شرق سورية؟ يعالج الصحافي باتريك كوكبيرن هذه المسألة في كتابه «داعش: عودة الجهاديين» الصادر عن «دار الساقي»، وقد وصفته بعض الصحف بأنه كتاب ممتاز ورائع.
يركز كتاب «عودة الجهاديين» على تطورات عدة قصيرة وطويلة الأمد في الشرق الأوسط، ويؤكد المؤلف أنها ستؤثر في بقية العالم قريباً.

أهمّ هذه التطورات نهوض جماعات جهادية على مثيل القاعدة تسيطر اليوم على منطقة واسعة من شمال وغرب العراق وشمال وشرق سورية. وتعتبر المنطقة الواقعة تحت سيطرتهم أضخم بمئات المرات من أي منطقة كانت واقعة تحت سيطرة بن لادن الذي من المفترض أن يحتسب قتله سنة 2001 ضربة قاسية للإرهاب العالمي.

لكنّ الواقع أتى عكس ما أراد المخططون، فقد أحرزت فروع القاعدة والجماعات التي تقلّدها أضخم نجاحاتها التي تضمنت الاستيلاء على الرقة في القسم الشرقي من سورية، العاصمة الاقليمية الوحيدة التي وقعت في أيدي الثوار في مارس 2013. وفي يناير 2014 سيطرت داعش على الفلّوجة التي تبعد فقط أربعين ميلاً عن بغداد، وهي المدينة الشهيرة التي حاصرتها قوات مشاة البحرية الأميركية واقتحمتها قبل عشر سنوات، وخلال بضعة أشهر كانت قد احتلت الموصل وتكريت أيضاً. وهكذا حلّت داعش مكان القاعدة كأقوى مجموعة جهادية وأكثرها سيطرةً في العالم.

فشل ذريع ضد الإرهاب

شكلت هذه التطورات صدمة للسياسيين والمتخصصين في الغرب، ويعود السبب إلى الخطر الكبير الذي يمنع الصحافيين والمراقبين الخارجيين من زيارة المناطق حيث كانت داعش تقوم بعملياتها خوفاً من التعرض للخطف والقتل، فأتي انتصار داعش في العراق خلال السنتين الأخيرتين كمفاجأة. وهذا النقص في التغطية كان مناسباً للولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى لأنها مكنتهم من التقليل من أهمية حجم فشل «الحرب ضد الإرهاب» الذريع خلال السنوات التي انقضت منذ أحداث 11 سبتمبر.

يتوارى الإخفاق أيضاً وراء تضليل الذات من جانب الحكومات، فقد اعتبر الرئيس أوباما أن التهديد الرئيس للولايات المتحدة لم يعد يأتي من تنظيم القاعدة المركزي وإنما من المتطرفين الذين ازدادت قدرتهم على الانتقام منها، لكن مواجهة الخطر، كما يقول أوباما، تكمن في تكثيف الدعم لأولئك الذين في المعارضة السورية والذين يشكلون أفضل بديل للإرهابيين.

هذا الأمر هو تضليل للذات، إذ إن داعش وجبهة النصرة، الممثلان الرسميان لتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى مجموعات جهادية متطرفة أخرى، يهيمنون على المعارضة السورية العسكرية. والأسلحة التي يمدّ بها حلفاء الولايات المتحدة، مثل قطر وتركيا، القوات المعارضة للأسد في سورية يتمّ الاستيلاء عليها بشكل منتظم في العراق. لقد فشل الدعم الغربي للمعارضة السورية في الإطاحة بالأسد وزعزع أيضاً استقرار العراق كما كان السياسيون العراقيون قد تنبأوا بذلك منذ زمن بعيد.

إيديولوجية القاعدة وداعش

ترتكز ايديولوجية القاعدة وداعش على كثير من تفاسير التطرف. وأولئك المنتمون إلى أماكن أخرى في العالم الإسلامي وينتقدون هذا التوجه الجديد في الإسلام لا يكتب لهم البقاء طويلاً حيث يجبرون على الهرب أو يقتلون. ووصف احد الصحافيين الأفغان «المجاهدين» في بلاده في العام 2003 بـ{الفاشيين المقدسين» الذين يسيئون إلى الإسلام باستعماله أداة لاغتصاب السلطة فأجبر على مغادرة البلاد.

وصفة أوباما تكرار للأخطاء

كان الرئيس أوباما قد بدأ يدرك قبل الموصل أن الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة باتت أقوى مما كانت عليه في السابق، لكن وصفته للتعامل معها كررت أخطاءه السابقة. فقد قال لجمهوره في وست بوينت: «نحتاج شركاء إلى جانبنا من أجل محاربة الإرهابيين. ولكن من سيكون هؤلاء الشركاء؟ لم يأتِ في حديثه على ذكر السعودية وقطر لأنهما يبقيان حليفين نشيطين وفاعلين للولايات المتحدة في سورية، وعوضاً عن ذلك استثنى الأردن ولبنان وتركيا والعراق كشركاء للحصول على مساعدة في مواجهة إرهابيين يعملون عبر الحدود السورية.

ثمة شيء عبثي حول هذا الأمر، إذ إن الجهاديين في سورية والعراق الذي يعترف أوباما أنهم يشكلون خطراً عظيماً، يمكنهم فقط الوصول إلى هذه البلدان لأنهم قادرون على عبور 510 أميال على امتداد الحدود التركية السورية من دون عرقلة أو تدخل من السلطات التركية. وربما قد بدأت الدول الخليجية وتركيا والأردن تشعر الآن بالخوف من «فرانكنشتاتين» الذي ساعدت على خلقه، لكن ليس هناك الكثير مما يمكنهم القيام به من أجل كبح جماح هذا الوحش.

تأثير على المجتمع

انبعاث جماعات متطرفة على طراز القاعدة ليس تهديداً محصوراً بسورية والعراق وجيرانهما فقط، فما يحصل في هذه البلدان يعني 1,6 مليار مسلم، أي ربع سكان الأرض تقريباً، بالإضافة إلى ذلك، يبدو من غير المحتمل أن لا تتأثر الشعوب غير المسلمة، بما فيها شعوب عدة في الغرب.

عودة الجهاد اليوم بشكله الرهيب الذي غيّر الحقل السياسي في سورية والعراق، لها منذ الآن نتائج وتأثيرات بعيدة المدى على السياسة العالمية مع نتائج وتأثيرات مخيفة ومرعبة علينا جميعاً.

back to top