الملتقى الإعلامي الخليجي بين الرأي والخبر ... هل يوجد إعلام محايد؟!

نشر في 20-10-2014
آخر تحديث 20-10-2014 | 00:01
 د. عبدالحميد الأنصاري استضافت الكويت "الملتقى الإعلامي الخليجي" الثاني في 14 و15 أكتوبر 2014 بعنوان "الإعلام الخليجي بين الرأي والخبر" بحضور وزراء الإعلام الخليجيين ونخبة من الإعلاميين الخليجيين؛ كتاباً وأكاديميين ورؤساء تحرير صحف ومحللين سياسيين، وكان الملتقى الأول، عقد في البحرين، العام الماضي بعنوان "أثر وسائل الإعلام على الأمن القومي الخليجي"، وقد انبعثت فكرة الملتقى من مبادرة كويتية قدمت للأمانة العامة لمجلس التعاون قبل عامين، بهدف إيجاد "ملتقى إعلامي خليجي يلتقي فيه الإعلاميون الخليجيون لمناقشة قضاياهم الخليجية المشتركة" طبقاً للمنسق العام للملتقى محمد البداح، وكان من حسن الطالع، تزامن الملتقى مع احتفالات الكويت بتكريم سمو أمير الكويت قائداً للعمل الإنساني، وتسمية الكويت مركزاً للعمل الإنساني، وهو تكريم مستحق للكويت ودول مجلس التعاون "التي لا تتوانى عن الاضطلاع بمسؤولياتها الإنسانية على كل المستويات: العربي والإقليمي والدولي".

 كما جاء في كلمة راعي الملتقى الشيخ صباح الخالد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وفي كلمته الترحيبية، أكد الشيخ سلمان الصباح، وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب، أهمية مخاطبة العالم بـ"خطاب إعلامي خليجي واحد" فاعل، كون الإعلام الخليجي يمتلك خبرات متراكمة وكوادر مؤهلة، تؤهله لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وتضاعف مسؤوليته تجاه حماية أبنائنا من "أفكار مشبوهة ومتطرفة" أو "دعوات تحريض عن الكراهية الطائفية والدينية والعنصرية".

 وأضاف "في ظل التحديات المحيطة، علينا تفعيل وسائل إعلامنا، خاصة (الإعلام الجديد) لما له من قوة تأثير على الشباب– قوة الحاضر وقيادة المستقبل– بهدف تحسينهم من خلال مبادرات توعوية وتثقيفية بسماحة الإسلام ووسطيته"، ونوه الأمين العام للمجلس د.الزياني، بدور الإعلاميين، كونهم "يأتون في خط المواجهة الأول" للدفاع عن الجبهة الداخلية تجاه من يسعون إلى تشويه الحقائق.

 وقد تنوعت موضوعات الملتقى في 3 محاور:

1- أهيمة القضايا الخليجية في وسائل إعلامها: تحدث فيه د. الرميحي (الكويت)، ود. عبدالملك (قطر)، ود. عبدالخالق (الإمارات)، ود. الرواس (عمان)، وأجمع المتحدثون على ضرورة تطوير الإعلام الخليجي، وقدموا رؤى ناقدة تهدف إلى الارتقاء بالعمل الإعلامي الخليجي، وقدم عبدالملك مقترحاً تنظيمياً للملتقى، وثار جدل حول: هل يوجد إعلام خليجي موحد أو هو إعلام مستقل لكل دولة خليجية؟ ففي حين رأى البعض وجود إعلام خليجي موحد ومؤثر وله سماته المميزة، رأى آخرون أن إعلامنا ما زال محكوماً برؤى متفرقة.

2- تأثير الإعلام الرياضي في الشباب الخليجي: وتحدث فيه لاعبون ومحللون رياضيون من مختلف دول المجلس، وقدم المحلل الرياضي القطري ماجد الخليفي، ورقة متميزة عن "أهمية الإعلام الرياضي كأحد أدوات التأثير المباشر في الشباب".

3- أما المحور الثالث فكان من نصيب "الإعلاميات الخليجيات" اللاتي انتقدن احتكار الرجل لمعظم المناصب الإعلامية، وقدمت الإعلامية القطرية ريم الحرمي، ورقة مثيرة، حين وضحت: أنه على الرغم من تشجيع الدولة انخراط القطرية في الإعلام منذ سبعينيات القرن الماضي فإن الرجل ما زال يحكم قبضته على المناصب الرياضية، وما زال يرفض أن ترأسه امرأة، بل يخشى من نجاحها!

ملاحظات وانطباعات: أما ملاحظاتي التي خرجت بها، فأوجزها فيما يأتي:

1- أحيي حرص وزراء الإعلام الخليجيين على الوجود والمشاركة في التعقيب، ولسان حالهم "جئنا لنسمع منكم ونفيد من مقترحاتكم".

2- أعجبني تعقيب الشيخ سلمان الصباح، وزير الإعلام، تأكيده على "أننا نرحب بالحريات الإعلامية وتتسع صدورنا لها ولا نضيق بها، ولكننا ننشد الحريات المسؤولة، فالحرية تقابلها المسؤولية"، لقد كانت كلمة متوازنة وجدت أصداء إيجابية من الحضور.

3- هل يوجد إعلام محايد؟ في تصوري هذا مستحيل، وينافي طبائع الأمور، إذ لا يوجد حياد في الإعلام، لا شرقاً ولا غرباً، بل لا ينبغي أن يكون الإعلام محايداً، لأن الحياد هو العدم، معناه: أنه لا رأي لك في أي شيء، ولكن ينبغي أن يكون الإعلام (مهنياً موضوعياً) والموضوعية تتحقق بأمرين: الأول: عدم الخلط بين الرأي الشخصي والخبر الموضوعي، بمعنى أن على الإعلامي، نقل الخبر أو المعلومة بدقة وأمانة، وعدم تلوينه بصبغة أيديولوجية أو سياسية، والثاني: عدم مصادرة الآراء الأخرى المعارضة أو حجبها، ولا يتعارض مع الموضوعية أن يكون للإعلامي رأيه الخاص.

4- هناك من يحمّل الإعلام ما ليس من وظائفه، يريده أن يكون مصلحاً اجتماعياً أو واعظاً دينياً، أو معلماً للجماهير، وهذا كله ليس من وظائف الإعلام، بل هو من وظائف مؤسسات أخرى، الإعلامي، إنسان مهني، ومهنيته تتمثل بدقة نقله للخبر، وفي حسن تحليله وعرضه ولا ينبغي له أن يتقمص دور الواعظ أو المصلح أو الناشط.

5- هناك شكوى دائمة في كل الملتقيات من الإعلام، باتهامه وتحميله مسؤولية ما تعانيه مجتمعاتنا، وهذا غير منصف، فالإعلام كما يقول المفكر السعودي راشد المبارك في مقالته "الإعلام المفترى عليه" ما هو إلا المرآة التي ترينا وجوهنا كما هي وما فيها من تجاعيد وأخاديد.

6- وأخيراً فقد أعجبني الوجود الإعلامي القطري الفاعل، وكان مشرفاً.

 * كاتب قطري

back to top