حل إقامة دولتين مات

نشر في 19-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 19-10-2014 | 00:01
 يارا حواري منذ إعلان المجلس الوطني الفلسطيني استقلالاً أحادي الطرف عام 1988، اعترف أكثر من 130 بلداً بدولة فلسطين، وقبل أسبوع أعلن رئيس وزراء السويد الجديد ستيفان لوفن في تصريح عن السياسة الخارجية أن السويد تعترف بالدولة الفلسطينية، ويوم الاثنين الماضي حذت المملكة المتحدة حذوها وصوتت للاعتراف بفلسطين كدولة بغالبية 274 صوتاً مقابل 12 (امتنع أكثر من نصف الأعضاء في مجلس العموم عن التصويت).

يعتبر كثيرون من المتضامنين مع فلسطين هذا انتصاراً، ويفترضون أنه سيقود في النهاية إلى تطبيق حل إقامة دولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكن هذا خداع؛ لأن حل إقامة دولتين يُبقي الفلسطينيين أسرى أشكال مختلفة من الاحتلال؛ لذلك يكون الاحتمال الوحيد القائم اليوم حل إقامة دولة واحدة (تدعى ربما "إسرائيل وفلسطين"، على غرار البوسنة والهرسك)، حيث يتمتع الجميع بحق التصويت بغض النظر عن إثنيتهم، انتمائهم الديني، وتوجههم الجنسي. وإلى أن تعترف القيادة الفلسطينية والدول الأخرى بهذا الواقع وتعتبره السبيل الوحيد إلى المضي قدماً، لن يحظى الفلسطينيون بأي أمل في التحرر.

لا شك أن القيادة الفلسطينية اعتبرت قرار مجلس العموم خطوة إيجابية جداً، فقد علقت الدكتورة حنان عشراوي، عضو في اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية: "يُعتبر الاعتراف بفلسطين وشعبها قراراً قائماً على مبدأ وخطوة مهمة نحو إحقاق العدالة والسلام على حد سواء".

صحيح أن رد الفعل الفلسطيني في وسائل التواصل الاجتماعي جاء مختلطاً، إلا أن عدداً لا بأس به من الناس أصروا بحماسة على أن هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، خطوة تتحمل مسؤولية مشكلة تعود جذورها إلى الاستعمار البريطاني، وتعكس عدم رضا المملكة المتحدة عن الاعتداءات على غزة وإعلانات توسع الاستيطان الأخيرة.

قد تكون هذه الأفكار صحيحة، ولكن يجب ألا نتلهى بجمال هذا المفهوم عن "الدولة الفلسطينية" وننسى الأهم. في الواقع، لا يتلاءم مفهوم الدولة الفسلطينية المعترف به دولياً البتة مع الطموحات الفلسطينية، خصوصاً التحرر والمساواة.

تعني الدولة الفلسطينية مواصلة التفاوض، متبعين خط إقامة دولتين، وتدعو هذه المفاوضات إلى إقامة دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية يهودية جنباً إلى جنب، لكن هذا يلغي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ويهمش بالكامل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، الذين سيتحولون إلى مواطنين من الدرجة الثانية في دولة توصف باليهودية فحسب.

بالإضافة إلى ذلك، لن تسمح الدولة الإسرائيلية لدولة فلسطينية ذات سيادة بأن تتحكم بالكامل في حدودها، واقتصادها، وجيشها، نتيجة لذلك، ستتحول الدولة الفلسطينية إلى مجرد آلية تجعل من الشعب الفلسطيني شعباً مضطهداً خانعاً.

حتى لو تغاضينا عن سلبيات حل إقامة دولتين فلا يمكننا أن نتجاهل واقع أن حل إقامة دولتين قد مات، فمنذ اتفاقيات أوسلو، فُصلت الضفة الغربية وحولت إلى بانتوستان ثانية من خلال جدار فصل عنصري غير قانوني يجعل حرية التنقل مستحيلة بالنسبة إلى معظم الفلسطينيين، فضلاً عن ذلك، بلغ توسع المستوطنات ذروة لم يسبق لها مثيل، مع وجود أكثر من 350 ألف مستوطن في الضفة الغربية.

نتيجة لذلك، على داعمي إقامة دولة فلسطينية أن يحذروا، حيث تتبع هذه الخطوة مساراً دبلوماسياً "يؤمن" الشعب الفلسطيني بدل أن يحرره؛ لذلك حان الوقت ليكف المجتمع الدولي عن المناداة بدعمه الحرية الفلسطينية المحدودة (المقنعة بذكاء خلف حل إقامة دولتين) والفصل المتنامي.

آن الأوان للبدء بدعم حقوق الفلسطينيين أينما كانوا، سواء في الأراضي المحتلة، فلسطين التاريخية، أو مخيمات اللاجئين، كذلك حان الوقت لتبني خطاب سياسي يعزز حل إقامة دولة واحدة في إسرائيل وفلسطين، دولة تبدّي المساواة والانخراط في المجتمع على الفصل الإثني والإقصاء.

(* الإندبندنت)

back to top