السعودية تحذر أوبك من السباحة ضد التيار

نشر في 18-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 18-10-2014 | 00:01
No Image Caption
يطالب بعض أعضاء منظمة أوبك بخفض عاجل في الإنتاج بغية إعادة أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، ولكن المسؤولين السعوديين وجهوا رسالة مختلفة خلال اجتماعات خاصة في الآونة الأخيرة مع مستثمرين ومحللين في سوق النفط مفادها أن السعودية مستعدة لقبول سعر للنفط يصل إلى 80 دولاراً سنة أو سنتين.

تقوم المملكة العربية السعودية بإبلاغ شركاء سوق النفط بأن الرياض متقبلة للهبوط الجلي في أسعار النفط ولفترة طويلة، وذلك في تحول حاد في السياسة التي قد تهدف إلى إبطاء توسع المنتجين المنافسين بمن فيهم شريحة منتجي الزيت الحجري في الولايات المتحدة.

ويطالب بعض أعضاء منظمة أوبك، بما فيهم فنزويلا، بخفض عاجل في الإنتاج بغية إعادة أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، ولكن المسؤولين السعوديين وجهوا رسالة مختلفة خلال اجتماعات خاصة في الآونة الأخيرة مع مستثمرين ومحللين في سوق النفط مفادها أن السعودية، وهي أكبر دولة منتجة في منظمة أوبك، مستعدة لقبول سعر للنفط يقل عن 90 دولاراً للبرميل، وربما حتى إلى 80 دولاراً سنة أو سنتين، بحسب أشخاص تم اطلاعهم على المحادثات الأخيرة في هذا الشأن.

يذكر أن المناقشات، التي جرى بعضها في نيويورك في الأسبوع الماضي تقدم الإشارة الأكثر وضوحاً حتى الآن إلى أن السعودية وضعت استراتيجية الأمر الواقع حول إبقاء أسعار النفط حول 100 دولار للبرميل من خام برنت جانباً بغية الاحتفاظ بحصة سوقية في السنوات المقبلة.

رهان السعودية

وذكرت مصادر نفطية طلبت عدم الكشف عن أسمائها بسبب الطبيعة الخاصة للمناقشات أن السعودية تراهن على أن فترة من أسعار أدنى للنفط – التي قد ترهق الوضع المالي لبعض أعضاء منظمة أوبك– سوف تكون ضرورية من أجل تمهيد السبيل أمام عوائد أعلى في الأجل المتوسط، عبر تقليص الاستثمارات الجديدة والمزيد من الإمداد من أماكن مثل مكامن الزيت الحجري في الولايات المتحدة أو المياه العميقة.

ولم توفر المحادثات مع المسؤولين السعوديين أي مؤشر محدد حول ما إذا كانت المملكة قد توافق على خفض الإنتاج– والكمية المستهدفة– وهي خطوة يتوقعها العديد من المحللين من أجل تعزيز الأسواق العالمية التي تنتج كميات من النفط أكبر كثيراً من قدرتها على الاستهلاك، وتنتج السعودية ما يصل إلى ثلث نفط منظمة أوبك، أو نحو 9.7 ملايين برميل يومياً.

وبحسب أحد المصادر رد مسؤول سعودي على سؤال عن الخفض المقبل في إنتاج النفط السعودي قائلاً "أي تخفيضات؟"، ومن غير المؤكد أيضاً ما إذا كانت التصريحات السعودية إلى مراقبي سوق النفط تمثل تغيراً جديداً تلتزم الرياض به، أو أنها كانت مجرد أحاديث تهدف إلى دفع الأعضاء الآخرين في منظمة أوبك إلى الانضمام إلى المملكة في عملية خفض الإمداد في نهاية المطاف.

وقال أحد المصادر من الذين لم يشاركوا بصورة مباشرة في المناقشات إن السعودية لا تريد بالضرورة هبوط أسعار النفط الى حد أدنى، ولكنها غير راغبة في تحمل الخفض بصورة فردية، وهي على استعداد لتحمل أسعار أقل حتى تلتزم الدول الأخرى في منظمة أوبك بذلك الخط.

مصاعب الاجتماع المقبل

مع عدم رغبة معظم الأعضاء الآخرين في منظمة أوبك بخفض إنتاجها فإن اجتماع المنظمة المقبل في 27 نوفمبر سيكون الأشد صعوبة في سنوات عديدة، وسبق لمنظمة أوبك أن وافقت على خفض إنتاجها مرات قليلة فقط في العقد الماضي، كان آخرها في أعقاب الأزمة المالية العالمية في سنة 2008.

وفي الأسبوع الماضي أصبحت فنزويلا، وهي واحدة من أكثر دول منظمة أوبك حساسية إزاء أسعار النفط، أول دولة تدعو علانية إلى إجراء مبكر في هذا الصدد، وقال وزير خارجيتها رافائيل راميرز "ليس من الملائم لأي طرف الدخول في حرب أسعار وهبوط سعر البرميل إلى ما دون 100 دولار".

ويبدو أن وزير النفط الكويتي علي العمير كان أول من أشار بوضوح إلى أن خفض إنتاج النفط لن يقدم الكثير من أجل رفع الأسعار في وجه الإنتاج المتزايد من جانب روسيا والولايات المتحدة، ونسبت إليه وكالة الأنباء الكويتية "كونا" قوله "لا أظن أن ثمة فرصة اليوم لخفض دول منظمة أوبك لإنتاجها".

وقال العمير إن أسعار النفط سوف تتوقف عن الهبوط عند نحو 76 دولاراً إلى 77 دولاراً للبرميل، مستشهداً بتكلفة الإنتاج في أماكن مثل الولايات المتحدة، حيث ارتفع إنتاج الزيت الحجري إلى أعلى مستوياته منذ الثمانينيات من القرن الماضي.

ولم تصدر أي تعليقات من مسؤولي النفط السعوديين على الضعف الشديد في الأسواق، ولم يجيبوا عن أسئلة طرحتها وكالة رويترز حول الإيجازات الأخيرة في هذا الشأن.

ما دون 90 دولاراً

هبطت الأسعار العالمية الآجلة لخام برنت بصورة ثابتة طوال أربعة أشهر، وانخفضت بنسبة 23 في المئة عن أعلى مستوى لها عند 115 دولاراً للبرميل في شهر يونيو الماضي نتيجة تراجع المخاوف المتعلقة باضطراب إمدادات الشرق الأوسط وانتعاش إنتاج الزيت الحجري في الولايات المتحدة، إضافة الى ظهور مؤشرات على تراجع الطلب من أوروبا والصين.

حتى وقت قريب كانت دول الخليج في منظمة أوبك تقول إن هبوط أسعار النفط كان ظاهرة مؤقتة، وكانت تراهن على الطلب الموسمي في فصل الشتاء لرفع الأسعار، ولكن عدداً متزايداً من محللي النفط يرى الآن أن الهبوط الأخير هو أكثر من مجرد انخفاض موسمي، ويقول بعضهم إن ذلك يمثل بداية تحول محوري نحو فترة طويلة من وفرة نسبية.

وبدلاً من مواجهة الهبوط في أسعار النفط والتخلي عن حصة سوقية في وجه منافسة متنامية يبدو أن السعودية تسعى الى إعداد التجار لتغير كبير في الأسعار، ويقول أحد المصادر إن السعودية تريد أن يعلم العالم "أن أحداً يجب ألا يتفاجأ" من وصول سعر برميل النفط إلى أقل من 90 دولاراً، كما أن مصدراً آخر أشار إلى أن السعر البالغ 80 دولاراً للبرميل يجب أن يشكل الآن أرضية مقبولة للمملكة، على الرغم من قول العديد من المحللين الآخرين إن ذلك الرقم يبدو متدنياً جداً، ومنذ سنة 2010 بلغ متوسط سعر برميل خام برنت نحو 103 دولارات، وكان يتداول بين 100 دولار و120 دولاراً.

وبينما عكست المناقشات الأخيرة أكثر الجهود جلاء حتى الآن بالنسبة إلى التحول في الاستراتيجية النفطية السعودية فإن المؤشرات الأولية أثارت موجة من الهلع في سوق النفط، وكانت المملكة خفضت في أوائل أكتوبر أسعار البيع الرسمية بدرجة أكثر حدة من المتوقع في محاولة تهدف إلى المحافظة على عملائها في آسيا، وفي خطوة اعتبرت على نطاق واسع على أنها بداية حرب أسعار هناك.

وفي أعقاب زيارة قام بها إلى السعودية في الشهر الماضي قال روبرت ماك نالي وهو مستشار البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش ورئيس مجموعة رابيدان الاستشارية للطاقة "إن الأرضية السياسية السعودية حول أسعار النفط بدأت تضعف".

وأضاف أنه لا يعلم عن أي سعر محدد للنفط السعودي أو عن استراتيجية توقيت، ولكنه أبلغ وكالة رويترز أن السعودية "سوف تقبل بهبوط في الأسعار ضروري لاستيعاب أي خفض في الإمداد بغية تحقيق توازن السوق نتيجة كميات الإنتاج في قطاع الزيت الحجري في الولايات المتحدة"، ومع جلاء هذه الرسالة في الأسبوع الماضي تسارعت وتيرة التراجع في أسعار النفط وهبط خام برنت إلى أدنى مستوياته منذ سنة 2010.

وقال ماك نالي "حتى ثلاثة أيام خلت كان الإجماع المطلق في السوق يؤكد أن السعودية سوف تخفض الأسعار، ولم يعد هذا مجرد استنتاج فقط حيث أدرك السوق فجأة أنه يعمل من دون شبكة".

back to top