بقعٌ تكشف عمرنا

نشر في 18-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 18-10-2014 | 00:01
يا لفظاعة أن نسمي هذه العلامات «بقع الشيخوخة»! تجعلنا هذه التسمية نشعر بأننا أصبحنا خارج العصر. لكن يجب الاعتراف بأن هذه البقع لا تظهر في سن مبكرة ويجب عدم الخلط بينها وبين النمش مثلاً. في مطلق الأحوال، لنكتشف سبب ظهور هذه البقع وكيفية التخلص منها. أول ما يجب معرفته أن البقع تظهر مع التقدم في السن. يمكن أن تتشكل أولى هذه العلامات في عمر الأربعين، أو في مرحلة لاحقة أحياناً، وهي تميل إلى استهداف اليدين والذراعين والكتفين والعنق والوجه، فضلاً عن قمة الرأس في حالة الرجل الأصلع. يُشار إلى أن الرجال والنساء يواجهون هذه المشكلة على حد سواء.

ترتبط البقع مباشرةً بنسبة التعرض للشمس. إنه السبب الذي يجعل اليدين أفضل مؤشر على العمر الحقيقي لأنها المنطقة الأكثر استعمالاً في الجسم. هي لا تشبه النمش أو الشامات التي يمكن أن تظهر منذ سن مبكرة، مع أن هذه الأنواع من البقع تعكس بدورها آثار التعرض لأشعة الشمس وتميل إلى التضاعف مع تكثف نسبة التعرض للأشعة على مر السنوات. بالطريقة نفسها، يجب الإشراف على البقع البنية لرصد أي تغير فيها لأن خطر سرطان الجلد يبقى قائماً ويميل الناس غير الاختصاصيين إلى الخلط بين مختلف أشكال البقع.

ما سبل الوقاية؟

وسائل الوقاية بسيطة ويعرفها الجميع: يجب تجنب التعرض للشمس واستعمال الواقي الشمسي على الأجزاء المعرضة طبيعياً للأشعة في حياتنا اليومية. ويجب ألا ينسى المقيمون في المناطق المشمسة أهمية دهن اليدين بالواقي الشمسي بطريقة منهجية، فضلاً عن اعتمار قبعة ووضع نظارات.

من الواضح أن البشرة السمراء أصبحت رائجة ويصعب الذهاب إلى الشاطئ من دون التعرض لأشعة الشمس. لكن ما الذي يمنع استعمال مستحضرات التسمير الذاتي التي لا تطرح أي خطورة بل توفر لوناً جميلاً من دون مواجهة مشكلة يمكن أن تؤثر على الصحة مستقبلاً؟

إذا لم تتخذي قرارك بعد، انظري إلى أيدي الناس الذين يتجاوز عمرهم الخمسين سنة من حولك، وستلاحظين عدداً كبيراً من بقع الشيخوخة لديهم. أصعب ما يمكن أن يحصل هو ظهور تلك البقع على الوجه. يجب ألا ننسى أيضاً أن الشمس قد تؤذي بشرتنا أثناء القيادة من دون أن ندرك ذلك.

عدم التسرع في الاختيار

بغض النظر عن الطريقة التي يقع عليها الاختيار، يجب تجنب التوجه إلى المقاربات التجارية. بل يجب دراسة الخيار عن قرب واتخاذ القرار النهائي بعد تقييم الخيارات البديلة: المخاطر المرتبطة بهذه الطريقة، تعليمات اختصاصي الجلد، مدة العلاج، الآثار الجانبية، الكلفة. أفضل ما يمكن فعله هو استشارة الاختصاصي أو مقابلة شخص سبق وخضع للعلاج وحقق نتائج مرضية، لكن من دون استخلاص الاستنتاجات بناءً على وقائع جزئية. كذلك، من الأفضل أحياناً عدم التأثر بالصور المعروضة على الإنترنت لأنها قد تكون معدّلة وقد تعطي انطباعاً جيداً بشكل مبالغ فيه.

في مطلق الأحوال، من المعروف أن المرأة تسعى دوماً إلى تكهّن عمر أي شخص يهمها من خلال التحقق من مناطق معينة في جسمه مثل اليدين والعنق. لا نفع من الخضوع لجلسات تجميل مكثفة إذا بقيت هذه المناطق طبيعية لأنها تكون كفيلة بالكشف عن العمر الحقيقي.

على صعيد آخر، أثبتت بعض الدراسات أن مشاهدة صور اليدين حصراً تكفي لتوقع الفئة العمرية التي ينتمي إليها الأفراد من دون الحاجة إلى مشاهدة أي جزء آخر من الجسم أو الوجه. أصبحت معظم الصور التي تظهر في المجلات معدّلة، لذا من الأفضل رؤية الناس شخصياً. تكون البقع البنية والعروق الناتئة من المؤشرات التي تكشف العمر. لكن لا أحد مثالي!

مع ذلك، لا شيء يمنعنا من مكافحة تلك البقع إذا كانت تزعجنا. لكن لا نفع من بذل هذه الجهود كلها إذا كنت تنوين التعرض لأشعة الشمس عندما تسنح لك الفرصة. يكون العلاج في هذه الحالة غير نافع لأن جميع المشاكل ستعاود الظهور سريعاً. يجب أن تحافظي على حوافزك وأن تحرصي على استعمال الكريمات الواقية فضلاً عن الملابس والأكسسوارات اللازمة.

هل يمكن إخفاء البقع نهائياً؟

مراهم وكريمات

تزداد أعداد المستحضرات المتوافرة لهذا الغرض. إنه أمر طبيعي لأننا نتعرض لأشعة الشمس منذ سنوات وباتت البقع البنية تظهر في مرحلة أبكر. لذا بدأت أهم ماركات مستحضرات التجميل تقوم بالأبحاث اللازمة لابتكار منتجات يمكن استعمالها بانتظام على المدى الطويل بهدف تخفيف آثار البقع أو حتى التخلص منها نهائياً. لكن لم يتحقق الهدف بعد لأن أي مرهم لا يستطيع محو هذه البقع فعلياً. كما يجب تجنب الكريمات التي تؤثر على اصطباغ البشرة والتأكد من أنها تحتوي على الجرعات المناسبة وإلا قد تكون النتيجة معاكسة فتظهر بقع بيضاء بدل البنية وسيكون شكلها أسوأ طبعاً. تسمح هذه الكريمات التجميلية بتخفيف آثار البقع واستعادة لون متناسق للبشرة، لكن يجب أن يمتد العلاج على أشهر.

نتروجين سائل أو ثلج جاف

تُستعمل هذه المنتجات في العادة لمعالجة الثآليل. لذا يجب أن يتوخى اختصاصي الجلد الحذر حين يصف هذه المستحضرات لمعالجة البقع. كذلك، يجب ألا يكون عدد تلك البقع مرتفعاً لأن هذا الوضع سيعقّد العملية. من الأفضل طبعاً التوجه إلى أهل الاختصاص. يعمل النتروجين في بيئة باردة بدل الساخنة ويعطي أثراً مدمراً للميلانين. يبقى المبدأ الأساسي على حاله بغض النظر عن الطريقة المستعملة: يتم تدمير الخلايا المستهدفة التي تسبب البقع وتتجدد البشرة وتكسب لوناً موحداً من دون بقع. يكون العلاج قصيراً وتُدهَن المنتجات خلال بضع دقائق. لكن من الشائع أن يُطلب من الفرد دهن مرهم قبل وبعد استعمال المنتج.

تقشير البشرة

تتم هذه العملية في معهد متخصص أو عند اختصاصي الجلد. كما يمكن تطبيق حصة تقشير البشرة في المنزل. تكون المنتجات في هذه الحالة أخف من تلك التي يستعملها أهل الاختصاص طبعاً، لكنها تسمح باستعادة وجه شاب وبشرة أكثر انتعاشاً. يمكن استعمال تقشير البشرة الأكثر شيوعاً الذي لا يستهدف عمق البشرة عبر منتجات تُباع في الصيدلية أو مراكز التجميل. تكون الإشراقة شبه مضمونة شرط الالتزام بالتعليمات التي ترافق المنتج. حتى لو كانت منتجات التقشير التي تُباع في المتاجر أقل تركزاً من تلك التي يستعملها الخبراء، إلا أنها تسمح باستعادة بشرة ملساء وتقليص حجم المسام واسترجاع مظهر أكثر شباباً، فضلاً عن تخفيف التجاعيد غير البارزة.

تكون المنتجات الأكثر استعمالاً عبارة عن أنواع حمضية مختلفة، من بينها حمض الغليكوليك. هذا العنصر المصنوع من أحماض الفاكهة هو الأكثر شيوعاً لأنه يناسب عمليات التقشير الناعمة التي تسمح بالتخلص من الشوائب على مستوى لون البشرة لكن من دون محو البقع. يقتصر مفعولها على تخفيف أثر تلك البقع. في ما يخص عملية التقشير المتوسط، يُستعمل غالباً حمض التريكلوروسيتيك الذي يعطي مفعولاً أقوى على البقع وندوب حب الشباب والتجاعيد. أخيراً، يستعمل التقشير العميق مادة الفينول ويتطلب تخديراً موضعياً. يتم اللجوء إلى هذا الخيار لاستهداف التجاعيد البارزة، وفي حالات نادرة الجبين، فضلاً عن البقع البنية الكبيرة.

باختصار، يهدف تقشير البشرة إلى التخلص من طبقة رقيقة على سطح الجلد وإجبار البشرة على التجدد من خلال إنتاج بشرة سطحية جديدة تخلو من شوائبها الأساسية مثل تفاوت لون البشرة أو البقع البنية السطحية. لكن لا بد من تجنب الخلط بين التقشير وبين فرك البشرة الذي لا يعطي مفعولاً عميقاً. تهدف هذه التقنية بكل بساطة إلى تنظيف عمق البشرة.

ليزر أو ضوء: تضخيم الضوء بانبعاث الإشعاع المحفز

من الواضح أنها الطريقة الأكثر فاعلية، حتى الآن على الأقل. تتوافر أنواع عدة من الليزر وتظهر أشكال جديدة من هذه التقنية بوتيرة مستمرة وهي تسمح باستعمالها بدقة أكبر، لا سيما مع الاختصاصيين الذين يحرصون على مواكبة التطور. لكن لا ينطبق ذلك على جميع الخبراء، إذ يفضل بعضهم التمسك بالمواد التي يملكونها بدل الاضطرار إلى الاستثمار في أدوات معقدة ومكلفة. لكن يكون بعض أجهزة الليزر أكثر ملاءمة لمعالجة البقع البنية. بات الليزر يُستعمل بشكل متزايد في مجال التجميل. نعرف تقنية إزالة الشعر بالتحليل الكهربائي منذ فترة طويلة، وتبرز أيضاً تقنيات إعادة تشكيل أو تمليس البشرة لتخفيف التجاعيد والندوب والتخلص من الأوشام التي ما عادت مناسبة. تشكل العدّة الوردية ومختلف مشاكل الاصطباغ جزءاً من الحالات التي تستهدفها هذه التقنية. تكون النتيجة شبيهة بمفعول التقشير الكيماوي.

يبث الليزر بكل بساطة شعاعاً من الضوء والطاقة نحو طول موجي معين. يستهدف الاختصاصي المنطقة المتضررة حيث تقع الشوائب التي يجب معالجتها. سرعان ما يتحول الشعاع إلى حرارة من  شأنها أن تدمر الخلايا المستهدفة ولكن من دون إيذاء المحيط السليم.

الميلانين أساس المشكلة

أصل هذه البقع بسيط: تنشط الميلانين بطريقة غير طبيعية بسبب شيخوخة البشرة وتزداد سوءاً نتيجة التعرض للشمس، وتكون الظاهرتان على درجة عالية من الارتباط. تحمل البقع لوناً بنياً داكناً بعض الشيء ويختلف شكل سطحها. لا تُحدث أي نتوءات على الجلد. لكن تصبح الخلايا الصباغية التي تعطي اللون للبشرة عاجزة عن التوزع على الجلد بطريقة طبيعية.

ما هي آثار الشمس إذاً؟ نحن لا نكف عن سماع المعلومات عن منافع الشمس في الشتاء، لا سيما قدرتها على امتصاص الكالسيوم طبيعياً. في المقابل، من المعروف أن الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء تضر الجسم بعد تخطي عتبة معينة. لكن تختلف تلك العتبة من شخص إلى آخر.

تتوزع الأشعة فوق البنفسجية على ثلاث درجات: خفيفة ومتوسطة وحادة. على كوكب الأرض، يصلنا أول نوعين منها بينما تعيق طبقة الأوزون النوع الثالث (لكن إلى متى؟!). يجب أن يعرف الجميع أن الأشعة فوق البنفسجية الخفيفة تخترق الزجاج. هي كانت تُعتبر غير ضارة لذا دار جدل حول الواقي الشمسي منذ بضعة أشهر لأن معظم الكريمات لا يحمي بالكامل. اليوم، باتت الأشعة فوق البنفسجية الخفيفة تُعتبر ضارة على المدى الطويل، وهي تؤثر حتماً على البشرة لأنها أصبحت حاضرة في حياتنا بشكل شبه دائم طوال اليوم.

أما الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة، فهي لا تخترق الزجاج لأن طبقة الأوزون تصفّيها. هي ضارة على نحو خاص في فترة الظهر، ومن المعروف أنها مسؤولة عن تسارع شيخوخة البشرة، ما يفسر ظهور البقع البنية الشهيرة. هكذا تفقد البشرة ليونتها ويتضاعف عدد النمش. نعلم أنها بقع خطيرة وهي من العوامل الأساسية للإصابة بسرطان الجلد.

الظاهرة التي تحصل معروفة: تعكس البشرة بطريقة طبيعية جزءاً من الأشعة وتنتشر الكمية المتبقية في الأنسجة. هذا الانتشار يسيء إلى الخلايا بوتيرة تدريجية. هكذا تظهر مشاكل مثل ضربات الشمس والتجاعيد وعيوب في لون البشرة... نعلم أيضاً دور ضربات الشمس في رفع احتمال الإصابة بسرطان الجلد بعد سنوات عدة.

نتيجة التعرض لهذا الكم من الأشعة فوق البنفسجية، تردّ بشرتنا قدر ما تستطيع وغالباً ما يكون تفاعلها سيئاً: جفاف أو تصلب أو زيادة سماكة البشرة. ولا ننسى أننا نكون معرّضين خلال فصل الصيف لمواجهة الهواء والماء المالحة، وهما يعززان احتمال جفاف البشرة وشيخوختها. تقاوم مواد الكولاجين والإيلاستين المشكلة لكن سرعان ما تترسخ التجاعيد والبقع.

تدابير وقائية ضرورية

تختلف التدابير الوقائية الأساسية عند استعمال تقنية الليزر:

أصبح اختيار تقنيات الليزر بالغ الأهمية اليوم ولا بد من انتقاء نوع الأدوات المناسبة بحسب الهدف المنشود.

يجب اختيار اختصاصي بارع إذ أصبح من الأصعب التحكم بطريقة استعمال تقنيات الليزر نظراً إلى تطور هذه التكنولوجيا بوتيرة متسارعة. لذا يجب الاطلاع على أحدث المستجدات في هذا المجال لتحقيق أفضل النتائج. بالتالي، لا بد من أخذ تدريب الاختصاصي وخبرته بعين الاعتبار.

إذا كان هذا الاختصاصي كفوءاً، سيجيد اختيار التقنية المناسبة وبالدرجة المناسبة لتجنب تضرر الأنسجة، فضلاً عن تحديد توقيت بث النبضات وترددها وعدد الجلسات.

بحسب نوعية البشرة، يجب أن يشرح اختصاصي الجلد النتائج الملموسة التي يمكن تحقيقها فعلاً. يجب ألا ينتظر أحد حصول معجزات! إنه علاج مكلف لذا لا يجب اختيار تقنية الليزر إذا لم تكن الفاعلية مضمونة. في هذه الحالة، يمكن التوجه إلى وسائل أقل كلفة إذا كانت ستعطي نتائج مماثلة. ينطبق ذلك مثلاً على إزالة الشعر بالتحليل الكهربائي حيث تتحدد النتيجة بحسب نوعية البشرة والوبر.

لا بد من حماية العيون بشكل مستمر. ترتبط الآثار الجانبية باحمرار البشرة عموماً وتورمها قليلاً بعد جلسة العلاج. لذا لا بد من تجنب التعرض للحرارة في الأيام اللاحقة. في هذا المجال أيضاً، يجب الاطلاع مسبقاً على شكل البشرة المتوقع بعد العلاج، لا سيما إذا كنت تعملين.

بغض النظر عن نوع العلاج بالليزر، يجب أن تعرفي أنه يكون أكثر فاعلية كلما كانت البشرة فاتحة اللون. من الناحية الإيجابية، يعطي الليزر مفعولاً بالغ الدقة مقارنةً بعمليات التقشير أو المراهم، وهو يسمح بمعالجة منطقة البقع من دون التأثير على المناطق المجاورة من البشرة. بعد جلسة الليزر، يصبح لون البقعة داكناً قبل أن تختفي أو تتلاشى بطريقة ملحوظة. لن تظهر أي حروق بل ستتدمر الخلايا المصطبغة وسرعان ما يتخلص منها الجسم طبيعياً.

يجب الخضوع لجلسة أو جلستين، لكنّ الأهم هو التعامل مع الوضع بجدية لاحقاً والحرص على عدم التعرض لأشعة الشمس طوال أربعة أسابيع على الأقل. وإذا أردت تجنب عودة ظهور البقع، يجب اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة عبر تفادي التعرض للشمس بشكل مفرط. حين تشكّل البشرة هذا النوع من البقع العشوائية، ثمة احتمال دائم في تكرر المشكلة إذا اجتمعت العوامل التي تعزز ظهورها.

إذا استُعمل الليزر بالطريقة المناسبة، قد يسبب التهاباً طفيفاً. يحفِّز الالتهاب البشرة التي تبدأ بالتخلص من الخلايا المتضررة وبإنتاج كمية جديدة من الكولاجين.

back to top