الروح الدافئة جوهر فيلم The Good Lie

نشر في 16-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 16-10-2014 | 00:01
الحِيَل الصغيرة لتحقيق المصلحة العامة هي محور فيلم The Good Lie الذي يتمحور حول مجموعة من الفتيان السودانيين {الضائعين} الذين أعيد توطينهم في الولايات المتحدة. لكنّ أوضح حيلة هي أن تكون ريز ويثرسبون نجمة الفيلم، بحسب بيتسي شاركي.
ريز ويثرسبون الفائزة بجائزة أوسكار عنصر ثانوي على الشاشة، ولكنها لاعبة مهمة في فيلم The Good Lie لجذب الجماهير التي ما كانت لتحضر لولاها.

أرنولد أوسينغ وغير دواني وإيمانويل جال هم مبتكرو الفيلم الحقيقيون، فلكل واحد منهم قصة نجاة حقيقية من شأنها أن تدعم هذا العمل الخيالي (كان دواني وجال من الجنود الأطفال الذين أُجبروا على المحاربة في السودان، وقد قُتل والد أوسينغ خلال الحرب).

لكن بدل عرض أهوال تلك الحرب، يُعتبر The Good Lie حكاية انتصار على المأساة، وهو يركز بشكل أساسي على الأمل.

لا بد من الإشادة بالمخرج فيليب فالاردو بسبب إصراره على التمسك بالتأثير السوداني في سيناريو مارغريت ناغل الذي كان مستوحى من التقارير الإخبارية والكتب ومقابلاتها الخاصة مع اللاجئين.

فالاردو كاتب Monsieur Lazhar ومخرجه، الفيلم الذي نال جائزة أوسكار وصدر منذ بضع سنوات وتمحور حول نوع مختلف جداً من قصص المهاجرين. بذل قصارى جهده لإيجاد ممثلين سودانيين وقد أبلى حسناً في هذه المهمة. ثمة سحر تقليدي في البساطة المباشرة التي يتسم بها الفيلم.

تبدأ القصة في مخيم كاكوما للاجئين في كينيا خلال التسعينيات، فيستعد أربعة سودانيين لركوب طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة كجزء من مبادرة إنسانية لإعادة توطين 3600 شخص في الولايات المتحدة. سرعان ما حملوا اسم {الفتيان الضائعين}.

يقود مامير (أوسينغ الراشد) الجماعة المترابطة في الفيلم. هو الزعيم الفعلي بعد سلسلة من الخسائر، بما في ذلك فقدان شقيقه الأكبر ثيو (فيمي أغونز) الذي أخذه الجنود. أبيتال هي شقيقته (تؤدي كيوث ويل دور الفتاة الأكبر سناً). بول (جال) وجيريمايا (دواني) هما شقيقان في الروح: بول صبي من قريتهما وقد قابله جيريمايا في الطريق.

تجسد ويثرسبون شخصية كاري، وكيلة توظيف تحاول إيجاد وظائف لثلاثة من اللاجئين في مدينة كانساس، فتبدو مناسبة لهذا الدور في الفيلم والقصة بما يكفي كي تُحدِث فرقاً واضحاً.

يعود الفيلم سريعاً إلى البدايات، حين كان اللاجئون أطفالاً. يتواجد يونغ ثيو (أوكوار جال) ومامير (بيتردينغ مونغوك) وأبيتال (كيجي جال) وبول (دانغ أجويت) وغيرهم في الحقول حيث يراقبون القطيع، فيقتحم جنود قريتهم فجأةً ويقتلون جميع الآخرين. يطبّق الأولاد تعاليم الأكبر سناً فيتجهون نحو مخيمات اللاجئين سيراً على الأقدام، أولاً في إثيوبيا ثم في كينيا.

مشاهد صعبة

صحيح أن الرحلة تشوبها المصاعب ومظاهر الموت، لكن يتحايل الفيلم قليلاً على مشاهد الوحشية الشهيرة والمريعة خلال الحرب الأهلية. يستعمل مدير التصوير رونالد بلانت كاميرا محمولة باليد للتنقل بين أصعب المشاهد، وكأن لمحة بسيطة تكفي كي نفهم المغزى.

إنه قرار غير متوقع. حتى أكثر مشهد مؤثر في الحرب، وهو الذي يشمل نهراً من الموت، يمر بسرعة. بل إنه يمر بسرعة فائقة ولكن كافية لإعطاء الأثر العاطفي المطلوب والزخم المناسب. يستعمل المخرج تلك الحدود نفسها لتحسين تلك التأثيرات، تزامناً مع الحفاظ على طابع الفيلم الإنساني بطرق تفاؤلية من دون اللجوء إلى مشاعر رخيصة.

ثمة إشارة إلى العقد الذي أمضاه اللاجئون أثناء نشوئهم في مخيم كاكوما، حيث يشعر جيريمايا بدعوته كي يصبح واعظاً ومامير طبيباً. حين يهبطون في مدينة كانساس، يبدأ الفيلم بالكشف عن جوهره الحقيقي. تقدم كاري يد المساعدة كما يفعل رب عملها جاك (كوري ستول) وعاملة الإغاثة باميلا (سارة باركر)، لكن أبلى المخرجون حسناً في بناء الأحداث كي لا تتخذ قصة اللاجئين منحىً مغايراً.

يبدو أوسينغ مؤثراً بقدر زعيمهم المضطرب. كان الممثل يعمل على المسرح والشاشة منذ أن كان طفلاً (بسبب والدته الأوغندية، عادوا واستقروا في بريطانيا). يُعتبر من مواهب بريطانيا الناشئة، ويُفترض أن يشكل التحول العاطفي الذي يختبره في فيلم The Good Lie بداية جيدة له.

دواني عارض أزياء دولي وقد مثّل للمرة الأولى في فيلمI Heart Huckabees وكان له تأثير على الفيلم. لا يشعر جيريمايا بالخجل من إيمانه. تبدو شخصية جال متناقضة مع شخصية مامير. هو فنان هيب هوب ناجح ويعيش الآن في كندا. يظهر اثنان من أغانيه في الفيلم. لكن في دور بول، تبدو رقصة فرحه لافتة ومتماسكة.

حبكات جانبية

بسبب مشكلة في المعاملات، يتم إرسال أبيتال إلى عائلة في بوسطن وتشكّل الجهود التي يبذلها {الفتيان} للانضمام إليها في مدينة كانساس إحدى الحبكات الجانبية. هناك أيضاً تصبح كاري أكثر تورطاً في حياتهم.

لكن يصبح التفاهم حينها محور الفيلم الرئيس. يحصل ذلك غالباً ويعبّر تصادم الثقافات عن الحياة هنا وهناك. حين يفهمون حقيقة عالمنا (يريد أرباب العمل رؤيتك تبتسم، سواء أردت ذلك أو لم تفعل)، تتغير كاري وجاك أيضاً. تختبر الاختلافات الثقافية العلاقات، والصبر أحياناً، وثمة لحظات من الفكاهة والندم.

لا تبدو اللقطات متناغمة دوماً بقدر ما نتمنى لكن إذا تجاوزنا هذه التفاصيل، فلا شك أن الروحية الدافئة التي يتسم بها فيلم The Good Lie ستكسب قلوبكم.

back to top