روبرت داوني جونيور يُسقِط قناع البطل الخارق في The Judge

نشر في 16-10-2014 | 00:02
آخر تحديث 16-10-2014 | 00:02
عند اختيار الممثلين، ثمة مواصفات أسوأ من «البطل الخارق والذكي». لكن إذا كان الممثل هو روبرت داوني جونيور وتنطبق عليه مواصفات متنوعة، ققد تبدو عملية الاختيار محدودة بعض الشيء. ستيفن زيتشتيك يلقي نظرة على فيلم The Judge.
تدور العجلة سريعاً في هوليوود. بعدما تساءل الجميع منذ ست سنوات عن قدرة داوني على أداء دور بطل خارق، تغير السؤال المطروح تدريجاً وأصبح على الشكل الآتي: {إلى متى سيتابع داوني أداء دور البطل الخارق؟}. بعد أداء دور {الرجل الحديدي} أربع مرات والمشاركة مرتين في أفلام مماثلة عن شخصية شرلوك هولمز، يصبح هذا السؤال مشروعاً.

الممثل الذي انتقل أمام أعيننا من قصة عبقرية إلى أخرى إبلاغية، ثم شارك في قصة عودة إلى الجذور ثم في حكاية مبتذلة، يسعى إلى خوض مرحلة جديدة يصعب وصفها، لكن لا يعني ذلك أن داوني لا يبذل قصارى جهده.

قال داوني: {أول رجل حديدي كان ناجحاً جداً. لكن بدأت شخصية توني ستارك تستنزف نفسها الآن. هي لم تنفصل عني بعد. لكني أدرك أنني بدأت مرحلة التغيير}.

لا يتبع الممثل أي خطة معينة عند اختيار فكرة المشروع المقبل حيث يريد الجمع بين حداثة وحميمية الفصل السابق من مسيرته من جهة ونفوذ الفصل اللاحق منها من جهة أخرى.

الخطوة الأولى ضمن هذه العملية هي The Judge، أول فيلم من إنتاج شركة {تيم داوني} (شركة إنتاج أسسها مع زوجته سوزان منذ أربع سنوات، وتحمل صفة كيان قانوني)، وهو عبارة عن فيلم درامي عائلي تدور أحداثه في المحكمة ويحاول العمل حل المشاكل بطريقة إيجابية.

الفيلم من إخراج الاسم البارز في عالم الكوميديا في هوليوود ديفيد دوبكين (من أعماله فيلم Wedding Crashers). يشمل الفيلم حبكة بارزة على طريقة جون غريشام، لكنه عمل درامي مبني على ثأر بين أب وبين ابنه، وهو غني بالموسيقى الحزينة والمشحونة بلحظات قوية مع روبرت دوفال.

علاقة معقدة

حين يعود المحامي الماهر هانك (داوني) من شيكاغو إلى بلدته الصغيرة إنديانا عند وفاة والدته، سرعان ما يجد نفسه أمام علاقة معقدة مع والده الذي عاش بعيداً عنه، وهو قاضٍ مرموق (دوفال) لكنه يُتَّهم بالقتل ويوكل هانك على مضض بالدفاع عنه.

لا يحذف فيلم The Judge بالكامل غرائز شخصية توني ستارك الاجتماعية لدى داوني. لكنه لا يستعملها دوماً كركيزة في أدائه. وصفت سوزان داوني تجربة مشاهدة الفيلم قائلة: {الأمر يشبه مشاهدة روبرت الذي نظن أننا نعرفه، وهو سريع البديهة وذكي جداً ويتكلم بسرعة، لكنه يخوض رحلة عاطفية حيث لا تفيده هذه الحيل في شيء}.

عبّر داوني عن الأمر بلهجته الخاصة قائلاً: {قد تشعر بأنك تكرر الأداء نفسه، والأمر المضحك أنني أجد نفسي أشتكي، لكن ليس بسبب تفريغ المشاعر لأن القصة الفعلية تكون واضحة المعالم وسرعان ما يتغير منحاها، بل بسبب مسار تطور هذه المواضيع والقواعد بالنسبة لي}.

تابع داوني التحرك أثناء جلوسه على كنبة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، فراح يمدّ إحدى قدميه ويرفع الثانية، وذلك قبل ساعات من بدء عرض The Judge في افتتاح التجمع السينمائي السنوي. في تلك المقابلة وخلال مكالمة بدا فيها أكثر استرخاءً من منزله في لوس أنجليس، يبدو أن هذا الممثل يدرك جيداً صورته والانقسامات التي بثتها بين معجبيه والقلق الذي انتابه بسببها.

عند مقابلته شخصياً، يمكن أن يبدو غير واقعي وأشبه بطفل نظراً إلى حماسته المفرطة. تتحدث عنه الممثلة فيرا فارميغا قائلة: {أحبه كما أحب جرواً أليفاً. يختلق مئات الأفكار ويكلّمك بكل حماسة وينتهي به الأمر بمعانقتك}.

لديه طريقته الخاصة في الكلام، وهي طريقة مباشرة وملتوية في آن. داوني فريد من نوعه: بفضل الشخصية التي يوظّفها بشكل استثنائي على الشاشة، يجد صعوبة أكثر من غيره في التمييز بين شخصيته العامة وحياته الخاصة.

قالت سوزان داوني: {أحد أكثر الأشخاص اتزاناً الذين يمكن مقابلتهم ومحادثتهم. وحالما تشعر بهذه الطريقة تجاهه، لن تتمكن من البقاء على الموجه نفسها معه}.

ثم ضحكت وأضافت: {أظن أنه مصمَّم بطريقة مختلفة مقارنةً بالآخرين وكلما حاول أن يفكر ببساطة، يجد صعوبة في ذلك لأن الأمر ليس من طبيعته. إنها ميزة مثيرة للاهتمام بالنسبة إلى الآخرين. لكني أظن أنها تتعبه أحياناً}.

يقول روبرت داوني عن سوزان داوني الحامل بثاني طفل لهما، وهي مرشدته وتتولى إنتاج المشاريع بطرق عملية في عالم هوليوود: {زوجتي قوية. يظن الناس أنها النسخة النسائية من شخصية {سبوك} وتبدو الشخصية التي تظهر بها أمام العالم مدروسة، لكنها امرأة بديهية ومبدعة.

بدأت سوزان داوني العمل على The Judge وسط جنون سلسلة Iron Man منذ بضع سنوات (طرح دوبكن الفكرة بعد وفاة والدته وظن أن داوني سيكون الرجل المثالي لتجسيد دور رجل حذق)، مع أن الممثل أخبر زوجته في البداية بأنه لا يريد تكرار دور رجل قانون بعد أداء هذا الدور في فيلمTrue Believer ومسلسل Ally McBeal.

أداء عاطفي

ما بين الدراما الثقيلة والكوميديا السطحية، يحمل The Judge صفات متناقضة كانت كفيلة بإنتاج آراء مختلفة عند بعض المشاهدين. ينطبق ذلك على مشهد تدور أحداثه في حمّام وقد سخر منه البعض في تورنتو. في ذلك المشهد، يتعامل هانك والقاضي دوفال المصاب بمرض مميت مع الوضع بطريقة عاطفية، وسرعان ما يعانق هانك والده حين يفقد الأخير السيطرة على وظائف جسمه.

يقدم داوني أداءً عاطفياً في هذا المشهد، ربما لأنه أنتج الفيلم وشارك في تحضيره أو ربما لأنه يتعامل مع هذه المرحلة من مسيرته المهنية بطريقة مختلفة. يقول: {الهدف من العمل أن يبث مشاعر مضطربة وليس التركيز على الجوانب البيانية. يجب أن يكون القاضي شفافاً بالكامل في تلك اللحظة. قد ترتبط أحياناً بعلاقة محتدمة ومثيرة للجدل مع شخص معين وقد تجرحه. لكن في تلك اللحظة بالذات، يحصل أمر مماثل. أعترف بأن هذا الحدث حصل مرات عدة في حياتي بغض النظر عن حدة الخلاف. إذا كان ذلك الشخص مجروحاً، لا مفر من التقرب منه}.

يتعارض The Judge كثيراً مع الأعمال الترفيهية الشائعة في هوليوود المعاصرة ويسهل أن نتخيل أنّ الشخص الذي يريد أن يبتعد قليلاً عن تلك الأعمال من دون المبالغة في طرح مشاريع جدية سيختار هذا النوع من إنكار روح العصر. يتحدى داوني شخصيات توني ستارك وشرلوك هولمز بهذا الفيلم، لكنه لا يفعل ذلك من خلال العودة إلى أجواء فيلم Less Than Zero القوي أو Chaplin الهادئ والساحر في بداية مسيرته، بل من خلال العودة إلى زمن كان فيه الترفيه يتعلق بالمشاعر العاطفية بدل التأثيرات المفرطة. يصف داوني الفيلم باعتباره {استراحة جميلة وطويلة وسط الرأسمالية المطلقة}.

دور مختلف

هل يمكن أن ينجح فعلاً؟ هل يمكن أن يؤدي دوراً مختلفاً عن الأدوار التي شاهدناها حين كانت مهارته وسحره وشخصيته ترتبط بسمعته وصورته في هذا المجال؟

هو وسوزان يظنان أنه يستطيع تحقيق ذلك. فيما تطور شركة {تيم داوني} الجزء الثالث من فيلم {شرلوك هولمز}، ثمة مشروع عن ناقلة {إديانابوليس} البحرية خلال الحرب العالمية الثانية ويتم العمل أيضاً على نسخة جديدة عن شخصية {بينوكيو} فضلاً عن أفلام أخرى يمكن أن ينتجها داوني أو يمثل فيها أو حتى يكتبها، إلى جانب أعمال درامية تلفزيونية تطورها الشركة.

يتحدث داوني عن نفسه وكأنه {يأتي من عالم برودواي حيث ينتهي العرض بعد ليلة واحدة}. وصف لقاءً له مع روبرت ريدفورد حديثاً حيث تكلم ريدفورد عن المعاناة التي عاشها مع أحد الأفلام المستقلة. فردّ داوني قائلاً: {أنا أريد ذلك!}. تقول سوزان داوني: {لديه رؤية فريدة من نوعها وأظن أننا بدأنا نستكشفها للتو}.

أو كما يقول داوني على طريقته: {إنها تجربة مثيرة للاهتمام. ثمة فرصة للتعبير عن قيمتك وثمة رغبة في تعزيز الصورة التي تحملها في هذا القطاع بدل الاكتفاء بالكلام. { سيمر هذا الأمر أيضاً}. لكنّ ساعتي البيولوجية هي التي تتحكم بكل شيء. سأبلغ 50 عاماً قريباً وربما لا أزال أملك بعض القدرات الإضافية في داخلي. الوقت هو الرقم الوحيد الذي يبدو غير قابل للتفاوض}.

ثم توقف عن الكلام لبرهة قبل أن يقول: {من المؤسف أن أهدر أي فرصة تتقدم لي من خلال الاكتفاء بمشاريع موثوقة}.

back to top