وانقلب زياد الرحباني على {حزب الله»

نشر في 02-10-2014 | 00:02
آخر تحديث 02-10-2014 | 00:02
مثلما دخل الفنان زياد الرحباني إلى {حزب الله} بطريقة مريبة خرج منه بأسلوب مفاجئ على {النهج الجنبلاطي}، بعد خلافات يُقال إن جزءاً منها مالي. إنه نفسه، الشيوعي الذي شوهد في مهرجان {الانتصار} (الإلهي) بعد حرب يوليو 2006 على لبنان، وبدأ يناصر {حزب الله} ويكتب في جريدة {الأخبار} الموالية للحزب وخطه.
مرتدياً قبعة الحزب الشيوعي حضر زياد الرحباني مهرجان {انتصار} أقامه {حزب الله} عام 2006 في ضاحية بيروت الجنوبية. بدت القبعة الحمراء غريبة بين قوم يرتدون قبعات زادوها صفاراً على صفار (لون علم الحزب). وبعد ثلاث سنوات، جلس الفنان في الصفوف الأمامية في مهرجان {الوعد الأجمل} الذي أقامه الحزب بمناسبة اختتام أعمال مشروع {وعد} لإعادة إعمار الضاحية.

بعد ذلك، لم يعد مفاجئاً أن تقرأ اسم زياد الرحباني {مزيناً} مقالات في صحيفة الحزب {الأخبار}. حتى إنه أدى دور الوسيط بين الأخيرة وبين الشاعر أنسي الحاج الذي عمل مستشاراً فيها وكتب زاوية أسبوعية، وهو كان أحد الداعمين الأساسيين لزياد الرحباني.

واستفاد {حزب الله} الشيعي من حضور الرحباني في صفوفه {الثقافية الفنية} باعتبار أنه الشيوعي وابن سفيرتنا إلى النجوم فيروز، وأحد أبناء عائلة الرحابنة صانعة هوية الأغنية اللبنانية، كما يقول كثر، وهو الموسيقي المدلل رغم بلوغه التاسعة والخمسين. أثَّر في عقول شباب كثر وجاء بهم إلى صفه في التفكير والممارسة، وهم حفظوا مسرحياته عن ظهر قلب.

 

توريط فيروز

الرحباني الذي أطلق مواقف نارية ضد الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري وسائر قادة 14 أذار، ذهب في المغالاة مع {حزب الله} إلى حد أنه ورّط والدته فيروز في آراء لم تنطق بها، أبرزها قوله إنها معجبة بأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله وبمواقفه. وتسببت له هذه المواقف بإشكالات مع والدته، خصوصاً بعد طوفان تعليقات منتقدة على {فيسبوك}، فيما شعر {حزب الله} باعتزاز لأنه تصيَّد {تأييداً} من نجمة عريقة. أما ريما، ابنة فيروز، فأصدرت توضيحاً نفت فيه ما جاء على لسان زياد.

 والنافل أن فيروز لم تتورط يوماً بمواقف مؤيدة لأحد، فيما وضع {الابن المدلل} والدته حيث لا تريد، متأكداً أن تصرفه هذا يصبّ في مصلحته. وسرعان ما أكمل هجومه على بعض رفاق الأمس عبر إطلالته على شاشة {الميادين}، لمجرد أنهم أبدوا رأيهم في مواقفه. بدا الفنان راضياً مقتنعاً بالحزب على مدى السنوات الماضية. حتى إنه أجرى مقابلة مع تلفزيون {المنار}، ولازم الصمت بعدما اكتشف أن القيمين على البرنامج حذفوا منها مقاطع تقول آراء لا تناسب سياستهم.

عجيب غريب أن يكون الشيوعي المسيحي ابن فيروز (محبوبة الجميع) مناصراً لحزب ديني طائفي! هل هو التمرّد؟ سطر زياد الرحباني أخيراً {خبطة} جديدة شغلت كثيرين. انقلب على {حزب الله}. وعلى هذا يبدو أنه

ما زال في دائرة تمرده، فهو لم يهادن أحداً يوماً، ومعروف أنه في عز ولائه للحركة الوطنية كان ينتقدها في خضم الحرب الأهلية في لبنان.

  خذل الرحباني كثراً عندما اعتذر عن مهرجان {إهدنيات} وغاب عن حفلة {كركة الحج}. وهو لم يخرج منذ 20 سنة بعمل يُضاف إلى رصيده الفني، ويشكل {زيادةً} ما. حتى أعماله التي قدمها لوالدته يتحدث نقاد كثر أن استمرارها جاء بفعل صوت فيروز لا موهبة زياد، لا سيما أن ألحانه لأخريات لم تجد صدى يُذكر.

إلى روسيا

أخيراً، خذل الرحباني أيضاً جمهور {حزب الله}، وبقَّ البحصة بالنسبة إلى الجمهور المقابل، الذي لم يتوان عن الشماتة بالفنان. في تقريرٍ خاص عبر تلفزيون {الجديد}، أكد أنه سيغادر لبنان نهائياً إلى روسيا. المقابلة التي أُجريت على هامش ثلاث حفلات أحياها الفنان في المركز الثقافي الروسي في بيروت تحت عنوان {59 بزيادة} (بلغ 59 سنة)، قال: {سأغادر لبنان. كنت أتمنى أن أغادره وأنا أكثر هدوءاً. أفضل المغادرة على أن يبقى معي مرافقون طيلة الوقت، وهذا ما لم أفعله خلال الحرب».

وتحدث الرحباني عن أن ثمة من قصد التشويش على حفلاته الأخيرة، مشيراً إلى أنه مراقب أمنياً. وأكد أنه في ليلة 23 أغسطس الفائت، وخلال حفلة موسيقية أقامها في بلدة الناقورة الحدودية في جنوب لبنان، طلب من الحاضرين التصوير والعرض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن من بين مئة شخص سجلوا الحفلة، لم نر في اليوم التالي صورة واحدة على الإنترنت.

ولم يخفِ ابن فيروز خلافه مع جريدة {الأخبار}، موضحاً أنه خلال إحدى الحفلات وجَّه رسالة نقدية إلى {حزب الله} تقول: {لم يعد باستطاعتكم أن تغمضوا العيون عن أن ثمة من أسهم في تحرير الجنوب غيركم. ثمة من فجَّر إذاعة {لحد} (فرقة انشقت عن الجيش اللبناني وتعاملت مع إسرائيل). وسُهى بشارة حاربت بلا إعانات من أي دولة... ثمة من زرع العبوات وأفلح برغم طريقته البدائية جداً».

وتمنى الرحباني على {حزب الله} أن يرد، فهو (الرحباني) متهم بالحزب، كما قال، وكثر يعيرونه به. وأكد أن جنوب لبنان ليس كله {حزب الله}، وأن {المعارضين للحزب من الشيعة هناك، يضحكون عليَّ لأنني مسيحي أناصر {حزب الله».

{لا ليست هجرة}، أوضح الرحباني، {سأعمل في الموسيقى، في مكان لا يتضارب مع انتمائي. بدل أن آتي بالفرقة كلها من الخارج إلى لبنان كي أسجّل أغنية، ذهبت أنا إلى الفرقة. لست وحدي من يغادر البلد، الجميع سيغادره. لا نَوى من بلد ينقطع التيار الكهربائي فيه مراراً فتتوقف عن عملك قسراً وتتعطل الآلات. نحن نعيش في البرّية، على شكل إنسان بدائي إنما يرتدي ثياباً من آخر الصيحات ويملك {آيفون 6} فيما لا يجيد استعماله».

وعن سورية قال: {حتى خلال الثورة، سبقتنا سورية مئة سنة. شعب متعلّم ويحترم الآخر ويعمل. نحن شعب لا يحترم بعضه البعض ولا يعمل. من أين ورثنا هذه الأطباع؟ ربما من الفرنسيين».

ولافت أن الرحباني كيفما ذهب يحدث ضجيجاً، له طريقته الخاصة في استحضار الجدل. غاب عن حفلاته الأخيرة، ضحك على الجمهور بمعنى من المعاني وارتضى الأخير أن يستهزئ الفنان به، وما انفك يتابع حفلاته وتصريحاته. هو الشيوعي الذي ناصر حزباً طائفياً ربما من باب الكيدية، والآن يقفز إلى مكان آخر.

انقلب الرحباني على ولائه لـ{حزب الله}، هل الأسباب سياسيّة أم مادية أم شخصية؟ وماذا عن مواقفه التي أطلقها تجاه سورية الثورة، لا سيما أنه أيَّد الرئيس بشار الأسد بممارسته خلال الأحداث الدامية في البلد؟

إن صحَّ ما يزعمه البعض بأن أسباب الفراق مالية، فربما كان العناق للأسباب نفسها!

back to top