الحياة حلوة!

نشر في 02-10-2014
آخر تحديث 02-10-2014 | 00:01
 مسفر الدوسري ذكاؤنا الإنساني يعتمد على قدرتنا على تقاسم الحياة مع من يختلف عنا لا مع من يشبهنا!

لنحيا حياة سليمة لابد أن نحقق مساحة من السلام داخلنا بأقصى ما نستطيع مع أولئك الذين يختلفون عنا ويشاركوننا الحياة رغماً عنا، وليس أولئك الذين يشبهوننا الى الحد الذي يجعلنا نعتقد وكأنما الحياة اصطفتهم إجلالاً لنا!

إذا كنا عاجزين عن التعاطي إلا مع أشخاص يشبهوننا فسينتهي بنا المطاف إلى أن يختار كل فرد منا تابوتاً منزوياً على هذا الكوكب محاطاً بالكائنات السامة والمفترسة والبشاعة، وربما اقتصر هذا التابوت عليه، وسيطلق على التابوت اسم: الحياة!

لو نملك أن نشترط على الحياة للتعاطي معها أن تقتصر الحياة علينا نحن وأناس على مقاس ذائقتنا، فالأكيد أننا سنحظى بحياة يفصل بينها والحياة الواقعية جدار من الزجاج الصلب، يمكّننا من رؤية الحياة بكل تفاصيلها، ولكن يستحيل علينا الاحساس بها أو حتى لمسها، ستصبح الحياة في أفضل أحوالها ليست أكثر من "اكواريوم"!

يهدينا البحر، ولا يمنحنا رائحته، ولا الإحساس برغوة السواحل، ولا امتنان الصيادين، ولا السفر!

هل يمكن تخيل بحر لا يمنح السفر؟!

الذين اختاروا حياة مع من يشبههم فقط، اختاروا بحرا بلا سفر. أقر أن ذلك حل سهل التنفيذ للتعاطي مع الحياة، إلا أنه لا ينمّ عن الذكاء! لأنه ببساطة لن يكلّف الإنسان شيئاً سوى: الحياة! أقصى ما سيحققه ذلك الدرب من نجاح هو: أن تمرّ الحياة، لا أن نعيشها!

باعتقادي أن أي درب لا يؤدي إلى أن نعيش الحياة، لابد أنه يعاني خللاً فادحاً في بوصلته! إن الله منح الإنسان نافذة الخيال ليس ضامنا لحريته فقط، ولكنها أيضاً مخزون إضافي يمكن اللجوء إليه للعيش حياة أطول من الحياة الفعلية إذا أراد!

ذلك كرم منه، ليس من اللائق أن نتلقى هدية من كريم، وكل ما يمكننا فعله تجاه هديته تلك هو أن: نتّقيها!

أعتقد أن السبب في وقوعنا في هذا الخطأ الفادح أننا اعتبرنا الحياة هدية! اعتبرنا الحياة هدية شخصية لا يستحقها سوانا!

وسوانا هذا هو كل من لا يشبهنا! أظن أن علينا أن نعكس الآية ونفهم أننا نحن هدية شخصية للحياة، خيط رفيع بين الوهم والخيال، لعلنا أضعنا الخيط واختلفت الجهات، لعلنا إن استيقظنا من الوهم نعرف أننا نحن من قًدّمنا للحياة، وليست الحياة التي قُدمت لنا، نحن الراحلون وهي الباقية، هي من تضع الشروط ونحن المفاوضون، ومن شروط الحياة التي لم تقبل الجدل منذ أن خلقت البسيطة، أن هناك "آخرين" فيها، فلا جدوى من ضياع العمر في هذه الحياة من أجل إلغاء هذا الشرط، لذا فإن أنجح المفاوضات مع الحياة في نظري تلك التي انتهت بما يضمن أن نعيش الحياة محفوظة حريتنا وآدميتنا بسلام مع الحياة كما هي، لا كما تشتهي أنفسنا، على أن يتضمن الاتفاق مع الحياة إجراء التغييرات اللازمة لجعلها قابلة للعيش أكثر... للجميع، وأكثر حلاوة!

back to top