كتب سيئة مسيئة!

نشر في 23-09-2014
آخر تحديث 23-09-2014 | 00:01
مسألة تحبير المواد الصوتية والمرئية وتحويلها إلى كتب مطبوعة، صارت اليوم شيئا روتينيا عند أغلب الدعاة والمحاضرين والمدربين المشهورين، ولا غبار على هذه النقطة، لكن الغبار الكثيف والخانق يكمن في أن الكثير من هذه الكتب هو من الرداءة بحيث إنه لا يساوي قيمة الورق الذي طبع عليه.
 د. ساجد العبدلي في إحدى المكتبات منذ مدة، ولا أدري لماذا، التقطت من فوق الرف كتابا لأحد الدعاة المعروفين، بالرغم من أني لم أكن يوما من متابعي أنشطته أو ممن يحرصون على اقتناء كتبه أو أشرطته، لا لشيء أحمله ضده شخصيا، إنما فقط لأنه تخصص في مخاطبة شريحة معينة باستخدام لغة معينة، ولست بالذي ينتمي إلى هذه الشريحة ولا ممن يتجاوبون مع هذه اللغة، والحقيقة أنني لم أجد إلى هذه اللحظة تفسيراً لذلك، أعني التقاطي للكتاب من فوق الرف، اللهم إلا ألوان غلافه الذي كان مصمما ببراعة وإتقان، وأيضا صورته بابتسامته "المحترفة" التي كانت تحتل وسط الغلاف. التقطت الكتاب وتصفحت بضع صفحات متفرقة منه، فأدركت من الوهلة الأولى أنه ليس سوى تحبير مباشر لمادة صوتية، أي أنه نص تمت طباعته بناء على سماع مادة مسجلة صوتية.

مسألة تحبير المواد الصوتية والمرئية وتحويلها إلى كتب مطبوعة، صارت اليوم شيئا روتينيا عند أغلب الدعاة والمحاضرين والمدربين المشهورين، ولا غبار على هذه النقطة، لكن الغبار الكثيف والخانق يكمن في أن الكثير من هذه الكتب هو من الرداءة بحيث إنه لا يساوي قيمة الورق الذي طبع عليه، فكثير من هؤلاء المشاهير قد ينتجون في العام كتابين أو ثلاثة وأحيانا أكثر من ذلك، الأمر الذي لا يمكن أن يتوافق أبدا مع ما يعرف عن انشغالهم الدائم بنشاطاتهم الدعوية والتدريبية والإعلامية، والسر في ذلك في الغالب هو أن هذه الكتب ليست سوى مواد صوتية مسجلة تم تحويلها إلى كتب على يد أناس تم استئجارهم لأداء المهمة، ولا مشكلة في هذا كما ذكرت، طالما أن المادة قد أعيد إنتاجها بشكل جيد ومتقن وتحويلها من كلام مسموع إلى كلام مكتوب يصلح للقراءة على هيئة كتب، لكن المزعج أن بعض هؤلاء الأجراء لا يكلف نفسه سوى طباعة ما سمعه كما هو، وقد لا يكون فهم أصلا ما سمعه في الأشرطة ليأتي المطبوع ركيكا هزيلا مقطع الأوصال مليئا بالأخطاء.

يأتي الكتاب من هذه الكتب حاملا على صدره اسما، وأحيانا كثيرة صورة لداعية أو محاضر أو مدرب شهير رنان السمعة حتى يضمن لنفسه مساحة تسويقية وانتشارا أكيدا، في حين يعج في داخله بأفكار مهلهلة مفككة لا تعرف أولها من آخرها، ولا مبتداها من منتهاها.

الدافع طبعا من وراء هذا العبث، أو لنكن من الصراحة بحيث نقول هذا التحايل والتلاعب وهذا النصب الثقافي، هو الرغبة في المزيد من الكسب والاستنفاع المادي، ولا مشكلة عندي أيضا في أن يكتب الإنسان كتبا بغرض أن يتكسب من ورائها مادياً فهذا حق مشروع، لكن المشكلة كل المشكلة أن يستغل انبهار الناس بهالة شهرته لتسويق مثل هذه الكتب الركيكة التي تسيء إلى عالم الكتب!

back to top