العامري يتطاول على مقدسات كردستان

نشر في 20-09-2014
آخر تحديث 20-09-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر من الأمور التي كانت ولا تزال مثار سخرية عند الشارع الكردي موضوع توزيع الأدوار الذي مارسته حكومتا المالكي بين أعضاء دولة القانون طوال السنوات الثماني الماضية، فهذا اختصاصه الإدلاء بتصريحات ضد السنّة العرب لإثارة الأزمات معه، وآخر لإثارة الأزمات مع إقليم كردستان العراق، وفي الأغلب كانت هذه التصريحات مضحكة تثير الشفقة على الحال التي آلت إليها العملية السياسية في ظل مراهقي السياسة، فعالية نصيف مثلا وظفت للتصريح ضد الكرد مع زميلتها حنان فتلاوي وصاحبة نظرية سبعة مقابل سبعة، وفي وقت من الأوقات أقحم الصهود معهم للغرض نفسه، أما اليوم فيبدو أن المهمة ستوكل لوجوه جديدة في حكومة العبادي وقد افتتح باب التصريحات هادي العامري هذه المرة.

فبعد أن استعادت قوات البيشمركة مدينة آمرلي من سيطرة عناصر "داعش" وسلمتها على طبق من ذهب لجيش المالكي والميليشيات التابعة له بمساعدة الطيران الأميركي والإيراني، يبدو أن هادي العامري زعيم ميليشيا بدر قد اندمج أكثر مما ينبغي مع (الدور) وتخيل أنه هو فعلا من حرر آمرلي، فبدأ بالإدلاء بتصريحات أقل ما يقال عنها أنها سمجة تعبر عن هذيان السياسي العراقي، فبعد أن اعترفت القوى العظمى بقدرات البيشمركة القتالية وقدرتهم على تحطيم أسطورة "داعش"، بعد أن فشل الجيش السوري المدعوم روسيا وإيرانيا في التصدي له، واستطاعت قوات البيشمركة الانتصار عليه، بعد كل هذا يأتي العامري ليدلي برأيه حول مؤسسة البيشمركة العريقة في تصريح لفضائية كردية، ويصفها بأنها مؤسسة كارتونية.

 إن كانت مؤسسة البيشمركة فاشلة وكارتونية فماذا يمكن أن نقول عن جيش المالكي علاوة على الميليشيات التابعة له كميليشيا بدر التي يتزعمها هادي نفسه؟

 دعونا نبين ما يمثله العامري في العراق حاليا، لنعرف وزنه السياسي والفكري وإمكاناته العسكرية ونعرف أن تصريحاته هذه لا تتعدى جدران القاعة التي كان يصرح منها.

- هادي العامري يعتبر زعيم ميليشيا شكلت في إيران، لم تكن تتعدى مهمتها الحشد المعنوي للعراقيين الهاربين من الخدمة العسكرية في زمن صدام حسين، وجمع التبرعات والمساعدات، إضافة إلى بعض المهام الإعلامية والاستعراضية.

- لم تسعف إمكانات العامري المتواضعة بعد الألفين وثلاثة أن يتولي مناصب مهمة في الحكومة العراقية، حتى منصب وزير النقل والمواصلات الذي استلمه مؤخرا كان بدعم مباشر من المالكي (لمآرب تكشفت فيما بعد)، وبمعرفة التباين الكبير بين الاختصاصين (زعيم ميليشيا) ووزير النقل والمواصلات يمكننا اكتشاف افتقار هذا الشخص إلى التحول لرجل دولة حقيقي.

- بعد فشل هادي في إدارة شؤون تلك الوزارة وفضائحه التي أزكمت الأنوف فيها، لم يجد أمامه أفضل من فرصة دخول "داعش" إلى المدن العراقية، كي يستغلها ويملأ النقص الذي يعانيه، وللظهور بمظهر المقاتل مرة أخرى، وهذا ما يفسر إصراره على الظهور في الفضائيات والإعلام بالزي العسكري أكثر من أي زعيم ميليشيا عراقية آخر في هذه الفترة.

هناك نقطة تجدر الإشارة إليها وهي دخول العامري مدينة كركوك قبل يومين، ولقاؤه محافظ المدينة نجم الدين كريم، والمؤتمر الصحافي الذي عقده فيها، حيث تناول فيه موضوع المناطق المستقطعة من إقليم كردستان وحتمية خروج قوات البيشمركة منها، ولم نعرف على أي أساس يسمح لزعيم ميليشيا الدخول إلى كركوك بشكل رسمي وعقد مؤتمر صحافي بهذه التصريحات فيها، فموقعه الميليشياوي لا يؤهله كي يُستقبَل من المحافظ، وبالطبع فهو لم يذهب الى المدينة بصفته وزيرا للنقل والمواصلات ليسمح له التحرك فيها كما يشاء، فمهما حصل يبقى الرجل زعيم ميليشيا ضمن ميليشيا أخرى تابعة للمالكي هربت من المواجهة مع "داعش" بدشاديشها، تاركة خلفها كميات كبيرة من الأسلحة هدية لأفراد هذا التنظيم.

  بأي حق يسمح زعيم ميليشيا لنفسه بتقييم مؤسسة عسكرية أرقى من الجيش الذي يعمل هو تحت إمرته؟ إن مؤسسة البيشمركة لا تعنيها كثيرا هكذا تصريحات ولا تعنيها هذه الشطحات، ويكفي أن انتصاراتها كانت سببا في رفع معنويات بعض المسلحين التابعين للعامري والمالكي، وباتوا يعرفون في العالم أن البيشمركة رأس الحربة في محاربة الإرهاب، في حين تعرف ميليشيا المركز بأنها الميليشيا التي أهدرت كرامة العراقيين بهزائمها المتلاحقة حتى الآن أمام الإرهاب أمنيا وعسكريا.

* كردستان العراق - دهوك

back to top