زاوية سرداب : الفكر التصميمي... منهج لتطوير المجتمع

نشر في 19-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 19-09-2014 | 00:01
 يارا الأديب لمواكبة طلبات المستهلك المتعددة بألوانها واشكالها اليوم، تحول السوق إلى ميدان تتنافس فيه الشركات كي تحصل على رضى وولاء المستهلك. وأجبر هذا التنافس العديد منها على أن تستثمر قدراً كبيراً من الوقت والموارد والطاقة في البحث والتطوير (research and development) للتعمق في احتياجات وسلوك المستهلك والتقدم والتغيرات في التكنولوجيا، مع الأخذ في عين الاعتبار البيئة التنافسية المحيطة بها.

وساعد هذا في تقدم خدمات ومنتجات فريدة من نوعها في السوق، حسب حاجات المستخدم المعاصر. هل الأسواق العربية مستعدة للتنافس على هذا المستوى؟ وهل الأفراد وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي مستعدون للخوض في هذا التطور؟

إلى جانب البحث والتطوير، يجب أن يكون هناك استعداد للابتعاد عن القواعد التقليدية والمغامرة في مجالات جديدة وغامضة، وفي بعض الحالات الاستعانة بمصادر خارجية، والتعاون يمكن أن يوفر الوقت والطاقة في جلب الأفكار المبتكرة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تملك الوقت والخبرة في البحث والتطوير. وقبل أن تصبح الشركات الصغيرة والمتوسطة ضمن إطار عمل ناجح لا بد أن ننتقل إلى مرحلة نشوئها التي تسمى «ستارت-إب» (startup).

إن الشركة الناشئة حديثا تعمل على ابتكار حلول قد تمكن من حل المشكلة. على الرغم من ازدهار الشركات الناشئة اليوم، فالكثير منهم لم يستطع الاستمرار بعد بضعة أشهر من الإطلاق، فسر الشركات الناشئة هو عنصر المجهول. فلذلك، مع إقامة التجارب والمحاولات المتكررة تأتي الحلول، والتعلم من التكرار عنصر حي وأساسي لأي بداية عمل. في هذه الحالة منهج الفكر التصميمي يلعب دوراً أساسياً في ايجاد الحلول بطريق إبداعية.

ما الفكر التصميمي؟ كثر الحديث في السنوات الاخيرة عن موضوع التفكير التصميمي او Design Thinking وعلاقة هذا النوع من التفكير بعالم ادارة الاعمال والانتاج والاستثمار وغيرها من مجالات الاعمال المختلفة. التفكير التصميمي هو مصطلح يشار من خلاله إلى الطرق الممنهجة والأساليب العملية التي يتبعها المصممون لتحليل وحل المشاكل التصميمية، بالإضافة إلى المشاكل في المجالات اخرى غير التصميمية. فقد استخدم هذا المنهج في ادارة كبرى المؤسسات العالمية وساهم بشكل فعال في نجاح تلك المؤسسات، وخير مثال على ذلك هو عملاق التكنولوجيا ابل (Apple). التفكير التصميمي يتكون من إيجاد توازن صحيح بين احتياجات ورغبات الناس، والجدوى الفنية والتجارية والتطبيق التكنولوجي.

التفكير التصميمي عملية إبداعية تقوم على أساس «بناء» الأفكار. ولا يمكن الحكم على التفكير التصميمي في بدايته. وهذا يقضي على الخوف من التعبير، ويشجع على طرح عدد كبير من المداخلات والمشاركات في مرحلتي التخيّل (envisioning) ووضع النموذج المبدئي (prototype). ويُشجَّع هذا المنهج على التفكير خارجَ الصندوق في هذه العمليات المبكّرة، لأنّه غالباً يقود إلى حلول مبدعة.

وتعتمد عناصر التفكير التصميمي على خلق العاطفة لمعرفة الجمهور المستهدف، واختبار وتجربة كل شيء مرة تلو الاخرى وعدم القبول بما هو اقل من الافضل، والتركيز على خبرة وتجربة المستهدف (user experience)، ولا ضير في الفشل او التكرار على ان يتم هذا بوقت مبكر مع التعلم والاستفادة من هذا الفشل (trial and error).

منهاج الفكر التصميمي يبدأ (١) بجمع المعلومات عن الحالة القائمة والناس المستهدفين، هذه المرحلة تخلق علاقة عاطفية مع المستهدفين وتنشأ معلومات جديدة لم تكتشف من قبل. بعد التعمق بالحالة والمستهدفين ينبغي (٢) ربط المعلومات، من حيث المحاولة لربط جميع النتائج للوصول إلى معنى جديد، هذا يشكل صورة أوضح عن موضوع العمل. بعدها ننتقل (٣) لاستخراج الفرص حيث يعمل على توليد أكبر عدد من الأفكار، من خلال العصف الذهني (brainstorming) سواءً كانت أفكارا واقعية أم بعيدة عن الحقيقة. توليد الأفكار يفضل أن يكون بين مجموعات تتألف من أشخاص من خلفيات مختلفة (multi-disciplinary groups). فقط الأفكار الانجح والأقرب للتنفيذ تنتقل إلى المرحلة التالية، (٤) وهي تنفيذ الحل، إذ هنا تتحول الفكرة غير الملموسة إلى نموذج ملموس وأقرب إلى الواقع. ولكن هذه المرحلة تتطلب الكثير من التكرار واعادة التنفيذ مع المجموعة المستهدفة لإيجاد الحل المناسب والمدروس.

يوجد اليوم فرصة للاشتراك في ورشة عمل من إعداد يارا الأديب، مصممة الخدمات الحاصلة على شهادة في التصميم الغرافيتي من الجامعة الأميركية في بيروت وشهادة الماجستير في تصميم الخدمات والابتكار الاجتماعي من جامعة بوليتكنيك في ميلانو، إيطاليا.

وتقام هذه الورشة أيام 18 و19 و20 سبتمبر الجاري بعنوان «الفكر التصميمي: منهج لبداية عمل ناجحة» في سرداب لاب، مجمع دسمان، بالتعاون مع «نقاط».

back to top