سفينة أوباما تغرق

نشر في 18-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 18-09-2014 | 00:01
 مايكل غودوين مع تصاعد السخط غداة قطع رأس أميركيَّين وتراجع نسب التأييد سريعاً في استطلاعات الرأي، اضطر الرئيس أوباما لطمأنة البلد في الأسبوع الماضي إلى أنه يخطط لمجابهة "الدولة الإسلامية"، لقد قام بجزء مما يجب فعله، لكنه مجرد جزء بسيط، لذا يظن معظم المحللين العسكريين أن توسيع الضربات العسكرية لن يكون قراراً كافياً لمضاهاة حجم وأسلحة الجيش الإرهابي، لكنهم يغفلون عن المغزى الحقيقي، فلم يكن ذلك الخطاب المتفكك يتعلق فعلياً بالإرهاب وإطلاق حرب جديدة، بل كان يتمحور حول إنقاذ عهد أوباما.

بدأ أوباما يغرق بسرعة وقد يتجاوز قريباً نقطة اللاعودة، ربما فات الأوان أصلاً لإنقاذ عهد أوباما، إذ كانت الولاية الثانية كلها عبارة عن سلسلة من الكوارث، فقد أدى الخليط السام من الأكاذيب بشأن برنامج "أوباما كير" والنمو الاقتصادي المتوسط والانهيار العالمي العنيف إلى التشكيك في أداء أوباما، وبعد مرور ست سنوات على عهده، لم يتحقق شيء من الوعود.

في وقت سابق، كان الرئيس يستطيع استعمال شاشات القراءة لكسب تأييد الرأي العام أو كبح الأضرار على الأقل، لكن زال سحر خطابه منذ فترة طويلة، ولم يحصل ذلك حصراً لأن الرأي العام ما عاد يكترث بما يقوله، فهم ما عادوا يكترثون لأنهم اتخذوا قرارهم بشأنه، وهم لا يثقون به ولا يظنون أنه زعيم جيد.

الأمر الأكثر خطورة هو أنهم يشعرون بتراجع الأمان مقارنةً بالوضع السائد حين تولى الرئاسة، فيعلم الأميركيون أن الحرب على الإرهاب لم تنتهِ، بغض النظر عما يزعمه الرئيس.

ظهرت هذه النتائج في سيل من استطلاعات الرأي الحديثة التي تعكس قرار الشعب بحجب الثقة عنه، لقد زعزعت تلك النتائج البيت الأبيض لدرجة دفعته إلى تعليق منح العفو العام لملايين الوافدين غير الشرعيين في محاولةٍ لحماية المرشحين الديمقراطيين من غضب الناخبين في شهر نوفمبر... كان ذلك الانسحاب التكتيكي ضرورياً لكنه لا يغير الحسابات الأساسية، فمشكلة الرئيس هي أنه أخطأ في التعامل مع جميع القضايا الكبرى. لم تكن رؤيته العالمية وسياساته وأحكامه المسبقة وعاداته تعكس تطابقاً بين البلد وحاجاته، حتى إنه فشل في مجالٍ كان يبدو فيه الشخص الأنسب كي يحسّن الوضع: العلاقات العرقية. يظن 10% من الناس فقط أن العلاقات العرقية تحسنت في عهده، في حين يعتبر 35% منهم أنها تدهورت وفق استطلاع أجرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فلا داعي لنقول إن أي تغيير لم يحصل في مختلف الملفات.

إنها نتيجة صادمة لكنها غير مفاجئة، فلم يكن باراك أوباما مستعداً ليصبح رئيساً ولا يزال غير مستعد، ولا يمكن أن نتخيل أنه سيقدم أداءً بارعاً في آخر سنتين من عهده.

الصورة التي ستطبع عهده هي استمتاعه في ملعب الغولف بعد دقائق على إلقائه خطاباً روتينياً حول قطع رأس جيمس فولي، فهذا السلوك كشف أمام الولايات المتحدة والعالم أنه رئيس فارغ، وما من طريقة للإغفال عن ذلك الفراغ.

يعني ذلك بحسب رأيي أننا على شفير مأساة، ومن المنطقي أن نفترض أنّ أسوأ السيناريوهات الممكنة بشأن الأمن القومي ستزداد بوتيرة تصاعدية، ويبدو عجز أوباما فريداً من نوعه لدرجة أن خصومنا وأعداءنا يدركون حتماً أنهم لن يواجهوا مطلقاً رئيساً أضعف منه، فهم يفترضون على الأرجح أن الرئيس المقبل سيتخذ مقاربة أكثر صرامة لحماية المصالح الأميركية وسيكون مصمماً على عقد التحالفات أكثر من الرجل المعزول الذي يحتل المكتب البيضاوي اليوم.

بالتالي، يعلم كلٌّ من فلاديمير بوتين وإيران والصين و"الدولة الإسلامية" و"القاعدة" وأي عدد آخر من الطغاة والإرهابيين أنهم يستطيعون التحرك وتحقيق مصالحهم خلال سنتين، وأن المقاومة في وجههم ستكون محدودة، إذا وُجدت أصلاً. بما أن أوروبا تخلت عن قوتها العسكرية كي تدفع تكاليف دول الرفاهية فيها، فإن ذلك يعني أن معسكر الغرب كله أصبح خصماً ضعيفاً ومرتبكاً ويسهل اختراقه، ويمكن أن تدوم الخرائط التي أُعيد رسمها ومجالات النفوذ المتوسعة طوال أجيال.

ثمة احتمال طبعاً في أن تقف الولايات المتحدة وراء الرئيس الذي يواجه الأزمات، وستتعدد الأصوات التي تطالب بذلك، لكن يتطلب الإجماع الوطني رئيساً يستطيع الاستفادة من مخزون النوايا الحسنة وكسب ثقة الناس بِحسّه القيادي.

رئيسنا لا يتمتع بهذه الصفات.

* نيويورك بوست

back to top