لمصلحة مَن وقف برنامج «الأوفست»؟

نشر في 15-09-2014
آخر تحديث 15-09-2014 | 00:01
إيقاف العمل ببرنامج «الأوفست» بسبب عدم رضا الشركات الأجنبية عنه غير مقنع، حيث إنه من الطبيعي أن تحاول الشركات الأجنبية التهرب من إلزامها باستثمار نسبة 30% من قيمة الصفقة في السوق المحلي، وخلق فرص تدريب وتوظيف للعمالة الوطنية، أو أنها تحاول على الأقل تخفيض هذه النسبة بغية تعظيم أرباحها.
 د. بدر الديحاني يُلزم نظام "الأوفست"، الذي تعمل به 120 دولة في العالم، الشركة الأجنبية الفائزة بعقود عسكرية قيمتها 3 ملايين دينار أو أكثر أو بمناقصة حكومية كبيرة (10 ملايين دينار وأكثر) باستثمار نسبة 30% كحد أدنى من قيمة المناقصة في السوق المحلي مع شركاء محليين، وذلك في مجالات البنى التحتية، ونقل التكنولوجيا إلى السوق المحلي، وتوفير فرص التعليم والتدريب للمواطنين في الكويت والخارج، ودعم برامج الكويت للمساعدات الخارجية، وقد أنشئت في عام 1992 الشركة الوطنية للأوفست كشركة مساهمة مقفلة مملوكة للدولة، حيث بدأت عملها في أواخر 2006.

وكما هي العادة فقد فشلت الحكومة في إدارة الشركة، ولم تُحسن استخدام إيرادات "الأوفست" حيث حصلت تجاوزات مالية وإدارية كثيرة، وبدلاً من أن تقوم الحكومة بتقييم أداء الشركة وإصلاحها جذريا ومحاسبة المتجاوزين بحيث يعزز البرنامج من الإيرادات غير النفطية، قررت الأسبوع الماضي وقف العمل بالبرنامج، وهو ما يشكل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني، حيث بلغت قيمة مشاريع "الأوفست" بحسب المعلومات المتاحة أكثر من 100 مليون دينار، لماذا تم تجميد البرنامج هذه المرة؟ يجيب وزير المالية عن ذلك بالتالي: "يجب أن نعيد النظر فيه، فكثير من الشركات الأجنبية انتقدت البرنامج وأبلغوا الكويت أن المشروع غير مشجع؛ ولهذا السبب جمّدناه كي لا يحول دون مجيء تلك الشركات". (الجريدة 9 سبتمبر 2014).  

إذاً سبب إيقاف العمل ببرنامج "الأوفست" هو عدم رضا الشركات الأجنبية عنه، وهو سبب غير مقنع، حيث إنه من الطبيعي أن تحاول الشركات الأجنبية التهرب من إلزامها باستثمار نسبة 30% من قيمة الصفقة في السوق المحلي، وخلق فرص تدريب وتوظيف للعمالة الوطنية، أو أنها تحاول على الأقل تخفيض هذه النسبة بغية تعظيم أرباحها.

بعبارات أخرى فإن تجميد برنامج "الأوفست" أتى، كما صرّح وزير المالية، استجابة لطلبات المستثمرين الأجانب من أجل تعديل الالتزامات التي يفرضها عليهم نظام "الأوفست" بالرغم من الضرر الواضح الذي سيصيب الاقتصاد الوطني من جراء ذلك، ولا سيما أن قرار الحكومة قد أتى في وقت حرج للغاية، حيث تتعرض أسعار النفط إلى هزات عنيفة جعلتها تنخفض بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية لتقترب من معدل التوازن في الموازنة العامة؛ ليبدأ بعد ذلك العجز المالي الفعلي، فضلاً عن أن قرار تجميد "الأوفست" ترافق مع التصريحات الحكومية المتكررة عن اختلالات الموازنة العامة وضرورة تنمية الإيرادات غير النفطية، وهو الأمر الذي لا خلاف عليه، فالخلاف يدور حول كيفية تحقيق ذلك.

 وعلى ما يبدو فإن "تنمية الإيرادات غير النفطية" الذي تقصده الحكومة هو تحميل أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية سوء إدارة المالية العامة، وذلك عن طريق إلغاء الدعم الحكومي للسلع والخدمات، أو تخفيضه بشكل كبير، وفرض رسوم جديدة وزيادة الرسوم الحالية أو فرض ضرائب غير مباشرة على الدخل، مثل ضريبة القيمة المضافة.

back to top