«إنسان افتراضي» يكشف آليات أساسية في ارتفاع ضغط الدم

نشر في 02-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 02-09-2014 | 00:01
يستخدم العلماء بانتظام نماذج الكمبيوتر بغية فهم المسائل المعقدة من توقع المناخ إلى تصميم السفن والسيارات. وها هم يستخدمون اليوم هذه المقاربة أيضاً لتعميق فهمهم لجسم الإنسان، وخصوصاً أسباب ارتفاع ضغط الدم.
يسمح استخدام قدرات الحوسبة المختلفة بغية إعداد {إنسان فيزيولوجي افتراضي} (نماذج إلكترونية لها أوجه جسدية عدة مما يتمتع به الإنسان) للعلماء والباحثين بتطوير فهم أعمق حول طريقة عمل الجسم، سواء كان سليماً أو سقيماً. يكشف مقال نُشر أخيراً في مجلة PLOS Computational Biology مدى قدرة هذه المقاربة. فقد أظهر الباحثون كيف يبرز الشريان المتصلب أسباب ارتفاع ضغط الدم.

يرتبط ارتفاع ضغط الدم ارتباطاً كبيراً بالسن ويصيب أكثر من مليار شخص حول العالم. لكن الأطباء لا يستطيعون توضيح كامل أسباب 90% من كل الحالات. لكن نموذجاً إلكترونياً {لإنسان افتراضي} يشير إلى أن تصلب الشرايين وحده كافٍ للتسبب بارتفاع ضغط الدم.

يوضح كلاي بترسن، باحث من الجامعة النرويجية لعلوم الحياة وباحث بارز في الدراسة التي نُشرت أخيراً في مجلة PLOS Computational Biology: {تشير اكتشافاتنا إلى أن تصلباً للشرايين يمثل هدفاً علاجياً كبيراً. ويُعتبر هذا مناقضاً تماماً للنماذج القائمة التي تعيد ارتفاع ضغط الدم إلى خلل في وظائف الكليتين}.

خلل في مستقبلات الضغط

يشكل ارتفاع ضغط الدم أحد أبرز أسباب الأمراض والوفاة لأنه يجعل الأشخاص أكثر عرضة لقصور القلب، السكتة الدماغية، ومرض القلب.

عندما ينتقل ضغط عبر الشريان الأبهري من القلب، تستشعر مجموعة خاصة من الخلايا في جدار الشريان تُدعى مستقبلات الضغط في ذلك الجزء من جدار الشريان، وترسل إشارات بهذه المعلومات إلى الجهاز العصبي.

إذا كان ضغط الدم مرتفعاً جداً، تبعث هذه الخلايا إشارات أقوى ويعمل الجسم على خفض ضغط الدم. ولكن إذا تصلب الشريان الأبهري، كما يحدث عادةً مع التقدم في السن، لا يعود هذا الجزء منه بالفاعلية ذاتها عند قياس ضغط الدم، كما كان سابقاً. نتيجة لذلك، قد يرتفع ضغط دم الشخص، إلا أن مستقبلات الضغط تفقد قدرتها على إرسال الإشارات بالقوة الضرورية. فلا يتلقى الجسم الرسالة المناسبة ليعمل على خفض ضغط الدم.

يضيف بترسن: {مع تصلب الجدار بسبب التقدم في السن، تصبح أجهزة الاستشعار هذه أقل قدرة على إرسال إشارات تعكس بدقة ضغط الدم. ويتوقع نموذجنا الحسابي التأثيرات الكمية لهذه العملية في ضغط الدم}.

علاج جديد محتمل

يذكر ستيغ و. أومهولت، محقق بارز في مشروع البحث هذا من جامعة العلوم والتكنولوجيا النرويجية: «إذا اتضحت صحة طرحنا، سيتحول تصلب الشرايين ومستقبلات الضغط إلى محاور مهمة في معالجة ارتفاع ضغط الدم وتطوير أدوية وأجهزة طبية جديدة».

تمكن العلماء، باستخدام بيانات تجارب مثيرة للاهتمام ونماذج عن شرايين الناس المسنين، من التأكيد كمياً أن تصلب الشريان الأبهري يؤدي، مع التقدم في السن، إلى تقديم مستقبلات الضغط معلومات خاطئة إلى الجهاز العصبي المركزي بشأن ضغط الدم، ما يحول بالتالي دون ضبط هذا الضغط وخفضه بفاعلية. فضلاً عن ذلك، قورنت توقعات هذا النموذج ببيانات من دراسة نورد-ترونديلاغ الصحية، التي تشمل معلومات عن التاريخ الصحي لنحو 47 ألف شخص، بما فيها عينات دم من 65 ألف شخص.

يشير أومهولت من جامعة العلوم والتكنولوجيا النرويجية إلى أن هذه الدراسة تشكّل مثالاً حسناً عن كيفية فهم الأمراض البشرية المعقدة باستخدام نماذج حسابية، ما يتيح لنا فرصة تطوير إستراتيجيات علاج أفضل بكثير. ويُعتبر أومهولت باحثاً بارزاً في مؤتمر الإنسان الفيزيولوجي الافتراضي الذي سيُعقد في سبتمبر 2014 في منطقة تروندهايم.

يذكر أومهولت: «إذا أردنا النجاح في تطوير طب وقائي، تفاعلي، واستباقي يتمناه كثيرون، فلا بديل عن بناء روابط متينة بين علوم الحياة، علوم الرياضيات، والهندسة عبر كامل طيف البحث الأساسي، الانتقالي، والتطبيقي. ولا شك في أن النماذج الرياضية عن فيزيولوجيا الإنسان ستكون في قلب هذا التطور».

back to top