الأسد لم يقاتل «داعش» من قبل

نشر في 01-09-2014
آخر تحديث 01-09-2014 | 00:01
بسط تنظيم «داعش» سيطرته على مناطق كبيرة تابعة للثوار في سورية، مناطق كانت خارج سيطرة النظام منذ سنة إلى ثلاث سنوات، فكيف يستطيع الأسد، مثلاً، محاربته اليوم في الرقة أو دير الزور؟ وهل يقاتل السكان المحليون إلى جانب النظام؟.
 ذي ناشيونال تتجاهل فكرة أن الرئيس السوري بشار الأسد قد يكون شريكاً في القتال ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) واقعاً أساسياً: شكّل الأسد عاملاً أساسياً في ظهور "داعش" في سورية وخارجها، فعندما استولى الإسلاميون المتطرفون على الرقة، المحافظة الأولى التي سيطر عليها الثوار بالكامل، كان من اللافت للنظر أن النظام لم يتبع السياسة ذاتها التي طبقها في أماكن أخرى، فلم يمطر المناطق المحررة بالقنابل ليل نهار.

لم تلقَ الرقة المصير ذاته كما دير الزور، وحلب، وحمص، ودرعا، وسرعان ما سيطر "داعش" على المحافظة، وطلى المباني الحكومية بالأسود، وحولها التنظيم إلى قواعد له؛ لذلك كان من السهل تحديد قواعد هذا التنظيم طوال سنة ونصف السنة، وفي أماكن أخرى سمح الأسد لـ"داعش" بأن يكبر وينتشر، فقد راح النظام يشتري منه ومن المجموعات المتطرفة الأخرى النفط، بعد أن فقدَ السيطرة على معظم حقول النفط ومحطات الغاز في البلد.

قد يعتبر البعض أن استراتيجية الأسد شكّلت لعبة مريبة، وأنه ما إن يضمن بقاءه حتى يصبح في موقع ملائم لمواجهة هذه المجموعة، ولكن حتى هذا الطرح يتغاضى عن تفاعلات أساسية: إذا أراد الأسد حقاً محاربة "داعش" اليوم، فلا تفوق قدرته على ذلك قدرة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حين سيطر "داعش" على ثلاث محافظات عراقية، وبسط هذا التنظيم سيطرته على مناطق كبيرة تابعة للثوار في سورية، مناطق كانت خارج سيطرة النظام منذ سنة إلى ثلاث سنوات، فكيف يستطيع الأسد، مثلاً، محاربة "داعش" اليوم في الرقة أو دير الزور؟ وهل يقاتل السكان المحليون إلى جانب النظام؟ هذا مستبعد، نظراً إلى أن الناس دانوا تقارير عن أن الولايات المتحدة تنوي توجيه ضربات ضد "داعش" في سورية، متجاهلة في الوقت عينه فظائع النظام طوال ثلاث سنوات.

تقضي مقاربة أكثر حذراً باعتبار ظهور "داعش" خطراً طويل الأمد لا يمكن التصدي له إلا بواسطة مناورات مضادة تبدأ من الأساس صعوداً، ولا تشكّل قوى المعارضة شريكاً محتملاً فحسب، بل تُعتبر أيضاً عنصراً مهماً في القتال ضد "داعش"، فهم مَن يقاتلون هذا التنظيم منذ الصيف الماضي، وقد طردوه من إدلب، ودير الزور، ومعظم حلب والمناطق المحيطة بدمشق، لكن كلفة هذا الإنجاز جاءت باهظة: أكثر من 7 آلاف شخص قُتلوا، ويجب أن تكون الحرب ضد "داعش" جزءاً من عملية سياسية وعسكرية أوسع تشمل النظام والمعارضة من دون الأسد.

* حسن الحسن، باحث في برنامج الشرق الأوسط وجنوب إفريقيا التابع للمعهد الملكي للشؤون الدولية.

back to top