سيدة القاعدة : المطلوبة الأولى في العالم!

نشر في 01-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 01-09-2014 | 00:01
No Image Caption
أرادت حركة {طالبان} مقايضتها بالرقيب بيرغدال، وعرضت {الدولة الإسلامية} مبادلتها بالصحافي فولي... لماذا تريد كل جماعة جهادية أن تحرر الولايات المتحدة عافية الصديقي؟ منذ سنتين، تلقى مسؤولون أميركيون في مجال الأمن القومي اقتراحاً محيّراً من المسؤولين في باكستان. إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لإطلاق سراح امرأة باكستانية تقضي عقوبة سجن طويلة في تكساس بتهمة محاولة القتل، ستحاول إسلام أباد تحرير الرقيب بو بيرغدال المفقود منذ 2009 لأن قوات طالبان تحتجزه في باكستان، بحسب الادعاءات المتداولة.

وفق المسؤولين الأميركيين الراهنين والسابقين الذين اطلعوا على ذلك الاقتراح، رفض مستشارو أوباما في مجال الأمن القومي العرض فوراً. كان تحرير عافية الصديقي التي ترتبط بتنظيم {القاعدة} وأُدينت في 2010 بتهمة محاولة قتل أميركيين في أفغانستان لينتهك سياسة الإدارة التي لا تقدم أي تنازلات إلى الجماعات الإرهابية، بحسب استنتاج المسؤولين. كما أن هذا التحرك كان ليعيد مقاتِلة خطيرة إلى الحرية.

 المطلوبة الأولى

تبلغ الصديقي 42 عاماً، وهي معروفة في أوساط مكافحة الإرهاب بـ»سيدة القاعدة»، وقد ارتبطت بالزعيم خالد شيخ محمد الذي شارك في اعتداءات 11 سبتمبر، وكانت في إحدى المراحل المطلوبة الأولى على لائحة الإرهابيين في مكتب التحقيقات الفدرالي.

تعلّمت في الولايات المتحدة ودرست في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ونالت شهادة دكتوراه من جامعة برانديز. اعتُقلت الصديقي في 2008 في أفغانستان وهي تحمل سيانيد الصوديوم، فضلاً عن وثائق تصف كيفية صنع أسلحة كيماوية وقنابل إشعاعية وطريقة استعمال فيروس الإيبولا كسلاح. حين حاول مكتب التحقيقات الفدرالي والمسؤولون العسكريون استجواب الصديقي، أمسكت بسلاح كان على الطاولة في غرفة الاستجواب وأطلقت النار.

لم يفكر المسؤولون الأميركيون يوماً بمقايضة الصديقي جدياً، لكن لطالما كانت ورقة ضغط أساسية في أي صفقة مع الإرهابيين والمقاتلين الإسلاميين الذين جعلوا إطلاقها شرطاً لتحرير سجناء أميركيين وأوروبيين على مر السنين. هدد المقاتلون، بشكل متكرر، بإعدام بيرغدال إذا لم تتحرر الصديقي. وطالب الإرهابيون الذين ينتمون إلى «الدولة الإسلامية» وقتلوا الصحافي الأميركي جيمس فولي في الأسبوع الماضي بإطلاق سراح الصديقي لإنقاذ حياته.

يوم الثلثاء، طالبت {الدولة الإسلامية} مجدداً بإطلاق سراحها، لكن هذه المرة مقابل شابة أميركية عمرها 26 عاماً كانت خُطفت في السنة الماضية في سورية أثناء عملها مع جماعات الإغاثة الإنسانية. يظن المسؤولون أن {الدولة الإسلامية} تحتجز أربعة سجناء أميركيين على الأقل، منهم الصحافي ستيفن سوتلوف. أصر المقاتلون، أيضاً، على تلقي فدية بقيمة 6.6 ملايين دولار مقابل الشابة الأميركية التي فضلت عائلتها عدم الإفصاح عن هويتها. كانت قناة {إيه بي سي نيوز} أول من نقل مطالب {الدولة الإسلامية}.

فيما رفض البيت الأبيض بكل حزم طرح خيار إطلاق الصديقي على طاولة المفاوضات مقابل السجناء الأميركيين، اقترح فريق داخل وزارة الدفاع مقايضتها بالأسرى الأميركيين وفق معلومات مشرّع أميركي.

قال جو كاسبر، المتحدث باسم الجمهوري دانكن هانتر (عضو بارز في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب وعضو سابق في سلاح البحرية كان قد انتقد إدارة أوباما لأنها لم تبذل المزيد لتحرير السجناء الأميركيين): {نحن نعرف طرفاً واحداً على الأقل في وزارة الدفاع طرح خيارات محتملة لمقايضة الصديقي. ويمكن أن نؤكد على أن الخيار كان قيد الدرس لاسترجاع بيرغدال وأسرى آخرين}.

تخفيف الحكم

احتدم الجدل حول صوابية أن تدفع الحكومة الأميركية فدية أو تقوم بمبادلة السجناء لتحرير الأسرى الأميركيين بعد مقتل فولي. لكن على عكس الدول الأوروبية، لا تدفع الولايات المتحدة أي فدية. يقول بعض الخبراء في شؤون الإرهاب إن الأميركيين هم الأقل عرضة للخطف نتيجةً لذلك. لكن يريد بعض السجناء السابقين وعائلاتهم أن تدفع الحكومة المال إذا كانت هذه الخطوة ستحرر الأميركيين.

قال كاسبر إن خيار إطلاق سراح الصديقي مقابل استرجاع بيرغدال لم يصل مطلقاً إلى وزير الدفاع تشاك هايغل: {إنه أمر مؤسف حقاً لأن جميع الخيارات الممكنة يجب استكشافها واستنزافها، سواء كان قرار مقايضة الصديقي صائباً أو خاطئاً}.

أكد كبار المسؤولين في الإدارة أنهم لم يعلموا بأي اقتراح طرحته وحدة البنتاغون بشأن تحرير الصديقي كجزء من التفاوض لاسترجاع الرهائن. كما أن الرضوخ أمر معقد من الناحية القانونية بحسب قول الخبراء. سيضطر أوباما، على الأرجح، إلى إصدار عفو عن الصديقي أو تخفيف الحكم الصادر ضدها لأن الولايات المتحدة وباكستان لا تربطهما معاهدة تسمح للباكستانيين المحجوزين في الولايات المتحدة بإنهاء فترة العقوبة في ديارهم. قال الخبراء إن الإدارة كانت تستطيع ابتكار حل معين، لكن كان ذلك التحرك ليعرّض البيت الأبيض للنقد، على اعتبار أنه يتفاوض مباشرةً مع الإرهابيين.

رغم التفكير لفترة وجيزة بمقايضة الصديقي ببيرغدال، تحرر هذا الأخير في مايو مقابل خمسة سجناء بارزين من طالبان كانوا محتجزين في خليج غوانتانامو في كوبا. تعرضت الصفقة للنقد باعتبارها تعكس تنازلاً للجماعات المتطرفة وتطرح تهديداً أمنياً محتملاً. منذ سنتين، استنتجت وكالات الاستخبارات الأميركية أن أولئك السجناء سيستأنفون الأعمال العدائية ضد الولايات المتحدة، وفق مسؤول سابق شارك في صياغة ذلك التقييم. أصبح السجناء في عهدة الحكومة القطرية التي ستبقيهم تحت وصايتها حتى السنة المقبلة.

اعتبر المسؤولون الراهنون والسابقون أن مقايضة خمسة عناصر من طالبان مقابل بيرغدال تتماشى مع تقليد مبادلة الأسرى في زمن الحرب، وهي جزء من جهود أوسع لبدء مفاوضات السلام مع طالبان بهدف إنهاء القتال في أفغانستان. في هذا السياق، اعتبر المسؤولون أن إطلاق سراح بيرغدال كان مختلفاً في جوهره عن أي مقايضة مقترحة لتحرير الصديقي.

صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كايتلين هايدن، لصحيفة {فورين بوليسي}: {لن أدخل في تفاصيل أي مداولات داخلية مزعومة ولن أتحدث عن الأفكار التي طُرحت في هذه القضية، إذا وُجدت أصلاً}. حُكم على عافية الصديقي بالسجن لمدة 86 سنة بسبب الاعتداء أو محاولة قتل مواطنين وضباط وموظفين أميركيين في أفغانستان. بموجب السياسة المعتمدة منذ فترة طويلة، لا تقدم الحكومة الأميركية أي تنازلات إلى خاطفي الرهائن لأن القيام بذلك سيعرّض أميركيين إضافيين للأسر}.

مشهورة في باكستان

أصبحت قضية الصديقي مشهورة في باكستان حيث أدى الحكم الأميركي عليها في 2010 إلى إطلاق احتجاجات عدة. ظهرت ردة الفعل على سجن الصديقي في عناوين مختلف الصحف المهمة. {أدانت المقالات الصحافية الولايات المتحدة واعتبرت أن الحكم ينمّ عن تحيز ضد المسلمين}، كما ذكرت أن إدانة الصديقي {أعادت إحياء ادعاءات مألوفة} عن أنها خُطفت من جانب وكالات الاستخبارات الباكستانية ومكتب التحقيقات الفدرالي، وتم اعتقالها بطريقة غير شرعية في أفغانستان، و}تعرضت لسوء المعاملة الجسدية والنفسية على يد الجنود الأميركيين}.

احتج بعض الباكستانيين أيضاً على حكومتهم {لأنها لم تحرك ساكناً لاسترجاع الصديقي ولم ترفع الصوت أمام هذا الحكم}. أثارت إدانتها انتقادات داخلية لا تزال مستمرة، وهي تعتبر أن الحكومة الباكستانية مقربة جداً من الولايات المتحدة التي أطلقت طوال سنوات ضربات بطائرات بلا طيار على الأراضي الباكستانية بموافقة قادة البلد.

في باكستان، هاجمت مجموعة من المقاتلين تطلق على نفسها اسم {لواء عافية الصديقي} منشآت حكومية انتقاماً لما يعتبرونه محاكمة غير عادلة فضلا عن سجن غير مشروع. اتُّهمت هذه الجماعة المؤيدة للصديقي بتفجير سيارة شرطة في 2012 في بيشاور، ما أسفر عن مقتل ضابطَين، فضلاً عن اعتداء في 2013 على منشأة قضائية، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح أكثر من خمسين. طُرح إطلاق سراح الصديقي في مفاوضات كثيرة لتحرير سجناء أقل مستوى، وليس فقط المواطنين الأميركيين.

في عام 2010، طالبت طالبان بتحريرها مقابل عاملة الإغاثة البريطانية ليندا نورغروف. في السنة اللاحقة، عرض مسؤول بارز في طالبان مقايضتها بمواطنَين سويسريَّين خُطفا في بلوشستان. ودعا زعيم {القاعدة} أيمن الظواهري إلى تحرير الصديقي مقابل إطلاق سراح المتعاقد الأميركي وارن وينشتاين الذي خُطف في باكستان في 2011 وهو الآن في عهدة {القاعدة} وفق المسؤولين الأميركيين.

لا مقايضة

شكك كاسبر، المتحدث باسم عضو الكونغرس هانتر، بأن الصديقي تطرح خطراً جدياً على الأمن الأميركي واعتبر أنها مختلّة عقلياً وتعجز على الأرجح عن تنفيذ الاعتداءات المميتة التي كانت تخطط لها حين اعتُقلت.

أضاف كاسبر: {لو تمّت العملية بالشكل الصحيح، كان يمكن التوصل إلى طرق تضمن نجاح المقايضة}. لكنه اعتبر أن احتمال تحريرها مقابل بيرغدال وغيره لم يُطرح يوماً بالشكل الصحيح {أمام الطرف المناسب داخل وزارة الدفاع}. لكن يتعارض هذا التقييم مع تصريح المسؤولين الأميركيين السابقين الذين أعلنوا أن اقتراح تحرير الصديقي مقابل بيرغدال انهار سريعاً باعتباره غير واقعي. مع ذلك، يبدو أن عناصر {القاعدة} و«طالبان} و«الدولة الإسلامية} لم يفهموا أن الولايات المتحدة لن تقايض العالِمة المسجونة بأحد.

في رسالة نشرتها قناة {إي بي سي نيوز}، قال أحد أفراد عائلة الصديقي إنهم {منزعجون جداً} لأن اسمها ورد في أحدث المطالب المرتبطة بالشابة الأميركية التي تحتجزها {الدولة الإسلامية}.

ذكرت الرسالة: {إذا كان الأمر صحيحاً، نريد أن نؤكد أن عائلتنا لا ترتبط بأي جماعات أو تحركات مماثلة. نحن نؤمن بنضال سلمي ونزيه. إن ربط اسم عافية بأعمال العنف يعارض كل ما نناضل من أجله}.

أضافت العائلة: {نحن نقدّر المشاعر الصادقة لدى جميع الأشخاص الذين يريدون، مثلنا، إطلاق سراح حبيبتنا عافية، لكن لا يمكن أن نوافق على استعمال {أي وسيلة ممكنة} لتحريرها. ولا يمكن أن نقبل بأن تعاني ابنة أو شقيقة شخص آخر مثلما تعاني عافية}.

back to top