الفطور ليس الوجبة الأهم خلال النهار

نشر في 01-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 01-09-2014 | 00:01
No Image Caption
{لِمَ تتناول الفطور؟ ألا تعرف أنها الوجبة الأهم خلال النهار؟}.

في عالم منقسم بشدة حول عادات تناول الفطور، صار كثر ممن يتمتعون بمنطق سليم ينادون بهذه الفكرة، مع أنها ليست صائبة. فلم يعد من المقبول دفع الناس إلى الشعور بالذنب لأنهم لم يتناولوا الفطور، مع أنه من غير المقبول صفعهم!

سددت غريتشن رينولدز من صحيفة نيويورك تايمز، أخيراً، صفعة كبيرة إلى مَن ينادون بهذه الفكرة بواسطة العلم، مستندة إلى دراستين جديدتين. فقد استخلصت: «إن كنت تحب الفطور، فلا بأس. أما إن كنت تفوت هذه الوجبة، فلا مشكلة أيضاً».

هذه خلاصة منطقية، وإن حملت شيئاً من اللامبالاة. ففي السنوات الأخيرة، انقسم علم التغذية حول أهمية الفطور. لكن الأبحاث تتناول موضوع الفطور بدقة أكبر من المنادين بأهمية هذه الوجبة. فتظهر دراستان جديدتان أدلّة تؤكد فكرة أن الفطور ليس {الوجبة الأهم}.

نظرية خبراء التغذية

في إحدى هاتين الدراستين، تناول 300 شخص الفطور أو فوتوا هذه الوجبة. ولم يلاحظ الباحثون أي اختلاف في الوزن الذي اكتسبوه أو خسروه. تذكر الباحثة إيميلي دوراندار أن هذه الاكتشافات تشير إلى أن الفطور «قد يكون مجرد وجبة عادية كغيرها». وتقر بتاريخها الطويل في دعم ضرورة تناول الفطور، مضيفة: «أعتقد أنني لن أزعج زوجي مجدداً وأصر على تناوله الفطور».

علاوة على ذلك، اكتشفت دراسة صغيرة أخرى في جامعة باث أن معدلات الكولسترول، معدلات الأيض في حالة الراحة، ومعدلات السكر في الدم ظلت ذاتها بعد ستة أسابيع من تفويت وجبة الفطور. فقد تناول مَن فوتوا هذه الوجبة كميات أقل خلال النهار، مقارنة بالفئة الأخرى، مع أنهم حرقوا أيضاً سعرات حرارية أقل أيضاً.

أخبر جيمس بيتس، محاضر بارز في جامعة باث رينولدز: {قلما أتناول الفطور. ولعل هذا ما دفعني إلى إجراء هذا البحث. فلا ينفك الجميع يؤنبونني ويصرون على أهمية تناول هذه الوجبة}.

من الأمور التي تعلمتها بصفتي صحافياً يعد عموداً صحياً أن غنى البحث الأكاديمي يعود إلى أثآر شخصية، بعضها أكثر فائدةً من غيره. وفي جوهر هذا الانقسام حول الفطور نرى ظاهرة تُعرف بين خبراء التغذية بـ}التأثير المقترح للفطور في السمنة}. تقول هذه الظاهرة إن مَن لا يتناولون الفطور ينتهي بهم المطاف إلى استهلاك كمية أكبر من الطعام و/أو يتناولون طعاماً أقل جودة خلال النهار، لأن صيامهم الليلي لم ينتهِ بطريقة مناسبة.

دعم بعض الدراسات هذه الفكرة، إلا أن تحليلاً شاملاً السنة الماضية للأبحاث المتوافرة التي أعدها باحثون متخصصون في مجال السمنة كشف أن {الأهمية التي يعلقها العلماء على هذه الظاهرة تتخطى ما تدعمه الأدلة العلمية}، وذلك بسبب تدني جودة الأبحاث والتحيز في إعدادها.

بالإضافة إلى ذلك، شجعت دراسة أخرى أعدها باحثون في كورنيل، السنة الماضية، الناس على عدم تناول الفطور. فمن يفوتون هذه الوجبة يتناولون كمية أقل من الطعام خلال النهار.

فرضيتان منقسمتان

وفي تقرير ثالث نُشر في يوليو 2013 ( شهر يعتبره الباحثون في مجال الفطور تاريخاً مميزاً لكثرة الأبحاث التي صدرت فيه)، أكدت دراسة كبيرة في مجلة جمعية القلب الأميركية Circulation أن تناول الفطور يرتبط بتراجع كبير في خطر التعرض لمرض القلب. وتبقى هذه الدراسة حتى اليوم الدليل الأكثر إقناعاً على ضرورة تناول الفطور.

يكتب ديفيد كاتز، الذي كان آنذاك مدير مركز غريفين لأبحاث الوقاية في جامعة يال: {أرفض أن تطغى فكرة الضرورة والحتمية على المناقشات التي تتناول الفطور. فتفويت هذه الوجبة قد يعني أموراً مختلفة}.

يطرح كاتز مجموعة إضافية من المعضلات الفلسفية: {تميل الأبحاث بشأن الفطور إلى تقسيم العالم إلى مَن يفوتون هذه الوجبة ومَن لا يفوتونها. لكن إرجاءها وتفويتها مختلفان تماماً. فتفويت هذه الوجبة، رغم الجوع ، مختلف كل الاختلاف عن إرجائها رغبةً في ذلك. ومن الواضح أن وجبات الفطور المختلفة ليست متساوية}.

على سبيل المثال، تقترح رينولدز: {قد يكون إعداد فطور جيد سهلاً وسريعاً، فيكفي أن تصب قليلاً من الحليب على كوب من حبوب الفطور. لكن تفويت الفطور أفضل بكثير من استهلاك معظم أنواع حبوب الفطور التي تحتوي كمية كبيرة من السكر}. إلا أن دراسة أخرى من كلية الطب في هارفارد لاحظت أن مَن يتناولون على الفطور حبوب الفطور الكاملة ينعمون بمعدلات أدنى من الداء السكري ومرض القلب، مقارنة بمن لا يتناولون الفطور.

إذا دخلت ذات مرة موقع المعلومات الصحية الأكثر قراءة على الإنترنت WebMD، تلاحظ مقالاً يدّعي بتفاخر {لمَ الفطور أهم وجبة في النهار؟}، ويركز خصوصاً على الأولاد. فيجزم هذا المقال أن الأولاد يقدمون أداء أفضل إن تناولوا الفطور. غير أن هذه مبالغة، وخصوصاً أن هذه الخلاصة ليست واضحة. كما يذكر كاتز، {لا نملك معلومات وافرة عن المراهقين، عن فوائد الفطور في حالة الأولاد الذين يحظون بتغذية سليمة، وعن الدور الذي يؤديه تبدّل تركيبة الفطور}.

لكن هذه المناطق الرمادية لا تحسم أمر فرضيتين منقسمتين عميقاً. لنفترض أن في العالم نوعين من الناس: مَن يتناولون الفطور ومن لا يتناولونه. وإذا كنت ممن يفوتون هذه الوجبة، فقد تشعر أن المنادين بأهميتها يضغطون عليك. وقد تكون الطريقة الفضلى للردّ عليهم تكرار ما ذكره بيتس:

{نحتاج إلى تجارب دقيقة  كثيرة لنفهم كاملاً تأثير الفطور}.

أو كدعابة: {إذا كنت تحب الفطور إلى هذا الحد، فلمَ لا تتزوجه؟} أو بوجه جاد: {لا تخبرني كيف علي أن أعيش حياتي}.

back to top