إنّها إيزيس.. إطلالة ملونة على ملامح المرأة المصرية

نشر في 31-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 31-08-2014 | 00:01
استضافت نقابة التشكيليين بدار الأوبرا بالقاهرة، معرض «إنها إيزيس» للفنانة المصرية جيهان سعودي، تضمن مجموعة من اللوحات المجسدة لملامح المرأة المصرية عبر عصور متتالية،  وحضره  فنانون ونقاد ومحبو الفنون الجميلة.

لفتت الفنانة جيهان سعودي إلى تجسيدها للتنوع والثراء الحضاري في «إنها إيزيس»، تروي كل لوحة قصة مصرية بملامح فرعونية، نوبية، أو شعبية في أسلوب فني واقعي، وتناغم بين المضمون وجماليات الإبداع التشكيلي.

أبرزت سعودي أصالة المرأة المصرية، واستلهمت أسطورة «إيزيس» بدلالاتها الوجدانية الراسخة، وامتداد دورها التاريخي خلال المراحل المصيرية، وتشكيل رؤي بنائية عبر حوار الألوان ورمزية الشخصية ذات الجذور الحضارية.

الحياة المصرية

استكملت جيهان سعودي رحلتها الإبداعية في خصائص الحياة المصرية، ومغامرة التجريب باللون والفكرة، واستعادة أصداء فنون التراث الشعبي، واستخدام خامات مجسدة للحالة الشعورية، والتوترات الانفعالية لشخوص لوحاتها.

تميزت لوحاتها السابقة برؤية واعية لمفهوم التراث، واستلهام الذاكرة البصرية لطقوس وعادات وثيقة الصلة بالمجتمع المصري، ووشائجه العربية، ما زالت حاضرة في مناسبات عدة، وتتجلى خلالها مظاهر احتفالية في الريف والمدينة.

ضم المعرض  24 لوحة جسدت روح {إيزيس} التي لملمت جسد {أوزوريس} وأنجبت ابنها { حورس}، وتميزت كل لوحة بلمسات تأثيرية مبهجة، وحكاية ملونة بألوان الأكليريك والمائية والخامات البارزة والحفر، وامتزاج بين الأطر الكلاسيكية والحداثية.   

استعادت جيهان سعودي أصداء أعمال الرواد مثل محمود سعيد وصلاح طاهر، واستكملت رحلة البحث في ملامح المرأة بلمسة أنثوية، وتجسيد لتكوينات الجسد والعلاقة بين عناصر اللوحة، واستحضار تيمات تراثية مثل الأطر ذات الزخارف الفرعونية والعربية.

كذلك  تضمنت اللوحات رسالة تنويرية، رافضة اعتبار المرأة سلعة جسدية، ومتخطية حاجز ذكورية المجتمع، وتهميش الأنثى، فاستنهضت روحاً ثائرة على القيود، وأخيلة لشخصيات تاريخية مؤثرة على الصعيدين المصري والعربي.

التخييل والواقع

أشاد الحضور بأسلوب سعودي المتناغم بين التخييل والواقع، واستحضارها لمحات من التراث الفرعوني والإسلامي، والتناسق بين المضمون والألوان المبهجة، ودلالة اختيار { إيزيس} كرمز للمقاومة والخصوبة.

شكلت اللوحات صورة متكاملة لمشاهد تاريخية متعاقبة، واحتفت بعنصري المكان والزمان وحضور المرأة بملامحها الدالة على معطيات عصرها، ودورها الفاعل كأم وزوجة وصاحبة رسالة في مجتمعها.

جسدت إحدى اللوحات ملامح امرأة نوبية وتمثالاً لقط وخلفية تجريدية، وتناسقاً بين المدلول الحركي وشموخ الجسد وتثبيت الكف على رأس القط، وما يحمل المشهد من استلهام لفكرة التمثال الشهير {نهضة مصر} للنحات  محمود مختار.  

كذلك  تزاوج التشكيل بالحس الكاريكاتوري الساخر في بعض اللوحات، ولغة السرد بالفرشاة، وتتابع ملامح الوجوه الأنثوية بخصائصها البيئية، ومنها لوحة لامرأة يحيطها إطار مزدان بالزخارف، والتباين الصارخ بين اللونين الذهبي والأزرق.

استطاعت سعودي أن تعيد إنتاج الموروث الفني بلغة متفردة، وأسلوب تميز بالاشتباك بين الواقعي والأسطوري، وتمرس على فن {البورتريه}، والتقاط تفاصيل الحياة المصرية، وملامح الوجوه في عصور مختلفة.

موديل كلاسيكي

بدت اللوحات معارضة لمفاهيم راسخة عن التعامل مع {الموديل} ككائن يشي بالجمال، فتخلت عن حيادية الملامح إلى قسمات تعكس الحالة الشعورية للمرأة من غضب وحزن وفرح وتحد للقيود ورفض الانكسار.  

وفي لوحة {بورتريه} تبدو سيدة مغمضة العين، تكسو ملامحها مسحة من جمال هادئ، وقسماتها تشي بحزن وكبرياء، تتشح بغطاء رأس ملون، ويظهر قرطها الفضي، ويتلون وجهها بلون الأرض الخضراء، فيبدو كخارطة للخصوبة والنماء.

{إيزيس}  خرجت في لوحات جيهان سعودي من إطار {الموديل الكلاسيكي} إلى رؤية للمرأة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وميراث من القهر والمقاومة، والإصرار على الحضور الفاعل، وعدم الاستكانة لحملات الإقصاء، وتمكينها من العطاء في المجالات كافة.  

ويعد {إنها إيزيس} تراكما لخبرات تشكيلية قطعتها جيهان سعودي خلال 12 عاما من الإبداع، وتراوحت بين فضاء الريف والمدينة والأجواء الشعبية، والتوثيق لتاريخ الحياة المصرية، والانتماء لخصوصية التراث الفرعوني والعربي.    

يذكر أن {إنها إيزيس} هو المعرض الرابع للفنانة جيهان سعودي بعد ثلاثة معارض منفردة: {مشاهد ريفية} (2002)، {فرشاة تمطر مصريات} (2009) بأتيليه القاهرة، و{القاهرة ميراث ثقيل} بساقية الصاوي بالقاهرة (2010).

وللفنانة مشاركات عدة في معارض جماعية ومهرجانات فنية منها: {شخصيات رمضانية} و{فرحة مصري}، ولها مقتنيات خاصة لدى أفراد ومؤسسات في مصر وخارجها.  

back to top