الاقتصاد الصيني المرن... رهان على الطبقة المتوسطة والصادرات

نشر في 30-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 30-08-2014 | 00:01
No Image Caption
أسواق العقار في الصين ضعيفة وذلك يؤثر في الإنتاج الصناعي، ولكن المبيعات الخارجية مرنة، وكذا الحال بالنسبة إلى الاستهلاك في أوساط الطبقة المتوسطة في الصين، ومع انخفاض معدل التضخم وتحديد جهود التحفيز حتى الآن فإن لدى حكومة بكين فرصة لعمل المزيد من أجل دفع النمو الاقتصادي في البلاد.
 Tom Orlik  هل يتدفق اقتصاد الصين بغزارة أم يتعثر مثل بقايا طبق ساخن من الأمس؟ المعلومات الرسمية تفتقر في الغالب إلى الصدقية، كما أن بدائل قاعدة البيانات المتنامية المتعلقة بالمؤشرات– التي تختلف من مبيعات المتجر ذاته في دجاج كنتاكي إلى مبيعات الشقق في أكبر المدن– توفر طريقة مختلفة لفهم الأوضاع في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفيما يلي لمحة عن المعلومات التي طرحت في هذا الصدد:

تبرز المخاوف الرئيسية حول الاقتصاد الصيني في النصف الثاني من سنة 2014 عبر الانكماش في القطاع العقاري، ويهدد تراجع عمليات البناء بتداعيات على الطلب تشمل كل شيء من الفولاذ إلى الأثاث، وترسم الأرقام الرسمية صورة محبطة قاتمة، مع هبوط المبيعات في شهر يوليو الماضي، وكذلك الأعمال في مشاريع جديدة، وتشير المؤشرات البديلة من الوكالات العقارية في القطاع الخاص إلى الاتجاه ذاته، وتظهر إحصاءات مؤسسة معلومات العقار في الصين أن المبيعات في أكبر 30 مدينة في ذلك البلد انخفضت في الشهر الماضي بنسبة 45 في المئة محسوبة على أساس سنوي.

وتنعكس تأثيرات التباطؤ في سوق العقار بحدة على القطاع الصناعي، وتشير المعلومات الرسمية إلى أن الزيادة في إنتاج المعامل قد تراجعت، كما أن إنتاج الكهرباء الذي يعتبره رئيس الوزراء لي كيغيانغ "مقياساً" للنشاط الاقتصادي يشير إلى فتور في إنتاج المصانع، وقد تراجع إنتاج الكهرباء إلى معدل نمو سنوي بلغ 3.3 في المئة خلال شهر يوليو الماضي، وهو أشد تباطؤاً في أكثر من سنة.

ويعتبر البعض أن الكهرباء تمثل دليلاً راسخاً على صحة أوضاع الصين الحقيقية، وفي حقيقة الأمر فإن أي شيء يراوح من هبوط تكييف الهواء إلى انقطاع الإمدادات قد يفسر الأرقام المتدنية التي تحققت في شهر يوليو الماضي.

تراجع الاستهلاك

وتوجد أيضاً مؤشرات على تراجع الاستهلاك في البضائع الراقية، وقد هبطت مبيعات المجوهرات في هونغ كونغ وكذلك عوائد كازينوهات ماكاو– وهما المقياس المستخدم على نطاق واسع لقياس إنفاق الأغنياء في الصين– ومن المغري وضع خط مباشر بين قمع السكرتير العام زي جيبنغ للفساد والهبوط في الطلب على الأشياء الرفيعة والمترفة في الحياة. وعلى سبيل المثال فإن مبيعات شركة "بي إم دبليو" في الصين لا تزال نشطة وهي سمة يصعب أن تتساوق مع التعثر في إنفاق الرفاهية في الصين.

إلى ذلك تظل رواية استهلاك الطبقة المتوسطة في الصين على حالها، وقد حققت مبيعات التجزئة نسبة بلغت 12.2 في المئة محسوبة على أساس سنوي في شهر يوليو، وفقاً لأرقام رسمية، وترسم المؤشرات البديلة صورة مماثلة، حيث يستمر تقدم مبيعات السيارات، ومن المحتمل أن يؤثر تراجع الأنشطة العقارية وهبوط نمو الأجور في ثقة المستهلك الصيني، لكن ذلك لم يحدث بعد.

وتشكل الصادرات نقطة حيوية أخرى، وتقول البيانات الرسمية إن مبيعات الخارج قد ازدادت بأسرع وتيرة منذ شهر أبريل 2013، وتشير المؤشرات البديلة إلى المسار ذاته، كما أن حركة الحاويات في ميناء شنغهاي تسير بوتيرة سريعة، ومع تعافي الاقتصاد الأميركي يتحسن الطلب على المنتجات الصينية أيضاً إضافة إلى أن هبوط قيمة اليوان الصيني خلال النصف الأول من هذه السنة– الذي يخفض عدة سنتات من أسعار البضائع الصينية في الولايات المتحدة– لم يؤثر في الصادرات.

السيطرة على التضخم

ويبدو أن التضخم تحت السيطرة، وتظهر الأرقام الحكومية زيادة بنسبة 2.3 في المئة فقط محسوبة على أساس سنوي في أسعار المستهلكين خلال شهر يوليو الماضي، وهي أقل من المعدل المستهدف من بكين والبالغ 3.5 في المئة لهذه السنة، وتشير المؤشرات البديلة إلى احتمال حدوث هبوط في الأسعار أيضاً، وهو ما أظهرته أرقام مؤشر أسعار التسوق على الإنترنت في شركة علي بابا، ولعل ما يثير القلق هو حدوث انكماش على غرار ما حدث في اليابان، وفي تلك الحالة قد تدفع أكبر منافسة لضغوط على عمليات أون لاين وليس على ضعف الطلب إلى خفض الأسعار.

من جهة أخرى أظهرت الإحصاءات تراجعاً في مستوى القروض في شهر يوليو، وقد انهارت معدلات التمويل الاجتماعي– وهي المقياس الأوسع للائتمان في الصين– إلى أدنى مستوى منذ أزمة بنك ليمان، وأثار ذلك المخاوف من وجود هشاشة في القطاع المصرفي وضعف في الطلب على الائتمان من جانب الشركات، ولكن المؤشرات البديلة ترسم صورة أقل تشاؤماً، والتدفق الأكثر قوة لعروض الاكتتاب الأولي خلال الأشهر القليلة الماضية– مع فتح لجنة تنظيم الأسهم في الصين الباب أمام عمليات إدراج جديدة– يشير إلى طلب قوي على نمو رأس المال.

الهبوط وبرامج التحفيز

وأخيراً، تظهر الأنباء المتواترة أن المخاوف من انهيار وشيك في النمو في الصين قد خفت، كما يبرز بحث عن أنباء حول كلمات تتحدث عن "الصين" و"الهبوط الصعب" هبوطاً إلى 86 حالة في شهر يوليو متراجعاً عن 175 حالة في شهر يونيو، كما أن التغطيات الصحافية تؤكد أيضاً أن الحكومة الصينية حافظت على برامج التحفيز في الفئة الصغيرة، وقد استخدمت أنباء تصل إلى أكثر من 1000 كلمة "الصين" و"تحفيز" في شهر يوليو مقارنة مع 2900 كلمة في شهر مارس من سنة 2009، عندما تباهت الحكومة بخطة إنفاق 4 تريليونات يوان.

وتحولت المعلومات الرسمية في الصين إلى هدف سهل للانتقاد، وبعد أكثر من عقد من الإصلاحات في مكتب الإحصاءات الوطني غدت نسبة كبيرة من تلك الانتقادات غير مبررة ولا أساس لها، ويظهر استعراض لأفضل الأرقام البديلة المتاحة قصة مشابهة بقوة لتلك التي وردت عبر الإحصاءات الرسمية. أسواق العقار ضعيفة، وذلك يؤثر في الإنتاج الصناعي، ولكن المبيعات الخارجية مرنة، وكذا الحال بالنسبة إلى الاستهلاك في أوساط الطبقة المتوسطة في الصين، ومع انخفاض معدل التضخم وتحديد جهود التحفيز حتى الآن لدى حكومة بكين فرصة لعمل المزيد من أجل دفع النمو الاقتصادي في البلاد.

back to top