برلين تنمو على وقع هجرة البطالة الإسبانية والإيطالية

نشر في 30-08-2014 | 00:04
آخر تحديث 30-08-2014 | 00:04
No Image Caption
اعتاد سكان برلين في السنوات الأخيرة قدوم أعداد كبيرة من المهاجرين على رحلات جوية متدنية التكلفة في نهاية كل أسبوع. ومع تفاقم البطالة في بلدانهم قرر هؤلاء البقاء في ألمانيا. ويرون في برلين وجهتهم للحصول على عمل.
يظهر التجول في حيي كروزبيرغ ونيوكولن في برلين، انتشار اللكنة الاسبانية الايبيرية في المقاهي والحانات وحلقات الأصدقاء وفوق جسور القنال. وقد تشكل الكلمات التي يمكن سماعها تأثيرا فاعلا على مستقبل المشهد التقني في ألمانيا.

لقد اعتاد سكان برلين في السنوات الأخيرة قدوم مجاميع كبيرة من المهاجرين على رحلات جوية متدنية التكلفة في نهاية كل أسبوع. ومع تفاقم البطالة في بلدانهم قرر هؤلاء – والعديد منهم من العمال المهرة في ايطاليا واسبانيا – البقاء في ألمانيا. ونتيجة لعدم رضاهم عن ظروف العمل في أوطانهم يرون في برلين وجهتهم للحصول على عمل، وخاصة في الشركات حديثة النشأة.

وقد انتقلت لوسيا بايو (27 سنة) الى برلين من ليغانيس وهي مدينة قرب مدريد قبل حوالي سنتين. وتعمل لوسيا وصديقها بابلو، وهو من اسبانيا أيضاً، مطورين لدى شركة «فيوتشريز» لتقنية المعلومات. تقول لوسيا بايو إن وظائف المطورين في اسبانيا أسوأ من حيث الراتب وبيئة العمل. وتضيف: «عندما ذهبت الى معرض للمهن في جامعتي كانت رواتب عروض العمل التي حصلت عليها في ألمانيا تراوح بين 40 و45 ألف يورو، بينما تراوح في اسبانيا بين 18 ألف و25 ألف يورو لنوع العمل ذاته». وتضيف بايو ان «الشركات في اسبانيا تضغط على الموظفين للعمل ساعات أطول من دون أجر، وتبلغك تلك الشركات انك اذا رفضت العمل فهناك خمسة أشخاص غيرك على استعداد للعمل حسب طلبنا».

وفي إيطاليا أيضاً

ويصف غيسيب كولوتشي (29 سنة) حالة مماثلة في ايطاليا، ويقول إن العديد من أصدقائه يعملون مثل موظفين طليقين أو بعقود مؤقتة. وقد جاء الى برلين قبل أكثر من ثلاث سنوات ووافق في الآونة الأخيرة على العمل كمدير محاسبة لدى «غريتكونتنت» وهي موقع يربط بين الكتاب والشركات التي تحتاج الى نصوص.

وترسم أرقام التوظيف صورة قاتمة في ايطاليا. ان 12.3 في المئة من السكان هم من العاطلين عن العمل، وترتفع النسبة الى 43.7 في المئة بين فئة الأشخاص دون سن الخامسة والعشرين، وذلك بحسب وكالة الاحصاء في الاتحاد الأوروبي (يوروستات). كما أن الوضع أكثر سوءاً في اسبانيا حيث يعاني البطالة 24.5 في المئة من العدد الاجمالي للسكان و53.3 في المئة من فئة الشباب.

وتشتهر لندن وبرلين بين العاملين في البرمجة بكونهما من أعلى المدن الأوروبية بالنسبة الى الشركات حديثة النشأة. ولكن بالمقارنة مع الأسعار العالية في لندن تعتبر برلين بالغة الرخص. المهاجرون الايطاليون والاسبان لا يأتون بالضرورة بعروض عمل، ولكن تكاليف المعيشة متدنية بما يكفي بحيث يتحملون البقاء حتى العثور على وظيفة. ويعمل البعض منهم في وظائف في صناعة الخدمات في غضون ذلك.

ونظراً لأن تلك الدول كلها جزء من الاتحاد الأوروبي يستطيع المواطنون فيها العمل بحرية في أي بلد فيه من دون الحاجة الى القلق ازاء التأشيرة أو قيود الهجرة الأخرى. وبالنسبة الى العديد من المهاجرين الذين يعمدون الى الاختيار بين المملكة المتحدة وألمانيا فإن شهرة برلين مثل مكان للرياضة للبالغين تجعل الكفة تميل الى صالحها.

وقد أنشأ بابلو فيلالبا (28 سنة) تطبيق «8 فيت» وهو من تطبيقات الهاتف الجوال للياقة البدنية والتغذية وقد انتقل من برشلونة الى برلين في شهر مايو الماضي، ويوافق على أن تأسيس شركة في برلين أرخص لكنه يقول إنه هنا بسبب نمط الحياة في المدينة. ويضيف القول: «أنا أحب برلين. وهنا يوجد العديد من المواطنين الدوليين، وهي تعج بالحياة على مدار الساعة».

مشاعر غير متبادلة

وعلى الرغم من ذلك فإن المشاعر ليست متبادلة تماماً، نظراً لأن العديد من الألمان يعترضون على التغيير في وضع الحي نتيجة قدوم المهاجرين. ويقول خافير رينكون الذي أسس وكالة براودشوغر للخدمات التي تتخذ من برلين مقراً لها إن فكرة الألمان الأصلية عن المجتمع الاسباني «لم تكن ايجابية تماماً».

وعلى الرغم من ذلك يحقق البعض من الشركات فائدة مالية من هذا التطور. وتوفر حانات تاباس نكهة تذكر بالوطن حيث تقدم مواقع اخبارية باللغتين الايطالية والاسبانية تستهدف القراء بلغة بلادهم، كما تنشر ملصقات باللغة الاسبانية اعلانات عن دورات باللغة الألمانية. ويقول معهد غوته للغات الذي تنتشر فروعه في شتى أنحاء العالم إنه شهد زيادة في عدد المنتسبين من الطلاب الايطاليين والاسبان في برلين خلال السنوات القليلة الماضية.

وفي اسبانيا أفضت هجرة الشباب الى حدوث نقص في العدد الاجمالي للسكان خلال السنوات القليلة الماضية. وتظهر معلومات من معهد الاحصاء الرسمي في اسبانيا أن أكثر من 79000 مواطن اسباني هاجروا في سنة 2013‘ أي بزيادة بلغت 38.5 في المئة عن السنة السابقة.

وكانت المجموعة المهاجرة من فئة الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 20 و49 سنة. وبحسب مكتب الاحصاء الفدرالي الألماني ارتفع عدد المواطنين الاسبان الذين تم تسجيلهم كمقيمين في ألمانيا من 105،526 في سنة 2008 الى 135،539 في 2013. وتقول السفارة الاسبانية في برلين إن العدد الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك نظراً لأن العديد من الأشخاص لا يسجلون اقامتهم. ولاحظت السفارة أنها شهدت زيادة في عدد المواطنين الاسبان في المدينة خلال السنوات الأخيرة.

هجرة العقول

ويقول العديد من الاسبان في صناعة التقنية في برلين إن تلك الأرقام تعكس هجرة العقول من اسبانيا. وتقول لوسيا بايو: «الذهاب للعمل في الخارج يجب ان يكون خياراً شخصياً، وليس شيئاً تضطر الى القيام به. وفي الوقت الراهن الوضع أقرب الى الخيار الأخير».

ويوافق كولوتشي على أن البعض من الناس يأتي الى برلين بقصد التجربة والخبرة، لكنه يقول إن الوضع المالي في ايطاليا هو الحافز الرئيسي «وتنتقل الأكثرية لأنها تشعر بنوع من اليأس».

ويأمل رينكون في أن يفضي نجاح مشاريع المغتربين في برلين الى تغيير الفكرة عن المهاجرين في ألمانيا وأن يعلم ذلك الناس في اسبانيا النظر الى ما هو أبعد من النظام الموجود في أعمالهم المهنية. ويقول: «من الجيد أن يظهر العامل المجد أننا نضيف قيمة».

وذكرت بايو الشهرة التي اجتذبت العديد من أبناء بلدها الى ألمانيا: «برلين واحدة من أرخص المدن في أوروبا. وهي كبيرة وشابة، وفي وسعك الحصول على عمل في شركة حديثة العهد وهو شيء أكثر متعة من العمل في شركة كبيرة لأنك تكون أكثر قرباً من العمل والناس».

back to top