نصف حياة... غربة داخل الوطن وخارجه

نشر في 29-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 29-08-2014 | 00:01
No Image Caption
«نصف حياة» عنوان رواية صدرت حديثا للأديب عمر المنوفي عن دار الرواية للنشر في مصر، ترصد رحلة كدح المواطن المنتمي إلى صعيد مصر واغترابه داخل الوطن وخارجه من أجل الرزق، وانتهاكه سواء بنهب مقابر الأسلاف أو اغتصاب أبناء العمومة للأرض، والقتل في ليبيا إثر احتيال صاحب العمل الليبي، ثم عودة بطل الرواية مخيباً محبطاً مفلساً بعد تعرضه لخديعة كبرى.

تكتظ ثنايا الرواية بقصص الثأر والهجرة والغربة والقتل والغدر، إنها بيئة طاردة يصنعها النيل ويرفدها، وفي هذا الجو نجد الحضور القوي للنهر وللموت، وللحكايات المتأثرة بأشكال الحكي الشعبي، وقد استطاع الكاتب، في النهاية، أن يضفر الماضي والحاضر في جديلة واحدة، ليقدم رؤية قوية ومتماسكة فنياً، تجسد رحلة الإنسان المصري في إبائه وتمرده وسعيه لتحقيق حلم العيش الكريم.

الرواية مرثية حزينة وغاضبة النبرة،  تتمحور حول وضعية الإنسان المصري ذي التاريخ المجيد، وتتبع مسيرته وجذوره منذ عصر إخناتون وحتى الوقت الراهن في بحثه عن الرزق والأمل،  وتسلط الضوء على مراكز التحكم والقوى الغالبة الشريرة {أتراك، مماليك، إقطاعيين، ولاة ظالمين} من جانب، والأغلبية الكادحة البائسة المهانة، والمستلبة، من جانب آخر.

 تضم الرواية لوحات متتالية ومتعاقبة وموصوفة بدقة وزخم شديدين للحياة في صعيد مصر، قلّما رسمها كاتب من قبل في لغتها وحكاياتها المتراصة وأحداثها، وفي تشخيصها للداء {الجوع والفقر والقهر والإحباط}، حيث إن مكان أحداث الرواية محافظة المنيا، وما يحيط بها من امتدادات مثل منية بني خصيب، وطهنا، وتونة الجبل، والجبل الشرقي، وبحر يوسف، وغيرها.

يمتد زمن الرواية من العصر الفرعوني حتى الوقت الحاضر، أما زمن الشخصيات فهو الزمن النفسي.

تبدأ الأحداث عندما يعود {القمري}، وهو الشخصية الرئيسة، من رحلته الخارجية في ليبيا مهزوماً صامتاً، يلوذ بوحدته بعدما مُني بالخيبة، ورغم أن الخطاب الروائي موجه للقمري من قبل صديقه في كثير من الأحداث، فإن الحديث لا يكون بشكل مباشر، وإنما عبر التذكر والتداعي والاسترجاع، وتجسيد الأحداث في الحاضر رغم حدوثها في الماضي، والمونولوجات الطويلة وحديث النفس.

القمري} سليل الجد المتمرد الذي رفض الانصياع للجبار {الجابري}، ومثلما رفض جده انتهاك المقابر الفرعونية، وبقي ينتظر اللعنة، يترقب القمري أيضاً الغضب ويلوذ بالدين والعزلة بعدما  سُلبت أرضه وسُدت منافذ الرزق في وجهه.

back to top