اجتماعياً... أين نقف اليوم؟

نشر في 24-08-2014
آخر تحديث 24-08-2014 | 00:01
إن كان مخيفا للبعض ما تنضح به التقارير الاقتصادية من أن الفساد والهدر سيوديان بمفاصل الدولة، فإن مشاهدة التردي الاجتماعي الذي يخلق في البيوت ويتغلغل في المدارس ومكاتب العمل و«الشارع السياسي» وهو أوضح وعاء يمكن أن نشاهد فيه الانحدار العام للحوار، ليس بأخطر من ذلك!!
 مظفّر عبدالله أول العمود:

 مفارقة عجيبة وجود مركز للوسطية في وزارة تراقب خطباءها، فإذا كانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تعاقب وعاظها فكيف يمكن الوثوق بمركز يكافح التطرف؟

***

الكل منغمس حتى النخاع في الشأن السياسي، لكن أين يقف الكويتيون اجتماعياً اليوم؟

نادراً ما تطرح قضايا البلد الاجتماعية بجرأة وبعيداً عن السياسة، لا أريد أن أصدر أحكاما ومسميات في وصف حالنا الاجتماعية، لكن يبدو أن الشخصية الكويتية تبدو أكثر تشنجاً وتوتراً اليوم، حاولت أن أجمع بعض الأرقام المخيفة لعدد من المظاهر الاجتماعية المسكوت عنها نظراً لانشغال الناس بالأمور السياسية التي لم تتبدل منذ 40 سنة تقريبا.

70 ألف ملف في الطب النفسي "د. عبدالله غلوم"، 10 آلاف مراجع للصحة النفسية سنويا "د.علي العبيدي وزير الصحة"، 63% من الجرائم سببها مالي "وزارة الداخلية"، انتشار المخدرات في المدارس "د. عبدالمحسن المدعج وزير التربية"، متوسط تمارض الموظفين السنوي 400 ألف يوم بكلفة 7 ملايين دينار "د. معصومة المبارك وزير التخطيط والتنمية".

 هناك أخلاقيات عامة اجتماعية في انحدار مستمر في مؤسسة الزواج من خلال إحصاءات الطلاق المريبة، ويبدو أن أمر استسهال الزواج أحد أسبابها، السفر المتكرر القصير، الحرص على الحصول أو شراء شهادات علمية من الخارج بغرض الترقي الوظيفي أو التظاهر الاجتماعي، تفشي الرشا، التدين الظاهري، حب الظهور و"الفردانية"، انعدام التفكير بالوسائل المفيدة لقتل الفراغ، عدم القدرة على العمل الجماعي (وهي آفة العمل السياسي بالمناسبة).

لا ننكر أن كل هذه المظاهر الاجتماعية متفشية في مجتمع متغير ومفتوح لم نعد نبذل حتى جهدا علميا لتأصيله ليكون نقطة انطلاق لحل بعضها على الأقل، فالشباب الكويتي اليوم يبحث كل بمفرده عن مصلحته ومستقبله دون جهات إرشادية تقوم بدورها المطلوب، ودليل ذلك أن طالب الثانوية يتخرج دون وعي ودراية بالدراسة العليا التي يريدها لمستقبله، وهي مسؤولية تربوية بالدرجة الأولى.

نحن فقدنا القدرة على العمل والإنتاج وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها، ويجب هنا أن ننبش ما يجري في البيوت أولا عبر البحوث العلمية والبرامج الإعلامية الهادفة لا الفضائحية، ومعرفة التغيير الذي طرأ على دور الزوجة والزوج، وما علاقتنا بالدين؟ وما الذي يربط الأبناء بوالديهم؟ وما القيمة التربوية لمناهج التعليم ناهيك عن قيمتها العلمية؟

وإن كان مخيفا للبعض ما تنضح به التقارير الاقتصادية من أن الفساد والهدر سيوديان بمفاصل الدولة، فإن مشاهدة التردي الاجتماعي الذي يخلق في البيوت ويتغلغل في المدارس ومكاتب العمل و"الشارع السياسي" وهو أوضح وعاء يمكن أن نشاهد فيه الانحدار العام للحوار، ليس بأخطر من ذلك!!

نحتاج أن نقف كثيرا أمام أحوالنا الاجتماعية.

back to top