الإيحاء الذاتي... توازنٌ نفسي وجسدي

نشر في 22-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 22-08-2014 | 00:01
No Image Caption
{كل يوم، وفي مختلف الظروف، وضعي يتحسن بوتيرة تصاعدية}! عندما تستيقظ في كل صباح، وقبل أن تنهض من السرير، وحين تستلقي في السرير كل مساء، أغلق عينيك وكرر هذه الجملة عشرين مرة متتالية من دون أن تسعى إلى التفكير في ما تقوله. ترتكز طريقة {كويه} على الإيحاء الذاتي الذي يختلف بشدة عن تقوية الإرادة، فهي تسمح ببلوغ مستوى من التوازن الجسدي والنفسي.

اللاوعي هو سبب وضعنا الجسدي والعقلي. يمكن أن نتواصل مع لاوعينا من خلال مخيلتنا. قد تعطي الصور والتخيلات التي تراودنا آثاراً سلبية ومدمّرة. لكننا نتمتع بحرية التفكير وبالقدرة على تخيل الأمور الإيجابية والممكنة. أدرك إيميل كويه هذا الواقع جيداً وابتكر طريقة الإيحاء الذاتي المعروفة على نطاق واسع. بين {طريقة كويه} و}الفكر الإيجابي} خطوة واحدة.

وفق إيميل كويه، يتعلق العامل الأساسي بالخيال وليس الإرادة بحسب بعض المقولات الشهيرة. يريد المصاب بالأرق أن ينام مثلما يريد المدمن على الكحول أن يتخلص من إدمانه. لكنّ هذه الإرادة لا تكفي. لا تتعلق المسألة بالرغبة في الشفاء بل بتخيل تحقيق الشفاء. تبدو الطريقة التي ابتكرها كويه بسيطة وعملية وسهلة التطبيق ومجانية، ولا ننسى أن احتمالات الإيحاء الذاتي غير محدودة.

يُعتبر إيميل كويه أحد آباء الفكر الإيجابي وهو يعبّر عن طريقته بجملة واحدة ويدعو مرضاه إلى تكرارها عشرين مرة متتالية: {كل يوم، وفي مختلف الظروف، وضعي يتحسن بوتيرة تصاعدية!}.

قصة إيميل كويه

لفهم ظروف ابتكار هذه الطريقة، يجب أن نعرف أن إيميل كويه المولود في فرنسا في 26 فبراير 1857 كان تلميذاً لامعاً وكان يريد أن يصبح عالم كمياء لكنّ وضع والده المادي لم يكن يسمح له بدفع أقساط الدراسة على المدى الطويل. في عام 1882، نجح في نيل شهادة في الصيدلة تزامناً مع العمل في صيدلية. سرعان ما أدرك تأثير الصيدلي على شفاء العملاء. لذا لم يكتفِ ببيع الأدوية وبدأ العمل على ابتكار طريقته. في عام 1902، انتقل إيميل كويه إلى مدينة نانسي حيث استكمل أبحاثه قبل أن يبدأ بتنظيم المؤتمرات في معظم أنحاء العالم. أصبحت {مدرسة نانسي} مرجعاً في مجال الإيحاء والإيحاء الذاتي. في عام 1913، تواصل الشاب شارل بودوان، خريج قسم الفلسفة، مع إيميل كويه. كان قد سمع عن أعماله وأراد تطبيقها في مجال التربية والتعليم. بعد ذلك أسهم شارل بودوان، أول {تلميذ} لإيميل كويه، في زيادة شهرة معلّمه في الخارج من خلال مؤلفاته. كذلك شجّع كويه على المشاركة في مؤتمرات عالمية.

{بائع السعادة}

تشهد طريقة كويه ومفهوم الإيحاء الذاتي تطوراً لافتاً في الولايات المتحدة وألمانيا وروسيا. هي تسهم في إنتاج مقاربات أو تقنيات جديدة مثل الفكر الإيجابي والتخيل والسفرولوجيا وتحليل المعاملات الإنسانية والبرمجة العصبية اللغوية. أصبح كويه، بفضل مفهوم الإيحاء الذاتي، عرّاب {التدريب المعاصر}. توفي {بائع السعادة}، كما هو معروف في الولايات المتحدة، في 2 يوليو 1926 ودُفن في مدينة نانسي.

أسس الفكر الإيجابي

هكذا نشأ الفكر الإيجابي الذي يمكن أن يؤثر فعلياً على حياتنا اليومية وعلى مستقبلنا. حين نفكر بطريقة إيجابية، نرفع مستوى ذبذباتنا، ما يعني تعزيز طاقة المحيطين بنا أيضاً. بالتالي، يمكن أن تنعكس أفكارنا الإيجابية على المحيطين بنا بقدر ما تؤثر علينا.

هل تفكر كثيراً بهمومك ومشاكلك؟ يعني ذلك أنها ستتضاعف تلقائياً. يجب أن تفكر بأهدافك. يستطيع الدماغ أن يحفظ فكرة واحدة في كل مرة. يجب أن تعتاد إذاً على استبدال جميع أفكارك السلبية بأفكار إيجابية. هذا الأمر يفسر أهمية وضع الأهداف في الحياة. فهي تسمح للعقل بالتركيز على المفاهيم الإيجابية. حين تصر على التفكير بالمشاريع الإيجابية، يتشبّع الدماغ ولا يعود قادراً على استيعاب الأفكار السلبية.

انتقل بأفكارك إلى المنطقة التي تحتاج إلى الشفاء وتخيل أن تلك المنطقة شُفيت بالكامل. إذا كررتَ هذا التمرين عشرات المرات في اليوم، سيدرك لاوعيك في مرحلة معينة ما تتمناه وسيتحقق الشفاء الكامل. لا تنسَ أن التفكير قوة هائلة ويمكن أن يكون بنّاءً ولكنه قد يصبح تدميرياً أيضاً.

معنى التحكم بالفكر الإيجابي

- إنه فن السيطرة على الأفكار الإيجابية.

- معرفة جميع الأسرار التي تكبت القدرات الفطرية لاستعمالها بشكل كامل وواعٍ.

- تعلم كيفية التحكم بالعواطف الإيجابية أو السلبية.

- تعلم كيفية توجيه الموارد الشخصية بالشكل المناسب لتحقيق الأهداف بسهولة أكبر.

- استعمال أعلى مستوى من القدرات العقلية.

اللاوعي... أداة بالغة القوة

يمكن أن يعمل اللاوعي لمصلحتك أو ضدك. الفكر اللاواعي لا يتمتع بالقدرة على إطلاق الأحكام بل إنه ينفذ بكل بساطة الأوامر التي يتلقاها من الفكر الواعي. إذا ركزتَ أفكارك على مواقف إيجابية تريد عيشها وإذا تخيّلتها بأدق التفاصيل، ستوجّه أمراً إلى لاوعيك. عند إرسال توجيه محدد، سيتولى اللاوعي إيجاد طريقة كي تعيش تلك المواقف الإيجابية في حياتك.

كي تنجح الفكرة الإيجابية، يجب أن تشعر بها وأن تنبثق من قلبك. يجب ألا تكون فكرة {أُجبرنا} على الاقتناع بها. إنها طريقة تفكير يومية حيث نقرر، بقلبنا ومشاعرنا وحدسنا، أن الأحداث السلبية التي نعيشها قد تترافق مع نواحي إيجابية. يعني ذلك اتخاذ قرار بعيش حياة إيجابية من خلال أفعالنا وأقوالنا. قد يقتصر الأمر على عبارات صغيرة لكن يكون مفعولها كبيراً. لا حاجة إلى إيجاد من يصغي إلينا، بل يكفي أن نشعر بأننا سنحقق حلمنا فعلاً حتى تتملّكنا تلك الرغبة. هكذا ننغمس في فكرة تحقيق الحلم وسرعان ما تسكن تلك الفكرة فينا، فينطبع الحلم في داخلنا ونقرر أن نؤمن به ونحققه في النهاية.

أخيراً، يستعمل أطباء كثيرون أسس الفكر الإيجابي إلى جانب علاجاتهم. إذا أردنا ذكر سبب واحد يدفعنا إلى تبني هذا الفكر الإيجابي، فهو يتعلق بقدرته على حماية صحتنا. ألا يُعتبر هذا الدافع كافياً لتبني سلوك إيجابي دوماً؟

back to top