حب سياحي

نشر في 21-08-2014
آخر تحديث 21-08-2014 | 00:01
 مسفر الدوسري العلاقات العاطفية التي تنشأ بين الشابات والشباب الخليجيين خلال قضائهم إجازاتهم الصيفية مثيرة، معظم تلك العلاقات يأخذ طابعاً سياحياً بحتاً، علاقات سريعة، غير جادة، ذات أهداف محددة قصيرة المدى، لا تترك أثراً إلا على ما يرتدون من الملابس ولا تتعدى ذلك، فضلا عن قدرتها على أن تترك نقشاً ملوناً على جدار القلب.

تلك العلاقات ليست سوى جزء من البرنامج السياحي، والطقوس المتممة له، تبدأ مع الإجازة الصيفية وتنتهي بنهايتها، والغريب أن كثيرا من هذه العلاقات يمكن استئنافها في إجازة الصيف الذي يليه إذا ما التقى الطرفان مصادفة في "بلد المنشأ" للعلاقة أو ربما في بلد سياحي آخر، خصوصا إذا كان طرفا العلاقة من بلدين خليجيين مختلفين، علاقات عاطفية مخطط لها مسبقاً ومجدولة سلفاً ضمن البرنامج السياحي.

هذه هي عادة الصورة العامة للعلاقات التي تنشأ بين الخليجيات والخليجيين في السفر، علماً بأن أجواء السفر من شأنها باعتقادي أن ترسم بتفاصيلها لوحة يصعب نزعها من غرفة القلب... خصوصاً في البلدان الغربية، هذه البلدان قادرة بأجوائها على خلق مناخ مذهل لأرضٍ صالحة لزراعة عشب تفاصيل لعلاقة حب لا يجف، ونسج عباءة من الندى لقلبين.

الطقس الممطر في تلك البلدان مثلاً من شأنه أن يكون موحياً لأرواحنا الصحراوية، وفرصة رائعة لممارسات طفولية في الشارع لا تنسى، المقاهي المنزوية في الشوارع الخلفية من شأنها أن تكون "قابلة" مباركة لميلاد عاطفة يطول عمرها، سحر المساءات، والتنزّه في الشوارع بما تمنحه من حرية إنسانية من شأنه أن يكتب بشائر أغنية لحب جديد باقٍ مع الزمن.

الجلوس على كرسي خشبي تحت شجرة في حديقة عامة مكتظة بالأشجار وتبادل الحديث الطويل.

التسوق معاً، السير معاً بمحاذاة بحيرة ما ورمي قطع الخبز الصغيرة للبط والأوز، أو الجلوس على ضفة نهر ما وإطعام صغار الأسماك، اللقاء في بهو فندق صغير صباحاً خارج المدينة، الذهاب معاً الى صالة سينما أو مسرح والجلوس على كرسيين متجاورين لمشاهدة فيلم أو مسرحية ما، رائحة الأزهار في الطرقات، والأحواض الموضوعة على جوانب أبواب المنازل، ومقدمة شبابيكها، كل هذه التفاصيل كيف لا تخلق ذاكرة لحب يصعب نسيانه؟!

كيف لا تكتب نوتة لماءٍ سحري يدمنه الظمأ؟! كيف لا تبقى الأغاني التي استمعا إليها معاً حينها عالقة في أقصى القلب، غصة لا تزول إلا في بقائهما معاً؟!

كيف يعود كل منهما بعد إجازته الصيفية، ويفرغ ذاكرته من كل تلك التفاصيل، بذات السهولة التي يفرغ فيها حقيبته من ملابسه التي صاحبته في السفر، ليرتدي زيه الخليجي المعتاد؟!

كثير ما يكون عذرنا الواهي لعلاقاتنا العاطفية الواهية، هو طبيعة بيئتنا الجافة والمحافظة، والتي تحرم الحب من الارتواء بالتفاصيل الغنية بين عاشقين، اتضح ان لا علة في الحب... سوانا!

نحن لا نبحث عن الحب وإنما عن علاقات تمنحنا المتعة بأقل كلفة من الالتزام، والمذهل أن هذا لم يعد ينطبق على الرجال فقط، وإنما على النساء أيضاً!

back to top