لماذا لا يشكّل «داعش» خطراً على إيران؟!

نشر في 20-08-2014
آخر تحديث 20-08-2014 | 00:01
 تركي الدخيل إذا تأملت في نشرات الأخبار، التي تدار على القنوات التلفزيونية منذ أشهر، فستجد حتماً أن ثلث النشرة أو يزيد عبارة عن أخبار تتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش". هذا التنظيم، الذي وصلت ثروته إلى ثمانية مليارات دولار بعد دخول الموصل، يتسلّح بسيارات الدفع الرباعي، ويصرف على أعضائه آلاف الدولارات شهرياً، ويجنّد الأتباع من الخليج والدول العربية عن طريق تركيا، ويستقبلهم بألفين وخمسمئة دولار فور وصولهم إلى منافذ الدخول من تركيا خاصة.

هذا التنظيم لم يعد خطراً واقعياً بل "الخطر الحقيقي"، كما قالت واشنطن.

القصة لن تكون قصيرة، بل طويلة جداً، ذلك أن هذا التنظيم الغامض يحتاج إلى إبداء العديد من الملاحظات للحث على التفكير في نزعاته، وأهدافه، ومآلات تحركاته.

من الملاحظات المهمة تصريح وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان الذي قال فيه: "إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) لا يشكل أي تهديد للجمهورية الإسلامية"!

وبينما تصرّح الدول الأوروبية، والأردن ودول الخليج، والعراق وكل الدول في العالم بأن هذا التنظيم خطر محض، وتهديد حقيقي، تجرؤ إيران على الطمأنينة إلى هذا التنظيم وبأسه، وعلى لسان وزير الدفاع أيضاً، مما يجعل من الملاحظة حول دعم إيران لداعش حقيقة بالدرس والتحليل، إيران لا تدعم فقط الحركات الشيعية كما يظنّ البعض، بل دعمت الزيديين الحوثيين في اليمن، ودعمت حماس السنية، ودعمت القاعدة السنية، وتدعم في نفس الوقت حزب الله الشيعي، وتعارض أحزاباً شيعية أخرى معارضة لسياساتها مثل شيعة أذربيجان! القصة في دعم "داعش" قد تكون حقيقية.

الملاحظة الثانية أن هذا التنظيم قفز بالسواد الإرهابي إلى أقصاه، وصارت هناك حالة من السخرية، إذ تعددت مراتب الإرهاب فصار إرهاب القاعدة "وسطياً"، كما يحلل بعض المهتمين، وهذه من سخرية تحولات موضوع الإرهاب، إذ قفز "داعش" بالمستوى الإرهابي والدموي بما لم يصل إليه "القاعدة"، الأمر الذي جعل من منظّر السلفية الجهادية وقطبها الفقهي الأكبر أبومحمد المقدسي يتهم التنظيم بالغلو، ووصل تنظيم الدولة إلى أن اعتبر الظواهري كافراً، فصرنا أمام مسرحية مضحكة، حيث يتم تكفير رموز وأتباع تنظيم القاعدة، هذه الملاحظة علامة وثيمة وسمة بأننا في حربنا على الإرهاب لم نكن ناجحين كفايةً، وأن الفيروس يتجدد ويتطور تبعاً للمحفزات الموجودة في الخطاب الديني المنثور والمبثوث في شتى المنابر والمسارح.

الملاحظة الأخيرة أن هذا التنظيم لديه تصويب ميداني وتخطيط قوي ورؤية كاملة جاهزة للتوجه إلى السعودية، وهذا الحلم، الذي نتمنى ألا يحدث، يعبر عن الاستراتيجية التي وضعت له، ألم يكن التنظيم في خندق إيران من خلال مواجهة الجيش الحر بغطاء جوي سوري، وبحماية مدافع النظام السوري؟! بمعنى آخر فإن "داعش" لا يعارض إيران في سياسةٍ واحدة، وهدفه ليس إسرائيل، بل السعودية... أبعد هذه الأجندة نسأل في أي رحم تخلّق "داعش"؟!

هذه الملاحظات أضعها بين يدي القارئ، ليجول فيها، ويعزز من الأسئلة التي أطرحها، ويومياً ينتج التنظيم العديد من الأسئلة في عين المراقب وعقله، ويدفعه نحو الحيرة والحذر.

"داعش" عبارة عن ثمرة الفوضى، وتتويج للحراك الخادع الذي سمي بالربيع العربي، وويل لأمةٍ اعتقدت أن النار برد، وأن الخريف ربيعها.

back to top