تغيير المهنة لإحراز التقدُّم

نشر في 20-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 20-08-2014 | 00:01
No Image Caption
يرغب كثيرون في تغيير حياتهم. لكن يرتفع عدد الأشخاص الذين يبدون هذه الرغبة من دون أن ينجحوا في تحقيقها. مع ذلك، تبرز وسائل فاعلة لتغيير الوضع والمضي قدماً لأن الحياة المهنية يمكن أن تحقق هذا النوع من الأحلام. تحمل الأحلام بعض المجازفة، لكنّ التجربة تستحق العناء!
تُعتبر رغبة الموظفين في التغيير إيجابية بما أن العالم المعاصر يجبر معظم الناس على تغيير مقر عملهم خلال مراحل معينة من حياتهم. لكن يبقى تغيير المهنة أقل شيوعاً. لا يحبذ اختصاصيو التوظيف والمسؤولون عن العلاقات الإنسانية هذا التغيير. في أفضل الأحوال، يحصل التغيير عبر بلوغ مراتب أعلى وتولي مسؤوليات إضافية، لكن تبقى حالات تغيير المهنة بالكامل نادرة.

لكن قد ينفر البعض من عمله وقد تنتابه رغبة في اكتشاف أوساط جديدة أو تطوير كفاءات مغايرة. كذلك، قد يكتشف الفرد مجالات كانت مجهولة بالنسبة إليه في السابق فتشكّل مصدر شغف جديد، أو قد يبدي رغبته في تعزيز استقلاليته وفتح عمل على حسابه.

ما أهمية هذا التطور؟

مع مرور الوقت، يرغب كل إنسان في تغيير وضعه. لا يقتصر التغيير دوماً على المجال المهني لكن يحتلّ هذا المجال أهمية معينة. يكفي أن يُحرَم الفرد من العمل كي يفهم أن المهنة ليست مجرد مسألة مادية مع أن الوضع المالي له أهمية كبرى طبعاً. من المنطقي أن يرغب البعض في التقدم في مهنتهم لكن يفضل البعض الآخر تغيير الوضع بشكل جذري وبناء حياة تكون أكثر تماشياً مع طموحاتهم. لكن يجب تخصيص الوقت الكافي لفهم وتحليل الدوافع التي تجعل هذا التغيير ضرورياً.

دوافع متنوعة

التغيير جزء لا يتجزأ من الحياة. ترتبط الرغبة في تغيير ظروف العمل أو التدرب لاكتساب مهارة جديدة بانزعاج معين تجاه التسلسل الهرمي المعقد أو استحالة التقدم في الوظيفة أو جو عمل سلبي... عند تحليل الوضع القائم، قد يعترف البعض بأن الرغبة في التغيير لها أسباب خارجية: مشكلة زوجية، رغبة في البدء من الصفر، حاجة إلى كسب الإشادة من خلال اختيار مهنة أعلى مستوى، رغبة في العودة إلى الجذور العائلية.

نظراً إلى التحديات التي ترافق تغيير الحياة، من الأفضل أخذ الوقت الكافي لتحديد الأسباب العميقة والحقيقية التي جعلت هذا التغيير في وجهة العمل ضرورياً. بعد تحديد تلك الأسباب والتأكد منها، يمكن استعمال هذه الأسس الصلبة لبناء مستقبل جديد.

خيار طوعي

لا شك في أن تغيير المهنة طوعاً يبقى أسهل من الاضطرار إلى إيجاد وظيفة جديدة غداة تسريح من العمل، شرط تحمّل كامل مسؤوليات التغيير. لكنّ هذا الأمر لا يكون سهلاً دوماً. التفكير بترك العمل أمر بسيط لكنّ تطبيق تلك الفكرة أمر مختلف جداً، لذا يقلّ عدد الأشخاص الذين ينفذون هذا القرار في نهاية المطاف. تترافق تجربة تغيير المهنة مع مشاعر القلق والتوتر، حتى لو كان الأمل موجوداً. لكن لا تختفي تلك المخاوف رغم تقييم المخاطر.

خيار مستحيل

يُعتبر التغيير مصدراً مؤكداً للضغط النفسي لأن الإنسان يبحث بشكل متواصل عن الأمان والاستقرار. تكون هذه المخاوف مترسخة ويصعب التحكم بها أحياناً. لذا يبرز بعض العوائق لأن وقف مزاولة المهنة قد يجدد بعض الأشباح القديمة: تجارب مرتبطة بالهجران أو تذكّر الأهل الذين يمثلون عوائق يستحيل تجاوزها لأن المؤسسة تتولى إعالة العائلة، تماماً مثل الأب أو الأم. لا ينجح الجميع في تنفيذ هذه الخطوة ويدرك البعض أنه يعجز بطبيعته عن تخطي العقبات. لتجاوز هذه المقاومة الطبيعية للتغيير أو التخلي عن الاطمئنان الذي يوفره الانتماء إلى جماعة معينة، يجب أن تكون الأسباب عميقة والأمل قوياً لأن التغيير يوفر أيضاً فرصاً مهمة.

حتى لو كان التغيير طوعياً، لا مفر من توديع الحياة السابقة بشيء من التأثر. لا شك في أن الرغبة في تأسيس شركة هي مغامرة كبرى ومجهولة النتائج. هكذا تنتهي مشاعر الأمان ولا بد من تحمّل مسؤولية ما يحصل. ستتغير المعايير السائدة لذا يجب التحلي بالشجاعة لمواجهة الظروف المستجدة. لكنّ التجربة تستحق العناء إذا كانت الحياة المهنية السابقة غير مُرضِية. الأهم هو التأكد من حشد جميع القوى اللازمة للمضي قدماً.

العمل جزء من هويتنا

يصعب الانتقال إلى عمل مختلف لأن العمل جزء أساسي من هويتنا. المكانة المهنية مهمة بالنسبة إلى الذات والشريك والأهل والزملاء. ولا يسهل التخلي عن هذه المكانة للانتقال إلى مهنة أقل مستوى. عند المشاركة في أي اجتماع أو دورة تدريب، يعرّف كل شخص عن نفسه عبر ذكر عمره ووضعه الاجتماعي ومهنته. لذا قد يجد البعض صعوبة في الإعلان عن المشروع الجديد أو تحقيق النجاح اجتماعياً. يميل الفرد أحياناً إلى تبرير خياره أمام بعض الأشخاص حتى لو لم يطلبوا منه ذلك.

سد الشعور بالفراغ

غالباً ما يُعتبر التغيير مؤشراً على الفشل، حتى لو كان طوعياً. تؤدي المراحل الانتقالية الجذرية إلى إضعاف الشخص من الناحية النفسية. وإذا لم تَسِر الأمور كما كان متوقعاً، يصبح احتمال النوبات النفسية حقيقياً. يجب أن يتقبل الفرد أيضاً رفض بعض الأطراف لسلوكه مثل المؤسسة القديمة التي لا تتقبل قرار الموظف. عند إطلاق مشروع جديد وإنشاء معايير وعلاقات جديدة، يبرز بعض التحديات ولا بد من التكيف معها مع مرور الوقت.

الخوف رفيق التغيير

يؤدي تغيير المهنة إلى ارتفاع شديد في مستوى الأدرينالين وتبقى الرغبة في تغيير الحياة شائكة. لا بد من التمتع بالصلابة النفسية لأن هذا التطور يترافق مع عواطف قوية، أبرزها الخوف. إنه الخوف من الفشل فضلاً عن إدراك المخاطر وحاجة الفرد إلى إرضاء غروره.

للتخلص من رواسب الماضي، يوصي علماء النفس بالابتعاد عن رموز الوظيفة السابقة. تقضي الخطوة الأولى بتوديع المرحلة الماضية نهائياً وعدم حمل أي رواسب منها. الحياة هي سلسلة من الخطوات المهنية ولا شك في أن القدرة على التغيير هي ميزة شخصية ومختلفة لدى جميع الأفراد الذين يتطورون على مر حياتهم.

back to top