هل تحتاج إلى كمية إضافية من الفيتامين D؟

نشر في 18-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 18-08-2014 | 00:01
تظهر الأبحاث أن رفع جرعات {فيتامين الشمس} قد يكون مفيداً للصحة، لكن لا يزال الوقت مبكراً للتأكد من ذلك.
الفيتامين D ضروري للحفاظ على عظام قوية. ألمحت مجموعة كبيرة من الدراسات الحديثة إلى أن الفيتامين D قد يسهم في منع مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك بعض الحالات التي تهمّ الرجال مثل أمراض القلب والسرطان. من الواضح أنك تحتاج إلى كمية من الفيتامين D للتمتع بصحة جيدة لكن هل يجب أن تزيد الجرعة المستهلكة؟

في الوقت الراهن، من المبكر أن نضاعف استهلاك مكملات الفيتامين D. يقول الباحث في المجال الغذائي هاورد سيسو، أستاذ في علم الأوبئة في كلية هارفارد للصحة العامة: {ثمة تاريخ طويل من المغذيات الفردية التي تُؤخَذ بجرعات أعلى من تلك التي نحصل عليها من الحمية الغذائية وحدها، وهي تبدو أشبه بعلاج جديد لجميع المشاكل، لكن لا تثبت الدراسات الموثوقة صحة ذلك. تشير التجارب إلى أننا لا نستطيع التأكد من أنه علاج آمن وفاعل إلى أن نجري تجربة عيادية حاسمة}.

وفق معهد الطب، يجب أن نأخذ 600 وحدة دولية من الفيتامين D في اليوم على الأقل و800 وحدة فوق عمر السبعين.

توصي {المؤسسة الوطنية لترقق العظام} باستهلاك جرعة أعلى من الفيتامين للحفاظ على صحة العظام: بين 800 وألف وحدة دولية في اليوم لكل شخص في عمر الخمسين وما فوق.

الفيتامين والصحة

في التجارب العيادية، يُطلَب من المشاركين عشوائياً أن يأخذوا مكملاً غذائياً أو دواءً وهمياً. التجارب العيادية العشوائية هي المعيار الذهبي لمعرفة ما إذا كان الدواء أو العلاج آمناً وفاعلاً.

لكن تتألف غالبية الأبحاث الصحية التي تتمحور حول الفيتامين D من دراسات قائمة على المراقبة، وهي تراقب مجموعات كبيرة من الناس لفترة طويلة من الزمن. أثبت عدد من الدراسات أن الأشخاص الذين يسجلون مستويات مناسبة من هذا العنصر المغذي في أجسامهم يتمتعون بصحة أفضل من المصابين بنقص في الفيتامين.

لكن تبقى هذه الدراسات القائمة على المراقبة محدودة. إذا ارتفعت مستويات الفيتامين D في الدم تزامناً مع التمتع بصحة جيدة، فلا يعني ذلك بالضرورة أن العامل الأول يسبب الثاني أو العكس. ربما يتراجع الفيتامين D بسبب المرض نفسه، أو بسبب أسلوب الحياة غير الصحي الذي يجعل الناس يمرضون. على سبيل المثال، يعاني الشخص الذي يتبع حمية سيئة مشكلة الوزن الزائد وستتراجع لديه مستويات الفيتامين D إذا لم يكن يمارس الرياضة مطلقاً. هذا ما يجعل تراجع معدل الفيتامين D مؤشراً تحذيرياً عن أسلوب الحياة غير الصحي، وليس سبباً له، لكنّ أخذ المزيد من الفيتامين D لن يصلح المشكلة بالضرورة.

قد تساعد التجارب العيادية العشوائية على حل مسألة السبب والنتيجة. في دراسات مماثلة، يأخذ المشاركون في إحدى المجموعات مكملات الفيتامين D فيما يأخذ المشاركون في مجموعة مرجعية أخرى دواءً وهمياً. ينتظر الباحثون كي يعرفوا إذا كان الناس الذين يأخذون الدواء الحقيقي سيصبحون أقل عرضة للإصابة بمشاكل صحية أو سيعيشون لفترة أطول من المشاركين في مجموعة الدواء الوهمي.

لكن للأسف، لا تدعم أي تجارب عيادية كاملة النصيحة العامة التي تدعو إلى أخذ كمية إضافية من الفيتامين D لتجنب مشاكل صحية معينة. كذلك لم تكشف عن كمية الفيتامين D التي نحتاج إليها، أو العمر الذي يجعلنا نحتاج إلى هذا الفيتامين، أو إذا كان استهلاكه آمناً على المدى الطويل.

دراسة الدراسات

في الفترة الأخيرة، جمع فريقان من الباحثين نتائج مئات الدراسات الأصغر حجماً، وقد شملت مئات آلاف الناس. كانت {دراسة الدراسات} هذه تهدف إلى فهم الأدلة التي تشير إلى أن الفيتامين D يمنع الأمراض أو يطيل الحياة. بدت النتائج مختلطة.

نُشرت الدراسات في {مجلة الطب البريطانية} في أبريل 2014. جمعت إحدى الدراسات نتائج مئات التجارب العيادية الأصغر حجماً والدراسات القائمة على المراقبة بعدما حللت آثار الفيتامين D على 137 مرضاً ومشاكل صحية مختلفة. استنتجت المراجعة حصراً أن الأدلة على فاعلية الفيتامين D لتحسين الصحة تبقى {أولية}، لكن {لا وجود لأي أدلة مقنعة جداً على دور الفيتامين D في تحقيق أي نتائج واضحة}.

حللت المراجعة الأخرى 95 دراسة تشمل ما مجموعه 880 ألف شخص. مقارنةً بالمشاركين الذين كانوا يعانون نقصاً في الفيتامين، استناداً إلى مستوى الفيتامين D في دمهم، لوحظ تراجع خطر النوبات القلبية والجلطات الدماغية والسرطان عند الأفراد الذين سجلوا مستويات أعلى في دمهم، كما أنهم كانوا أقل عرضة للوفاة لأي سبب.

دقق الباحثون أيضاً بالتجارب العيادية لمعرفة تأثير مكملات الفيتامين D المستعملة. تبين أن الأشخاص الذين أخذوا مكملات الفيتامين D3 كانوا أقل عرضة للوفاة لأي سبب مقارنةً بالأشخاص الذين أخذوا الفيتامين D2. الفيتامين D3 هو النوع الذي يصنّعه الجسم عند التعرض لأشعة الشمس، كذلك نحصل عليه من المأكولات الحيوانية مثل السمك. أما الفيتامين D2، فهو يشتق من النباتات.

لكن لا يمكن استعمال هذا التحليل لننصح الناس بأخذ الفيتامين D3. سيتطلب الأمر مجدداً إجراء تجربة عيادية.

ما هي مصادره؟

أشعة الشمس: تصنّع البشرة الفيتامين D3 عند تعرّضها لأشعة الشمس، وهذا ما يفسر تسمية {فيتامين الشمس}. بحسب علو المكان الذي تتواجد فيه وفصل السنة، قد يسهم التعرض الكامل لأشعة الشمس، بين 10 و15 دقيقة يومياً، في إنتاج الفيتامين D الذي تحتاج إليه، لكن تذكّر أن التعرض للشمس من دون حماية يرفع خطر الإصابة بسرطان الجلد.

الغذاء: الفيتامين D موجود بكميات معتدلة في بعض الأغذية، لا سيما السمك والبيض واللحوم. تحتوي نسبة صغيرة من النباتات الشائعة والصالحة للأكل على كميات مهمة من الفيتامين D، باستثناء الفطر.

المكملات الغذائية: يمكن استهلاك مكملات الفيتامين D بجرعة 400 أو 600 أو ألف وحدة دولية أو أكثر. وجد معهد الطب أن مكملات الفيتامين D اليومية بجرعة تصل إلى أربعة آلاف وحدة دولية تُعتبر آمنة بشكل عام.

ما من جواب نهائي

رغم هذه المعلومات الواعدة، ما من استنتاج نهائي. يقول سيسو: {هذه الدراسات المبنية على المراقبة أصبحت وافرة وشائعة وبلا قيمة. سيصعب أن نحرز تقدماً علمياً إلى أن نجري تجربة عيادية واسعة ومدروسة لتوفير البيانات النهائية حول الآثار الصحية لمكملات الفيتامين D على المدى الطويل".

السلامة أحد المخاوف المطروحة. منذ سنوات، أشارت الدراسات المبنية على المراقبة إلى أن تناول كمية إضافية من البيتا كاروتين والفيتامين E يفيد الصحة على الأرجح. لكن وجدت التجارب العيادية الموثوقة أن أخذ جرعات كبيرة من مكملات هذه المغذيات يومياً لا يحسن الصحة بل إنه قد يكون سلوكاً مضراً.

بدأت تجربة مهمة وجديدة عن الفيتامين D في مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفارد. تشمل {تجربة الفيتامين D والأوميغا 3} أو {فيتال} 25 ألف شخص. الهدف منها معرفة ما إذا كان أخذ ألفَي وحدة دولية من الفيتامين D أو أقراص زيت السمك يخفّض خطر السرطان وأمراض القلب والجلطات الدماغية عند الأشخاص الذين لم يُصابوا سابقاً بهذه الأمراض.

في الوقت الراهن، لا بأس باستهلاك بين 600 و800 وحدة دولية من الفيتامين D يومياً إلى جانب الكالسيوم للحفاظ على صحة العظام إذا أوصى الطبيب بذلك. لكن إلى أن تثبت تجربة {فيتال} ودراسات أخرى عكس ذلك، لا تبرز الحاجة إلى جرعة إضافية من الفيتامين D.

حتى لو ثبت ذلك، لا بد من مراقبة أسلوب الحياة. يوضح سيسو: {أحاول في العادة منع الناس من أخذ فيتامينات فردية أو مكملات معدنية بجرعة مرتفعة وأحثهم على التفكير بحميتهم وكيفية تحسينها}.

لا ضير طبعاً من الخروج والتعرض لأشعة الشمس لفترة أطول لأجل امتصاص جرعة من مغذياتها. من الناحية الصحية، ستكون هذه الخطوات أفضل من ابتلاع المكملات.

back to top