زعيم الأزهر الحق

نشر في 09-08-2014
آخر تحديث 09-08-2014 | 00:01
 عبداللطيف المناوي لا يمكن الحديث عن مصر خلال السنوات الأربع الماضية، دون الحديث عن الأزهر، ودور شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي أعاد للأزهر أمجاده، ودوره التنويري والسياسي، وذكرنا بمشايخ الأزهر الذين لعبوا دوراً وطنياً خلال المراحل التاريخية المختلفة في مصر، من مقاومة الاحتلالين  الفرنسي والإنكليزي.

لا يقل الدور الذي لعبه أحمد الطيب عن ذلك، وهو الذي أطلق مبادرات التهدئة خلال الفترة التي أعقبت 25 يناير 2011، مبادرة تلو المبادرة، وأطلق الوثائق الجامعة حول دولة مدنية تفتخر بعروبتها وإسلامها، وثيقة تلو الأخرى، ووقف حجر عثرة طوال عام كامل، بل طوال ثلاثة أعوام، أمام مشروع الإخوان، الذي كان يريد القضاء على الأزهر ومشروع الإسلام الوطني، ومازال يقف، ومازال يواجه الإرهاب في الأزهر، الجامع والجامعة والمشيخة.

 طوال السنوات الماضية، لم تكن مصر وحدها خلالها هي المهددة، بل الإسلام الوسطي الذي يقوده الأزهر، الذي أفضل أن أدعوه دائماً بالإسلام الوسطي صاحب الملامح المصرية، وكان أسهل ما يمكن أن يفعله أن يتخلى عن مكانه أو يصمت، لكنه آثر الصمود، حتى خرج يوم 3 يوليو مع الفريق أول (وقتها) عبدالفتاح السيسي ليعلن انحيازه لثورة الشعب المصري، ويؤكد أن الإسلام لا يمكن اختطافه من قبيل فصيل سياسي، أو أيديولوجية تتخفى وراء الإسلام لتحقيق أغراض أخرى.

استطاع الشيخ أحمد الطيب أن يكون حالة مصرية خالصة، يحبها المصريون، ويرونه رمزاً تنويرياً لهم، هذه الحالة التي تصاحب الشيخ أحمد الطيب من القبول أينما ذهب، بدأت عندما تم  اختياره لكي يكون شيخا للأزهر، رغم بعض الأصوات الصادرة عن بعض الاتجاهات السياسية والتي انتقدت قرار توليه الإمامة الكبرى، إلا أن هذه الأصوات اختفت وسط تيار الترحيب برجل يحمل من الصفات ما سمع الناس عنها ولمسها من اقترب منه، والأمل في أن يعيد للأزهر المكانة التي هي له بحكم التاريخ والمكانة والأثر في العالم، وهو ما استطاع فعله منذ ذلك الوقت حتى الآن.

شخصياً كنت من أشد المتحمسين للشيخ الطيب منذ أن كان مفتياً للديار المصرية، كنت قد التقيته ذلك الوقت بمكتبه بدار الإفتاء، واكتشفت ملامح شخصية المصري الحقيقي في د. الطيب، ليس فقط ملامح "الطيبة" على وجهه التي هي تأكيد على أن لكلٍّ من اسمه نصيبا، ولكن أيضا لما امتلك من أركان تكوين لشخصية ضاربة في جذور مصر بثقافتها، وتاريخها، وتسامحها وتعددها، لذلك ما كنت أتمناه عندما بدأ الحديث عن شيخ جديد للأزهر، أن تلقى المهمة على عاتق د. الطيب.

الدكتور أحمد الطيب شخصية متعددة الجوانب، ويجمع بين صفات تبدو للوهلة الأولى متناقضة لكنها بشيء من الـتأمل تبدو متكاملة، فهو يحمل صرامة الرجل الصعيدي القادم من الأقصر، ويحمل استنارة وليونة الرجل المتحضر، ولديه زهد المتصوفين الذين ينتمي إليهم.

بسيط من أسرة بسيطة، لكنها متميزة من الناحية العلمية والاجتماعية لا من الناحية المادية، فأجداده جميعهم تقريباً من العلماء، ويقول إنه اكتسب صفاته من جده الأكبر العالم الجليل الذي توفي عام 1956 عن عمر يناهز مئة عام، وبلدته التي ينتمي إليها وهي القرنة بمحافظة الأقصر بجنوب مصر، لا هي قرية ولا هي مدينة، ولا هي خليط بين الاثنين لكنها تجمع كل تاريخ وحضارات مصر المتعاقبة منذ الفراعنة.

إذن د. الطيب هو ابن الحضارة المصرية الضاربة في جذور التاريخ، وهو ابن الثقافة المصرية الوسطية، ووثيق الصلة بالصوفية التي بدأت من مصر، وجذوره الفكرية هي الأصول الفكرية الصحيحة  للإسلام.

استطاع ان يواجه طيور الظلام الذين أخافهم صموده وقوته وإيمانه بدينه ومصره وقضيته.

back to top