جورج شلهوب: لم أتلقَّ عروضاً عربية لأنهم يخشون حضوري

نشر في 01-08-2014 | 00:02
آخر تحديث 01-08-2014 | 00:02
حينما تخصص في الإخراج والتمثيل والإنتاج التلفزيوني في أميركا، عرضوا عليه فرصة هوليوودية ذهبية، رفضها عن قناعة ذاتية وعاد إلى بلاده.
هذه البصمة اللافتة في الأداء والحضور، التي جعلته محطّ أنظار الغرب، تبدو واضحة في كل عمل درامي لبناني يؤدي فيه جورج شلهوب دور البطولة، فإذا هو علامة فارقة في مسيرة الدراما اللبنانية.
أطلّ شلهوب أخيراً في مسلسل «عشرة عبيد صغار» الذي عُرض طيلة شهر رمضان عبرMTV اللبنانية. عن دوره والأعمال الرمضانية تحدث جورج شلهوب إلى {الجريدة}.
دخل المسلسل اللبناني {عشرة عبيد صغار} السباق الرمضاني بنوع الرعب والتشويق، هل وجد إقبالا لدى الجمهور؟

حقق نسبة مشاهدة عالية خصوصاً من العالم العربي، لأنه نوع إنتاجي جديد غير متعارف عليه في الدراما الرمضانية، كونه يثير الفضول عبر قصصه العشر المختلفة عن بعضها البعض، على عكس المسلسلات الأخرى المرتكزة إلى قصة واحدة محورية يحيطها الحشو.

ما رأيك بالمواضيع الدرامية المطروحة؟

بالنسبة إليّ كرجل مسرحي وسينمائي وتلفزيوني، أتأسف لعدم قدرتنا على وضع الأعمال  في إطارها الصحيح من ناحية وحدة الزمان والمكان والحركة، التي هي أساس البناء الدرامي، فتغيب في المسلسلات الخلفية الاجتماعية أو السياسية لقصص الحب التي تضفي غنى على العمل. فتُقدّم بدلا من ذلك قصص تدور حول الدراما الداخلية والعلاقات الشخصية، من دون أن نرى الإطار الأوسع للمجتمع الذي تعيش فيه الشخصيات، ما يضعف العمل ويثير الملل لدى الجمهور الذي يتابع الإيقاع السريع في الإنتاجات الأجنبية.

ثم لا أحبّ الأعمال التلفزيونية لأن عدد الحلقات يطول مثل الأعمال المكسيكية والتركية التي اعتاد الجمهور على نمطها. فمسلسل {حريم السلطان}، مثلا لا يقع في إطاره التاريخي والسياسي والجغرافي الصحيح، لأن التركيز كان على علاقات السلطان فحسب، وجاء الإطار التاريخي ضعيفاً، رغم أن تركيا احتلت الشرق الأوسط كله. لذا أفضّل الأعمال الدسمة والمكثفة والسريعة.

ما رأيك بطريقة تنفيذ {عشرة عبيد صغار}؟

أنجز المخرج ايلي حبيب عملاً جميلا أوصل من خلاله مغزى الموضوع من ناحية التصوير والتوليف والتأثير المشهدي واختيار الممثلين الذين وضعوا في الإطار الصحيح. لكنني لو أردت تنفيذ إنتاجه، لقدّمته في 11 حلقة تلفزيونية فحسب، أي بإيقاع أسرع، ثم لا يجوز تقديم عمل تلفزيوني برؤية سينمائية، لأن للتلفزيون رؤيته الإخراجية الخاصة به لجهة خلفية السيناريو وابتكار اللقطة وملاحقة الشخصيات عن قرب، أي تصوير تعابير الوجه بشكل قريب، لأن تصوير المشهد بإطار واسع يضيّع اهتمام المشاهد، لذا يجب تقطيع الصورة وفق تحليل النص لرسم الشخصيات بطريقة أقوى.

برأيي، رغم ظروف العمل المكثفة في خلال خمسة أشهر، قدمنا دراما تركت انطباعاً بضخامتها، مع أن الإنتاج ليس هوليوودياً، كذلك فرض حضوره بفضل اقتباس القصة من أغاتا كريستي التي أعطاها الكاتب طوني شمعون زخماً جميلا.

ما رأيك بتوليفة الأبطال وتنويعهم بين ممثلين مخضرمين وشباب؟

كانت توليفة ناجحة فعلا، يحترم الممثلون الآخرون عملي فاستشاروني في بعض الأمور وتجاوبوا معها، ودخلوا في جوّ العمل إلى أقصى حدود. لا يخلو أي عمل فنيّ من بعض الشوائب ووحدهم المتخصصون يلاحظون بعض التفاصيل في المجال الفنّي.

غالباً ما يكون البطل مظلوماً مثيراً لتعاطف الجمهور فيما يدفع أبطال هذا العمل ثمن أخطاء الماضي، فهل تعاطف الجمهور معهم؟

المغزى من قصة أغاتا كريستي هذه، أن أي إنسان في مراجعته لماضيه يمكن أن يصحح ذاته إذا كانت أخطاؤه صغيرة، أما إذا كانت كبيرة، فيدفع الثمن. هذا المغزى يدفع المشاهد إلى مراجعة نفسه وأخطاء الماضي، وإلى الشعور بالتعاطف مع الشخصيات، لأنه اكتشف ضعفها وأنها معرّضة لاتخاذ قرار صعب، لذا تتعذّب في مراجعة ماضيها.

هل تابعت أياً من الأعمال الرمضانية الأخرى؟

تابعت مشاهد من {لو} و{سرايا عابدين}، أما {باب الحارة} فلا أتابعه منذ الجزء الأول، لأن جدتي سورية الأصل وكنت أرافقها إلى حمص، لذا أدرك خلفية المجتمع هناك، وأجد أن ما يصوّره المسلسل مبالغ فيه أحياناً.

ما رأيك بنوعية الإنتاج العربي؟

ثمة توجه نحو النوعيّة. في السابق، لم أكن معجباً بالأعمال المصرية، ربمّا لأن المخرجين لم يولوا أهمية لتقنيات التصوير ولم ينتبهوا إلى خلفية التصوير والأكسسوار والألوان. أما في {سرايا عابدين} مثلا، فلمست اهتماماً بالتفاصيل التقنية والخلفية المشهدية، لكنهم ركزّوا، أيضاً، على التقنية السينمائية لا التلفزيونية، التي للأسف لم يجدوا لغة إخراجية ملائمة لها بعد. فلا يصحّ برأيي أن تتحدث الشخصية في العمل التلفزيوني وهي تقف في اطار واسع، خصوصاً أن الشاشة الصغيرة لا ترينا تفاصيل تعابير الوجه مثل الشاشة السينمائية. فضلا عن أننا نشعر أحياناً بنوع من التغريد، أي نسمع صوتاً قريباً لشخصية تقف بعيداً، بينما يجب أن يكون ثمة تناغم بين الصورة والصوت.

هل التطوّر التقني في الأعمال الدرامية يجعل الجمهور متطلباً أكثر لجهة نوعية الإنتاج؟

 بسبب عولمة الإعلام، ارتفع ذوق الجمهور كونه بات يلاحظ الفارق في الصورة والأداء بين الأعمال ويقارن، وعندما تحدث مقارنة يلاحظ الجمهور أي نقص، ما ينعكس على خيارات شركات الإنتاج.

في إطار المقارنة، أين ترى موقع الإنتاج اللبناني؟

بإمكان الإنتاج اللبناني أن يكون الرائد الأول للصناعة التلفزيونية، لأنه يحوي كل مقومات الإنتاج، على صعد الكتّاب والتقنيين والممثلين والمخرجين، والدليل تنفيذ برامج المنوعات العربية في لبنان، أو على يد لبنانيين في الخارج. لكن بالنسبة إلى الإنتاج الدرامي، ثمة نوع من الاحتكار المبطنّ من شركات البثّ التي تخفّض دائماً كلفة الإنتاج، ولا تفسح في المجال أمام المنتج لتخطي سقف معيّن.

هل لهذا السبب ابتعدت عن الدراما تسع سنوات؟

بالطبع، تُصرف الملايين في إنتاج أعمال تلفزيونية غير درامية، فيما ثمة سقف للدراما، وهذا لا يجوز لأن المنتج عندها يضطر إلى التوفير بدءاً من النص، وصولا إلى «الكاست». بينما إطلاق يد الإنتاج الدرامي سيؤدي إلى أعمال مهمة ومربحة أكثر، خصوصاً أن مردود عرض الأعمال الناجحة يبلغ أحياناً خمسين ضعف إنتاج الحلقة، إذاً تخصيص موازنة أكبر يؤدي إلى ربح إضافي أكبر.

ما رأيك بالتركيبة الدرامية للأعمال العربية المشتركة؟

تقديم عمل عربي يضمّ ممثلين من جنسيات عربية لتغطية السوق العربية أمر جميل، شرط أن تكون بنية القصة مقنعة غير مركّبة بشكل لامنطقي، وأن تحوي وحدة الزمان والمكان والحركة. العمل الجيّد، برأيي، حتى لو قُدّم بإطار ضيّق، سيثير الاهتمام ويجذب الجمهور ويقنعه، أتذكر في هذا الاطار العمل الكويتي {بس يا بحر} الذي استحوذ اهتمامنا وكان رائعاً، كونه طرح موضوعاً اجتماعياً يتعلق بشخصيات ضمن مكان وزمان وحركة.

وما رأيك بالأدوار المُسندة إلى الممثلين اللبنانيين في هذه الأعمال؟

لا يضعون معظم الممثلين اللبنانيين المشاركين فيها بالإطار الصحيح، والسبب، برأيي، متعلق أولا بنسبة جمهور هذه الأعمال، أي تُسند البطولة إلى السوريين لأن عدد الجمهور السوري يتخطى عدد الجمهور اللبناني بأشواط. فضلا عن سبب آخر وهو استغلالهم أزمة الممثلين اللبنانيين المادية وأجورهم الضئيلة محلياً. إضافة إلى أن وضع الممثل اللبناني القويّ بوجه الممثل العربي سُيظهر هذا الأخير ضعيفاً أمام أداء الأول.

ثمة ممثلات جميلات ومؤديات بارعات في لبنان، فلماذا تُسند البطولة الرمضانية برأيك إلى مغنيات؟

إنه أمر تجاري بحت، لكنه ينعكس سلباً على المغنية التي تمثّل، لأن الجمهور يتعلقّ بصورتها الجميلة كمغنية وينجذب إليها في هذا الإطار، فيما تضطر أن تتخلى عن المظاهر الجمالية  في التمثيل ما يفقدها جاذبيتها. فأداء ميريام فارس التمثيلي مثلا جميل لكنني لم أتعرّف إليها، في البداية، لأن صورتها كمغنية مختلفة عن صورتها كممثلة درامية.

لماذا لم تشارك في أعمال عربية بعد؟

لم أتلقَ عروضاً في هذا الإطار، ربما لأنهم يخشون حضوري.

بعد سنيّ خبرتك، هل أنت راضٍ عما حققت؟

لا أنتظر من أحد أن يعطيني حقوقي، لأنني أملك قناعة ذاتية. لهذا السبب رفضت عقد عمل لخمس سنوات مع هوليوود بعدما تخصصت في أفضل معهد عالمي في الإخراج والتمثيل والإنتاج التلفزيوني، إذ اعتبروني نابغة، لذا لا تهمني في لبنان سوى الاستمرارية، ولا أبذل سوى جهد ضئيل من خبرتي المهنية. كذلك رفضت مراكز لبنانية مهمّة لأنني أرفض التبعية السياسية السائدة في محطات التلفزة التي لا تتطوّر، برأيي، إلا في حال اعتماد الكفاءة المهنية في اختيار الموظفين والمسؤولين.

متخصص في الإخراج والإنتاج التلفزيوني إضافة إلى التمثيل، هل قدّمت أعمالا في هذا الإطار؟

صوّرت أول مسلسل تلفزيوني عربي خارج الاستوديو هو {سجين بين الأصابع} (1986)، وقدّمت فيلماً سينمائياً ناجحاً هو {شبح الماضي} إنما توقف عرضه بسبب الحرب الداخلية اللبنانية. كذلك أخرجت مسلسل {فارس الأحلام} كتابة منى طايع وأشرفت على إنتاجه ومثلت فيه. في ظل الأجواء السائدة أفضل عدم المخاطرة في الإنتاج والإخراج، فإذا عُرض عليّ عمل مريح وذات مردود أقبل به.

ما دورك في مسلسل {شريعة الغاب}؟

أؤدي دور رئيس عصابة في القرية لديه ابن (باسم مغنيّة). إنه عمل جميل أحببت فكرته.

هل سيؤدي دخول الرحابنة المجال الدرامي إلى نمطً مختلف من الأعمال؟

هم مميّزون في اختيار المواضيع، ويعمدون إلى الرمزية التي توحي بما يطمحون إليه.

هل من مشاريع أخرى؟

لدي مجموعة من الأعمال من بينها مسلسل {مواسم الضباب}، عرضته على محطة MTV، من كتابة أنطوان فرنسيس، وهي رواية مبنية على قصة حقيقية لافتة، عملنا معاً على العناصر الدرامية الأساسية فيها، أي الزمان والمكان والحركة. سأتولى إخراجه وقد أؤدي أحد الأدوار فيما يؤدي ابني يورغو شلهوب دور البطولة. إضافة إلى فيلمين سينمائيين: {مسافر بلا هوية} قد نشارك فيه يورغو وأنا في دور الوالد وابنه، و{نزهة جرفها النهر}. فضلا عن مسرحية حول البطريرك الإصلاحي اسطفان الدويهي المتوقع تكريمه قريباً من الفاتيكان. وكل هذه الأعمال، أسوة بوضعنا في العالم العربي، في غرفة الانتظار.

back to top