بريطانيا: «HSBC» يغلق حسابات جهات إسلامية

نشر في 01-08-2014 | 00:02
آخر تحديث 01-08-2014 | 00:02
No Image Caption
أكد HSBC أن قراراته بإغلاق حسابات عدد من المؤسسات الإسلامية في بريطانيا لا تستند إطلاقا إلى دين أو عرق، مضيفا أن التمييز ضد العملاء على أساس عرق أو دين أمر غير أخلاقي، وغير مقبول وغير قانوني.
أرسل بنك «إتش إس بي سي» (HSBC) خطابات إلى إدارة مسجد «فنزبري بارك»، وعدد من المؤسسات الإسلامية في بريطانيا، يخبرها فيها أن حساباتها في البنك ستغلق.

وكان المبرر، الذي ذكر في بعضها، ان استمرار البنك في تقديم خدماته لتلك المنظمات يقع خارج «حدود رغبته في المخاطرة». كما اتصل البنك بزوجة وابني رجل يدير مركز بحوث إسلاميا في لندن، لإبلاغهم بالقرار.

وأكد البنك أن قراراته بإغلاق تلك الحسابات «لا تستند إطلاقا إلى دين أو عرق»، مضيفا أن «التمييز ضد العملاء على أساس عرق أو دين أمر غير أخلاقي، وغير مقبول وغير قانوني، والقواعد والسياسات العامة لبنك إتش إس بي سي تضمن ألا يكون الدين أو العرق عاملا مؤثرا في القرارات المالية».

سبب وحيد

وتم إرسال الخطاب من جانب البنك إلى مسجد فنزبري بارك شمالي لندن، في 22 يوليو الماضي، وكان السبب الوحيد المذكور لتبرير اعتزام البنك إغلاق الحساب هو أن «تقديم الخدمات المالية أصبح الآن يقع خارج حدود رغبتنا في المخاطرة».

واخبر البنك في خطابه أمين صندوق المسجد بأنه سيغلق حسابه اعتبارا من 22 سبتمبر المقبل. لكن خالد عمر، أحد أعضاء مجلس أمناء المسجد، أبدى شكوكا في الدوافع التي تقف وراء قرار البنك بإغلاق الحسابات.

وقال عمر ان «الخطابات التي أرسلت إلينا وتسلمناها لا تعطي أي سبب يبرر إغلاق الحسابات»، مضيفا ان هذا «جعلنا نعتقد أن السبب الوحيد وراء ذلك هو حملة كراهية الإسلام، التي تستهدف المنظمات الخيرية الإسلامية في بريطانيا».

قرار صادم

وذكر مدير المسجد محمد كوزبار لـ»بي بي سي»: «البنك لم يتصل بنا قبل ذلك، ولم يعطنا أي فرصة حتى لمناقشة مخاوفهم»، مضيفا: «بالنسبة لنا فإن القرار صادم، نحن مؤسسة خيرية تعمل داخل بريطانيا، ولا ننقل أي أموال خارجها، وكل أنشطتنا تمول من موارد مالية داخل بريطانيا».

وحتى عام 2005 كان يشرف على المسجد أبوحمزة، الذي أدين في مايو الماضي بتهمة الإرهاب في الولايات المتحدة.

وزاد كوزبار: «العمل الإيجابي الذي قمنا به منذ أن تسلمنا إدارة المسجد من أبوحمزة، هو تغيير صورة المسجد. لا يوجد شيء يبرر قرار بنك إتش إس بي سي»، مضيفا: «لقد وضعونا في موقف غاية في الصعوبة، إنه الحساب المالي الوحيد الذي نمتلكه».

ويرى أن هذا القرار قد تكون له تداعيات سلبية على البنك، متابعا: «نحن واثقون بأن جاليتنا الإسلامية ستُحبط من قرار البنك، وربما تفكر في إغلاق حساباتها لديه إذا لم يعد فتح حسابنا، أو على الأقل يقدم لنا تفسيرا».

ويقول جيرمي كوربن، عضو البرلمان عن منطقة إزلنغتون، التي يقع المسجد ضمنها، إنه عمل مع المسجد منذ إنشائه، مضيفا أنه «على مدار السنوات العشر الماضية تطور المسجد كنموذج رائع لمسجد لجالية إسلامية، يساعد المواطنين المحليين ويقدم خدماته لأتباع كل الأديان إذا كانوا بحاجة لذلك»، مضيفا: «لقد صدمت وفزعت بسبب قرار بنك إتش إس بي سي».

أمر مقلق

وشملت الخطابات أنس التكريتي، وهو من مواليد بغداد، لكنه يعيش في لندن منذ عدة عقود، فقد تسلم وعائلته أيضا خطابات من البنك. وهو مدير «مؤسسة قرطبة»، وهي مركز بحوث متخصص في القضايا الإسلامية، تأسس عام 2005 بهدف دراسة العلاقة بين أوروبا والشرق الأوسط، حسبما يقول التكريتي.

وتلقى التكريتي وزوجته وولداه اللذان يبلغان 12 و16 عاما، خطابات منفصلة من البنك خلال الأسبوع الجاري، تخبرهم بأن حساباتهم سيتم إغلاقها في سبتمبر القادم، وهذه المرة لم يتم تقديم أي سبب لذلك القرار.

ويشير التكريتي إلى انه يتعامل ماليا مع بنك إتش إس بي سي منذ عام 1980، ولم يكن مدينا للبنك إلا في مرات نادرة، متابعا: «إنه أمر مقلق، أنا لم اعتد أن يتعامل أحد معي بهذه الطريقة، يبدو الأمر كما لو كنت قد ارتكبت خطأ ما، إدراج عائلتي في هذا الموضوع يزعجني، لماذا كل العائلة؟».

واستطرد: «أستطيع فقط أن أخمن، وأتمنى أن يشرح لي أحد من البنك لماذا تم إغلاق الحسابات. هذه المنظمات بالأساس منظمات خيرية، والرابط بينها هي أن العديد منها، إن لم يكن كلها، نشطة في ما يتعلق بالفلسطينيين»، مردفا: «سيكون من العار إذا كان هذا هو السبب فعلا، لكن بما أنهم قد تركوني للتخمين، فهذا هو السبب الوحيد الذي يمكنني أن أتوقعه».

وتلقت مؤسسة قرطبة، التي يديرها التكريتي، والتي تتعامل ماليا مع البنك نفسه، خطابا مطابقا تقريبا للخطاب الذي تلقته إدارة مسجد فنزبري بارك ومؤرخ بنفس التاريخ.

ترتيبات بديلة

صندوق رعاية الأمة ومقره في بلدة بولتن شمال غربي انجلترا، وزع 70 مليون جنيه استرليني على مشروعات خيرية في 20 دولة، ولديه حضور في غزة منذ نحو 10 سنوات، وفي خطاب مؤرخ أيضا في 22 يوليو، أبلغه بنك إتش إس بي سي بنفس السبب الذي أبلغ به مسجد فنزبري بارك وراء غلق حسابه.

وأمهل البنك الصندوق شهرين قبل أن يتم إغلاق حساباته في سبتمبر القادم. وأضاف الخطاب: «ستحتاجون إلى عمل ترتيبات مالية بديلة، حيث إننا غير مستعدين لفتح حساب آخر لكم».

وقال محمد أحمد، مدير صندوق الأمة، إن الصندوق من العملاء الذين يتمنى أي بنك التعامل معهم، وهو دائما لديه رصيد فيه، سائلا بنك «إتش إس بي سي»، خلال اجتماع، عن سبب إغلاق الحسابات، لكنه يقول إن ممثل البنك لم يعطه إجابة.

وتابع أحمد انهم «حرصوا دائما على التعامل مع بنوك ملتزمة بإطار العمل القانوني، إذا كان هناك على سبيل المثال أمر يتعلق بالعقوبات»، معربا عن اعتقاده بأن قرار البنك يرجع إلى نشاط الصندوق في غزة، حيث يقدم الصندوق خدمات «الإسعاف والمساعدات الغذائية والطبية والمنح».

واردف: «نحن نتأكد من أننا نعمل مع منظمات غير حزبية. ما نعمله الآن هو أننا نتأكد عبر وكالة تومسون رويترز من أنه ليس هناك أي صلة أيا كانت بين المنظمات التي نعمل معها وبين منظمات محظورة. نحن لا نريد أن يتضرر عملنا الإغاثي. نحن نبذل قصارى جهدنا لكي نكون محايدين في عملنا قدر الإمكان».

تحليل خاص

من جانبه، أعرب مسؤول حكومي اتصلت به «بي بي سي»، عن اعتقاده بأن قرار البنك لا يرجع إلى إجراء حكومي، وإنما قرار اتخذه بناء على تحليله الخاص للمخاطر.

وفي ديسمبر 2012 اضطر بنك إتش إس بي سي الى دفع 1.9 مليار دولار للسلطات الأميركية، في تسوية حول قضية غسل أموال، وهي أكبر تسوية تدفع في مثل هذه القضية، واتهم البنك حينها بالتورط في غسل أموال تابعة لعصابات تجارة المخدرات، ودول تقع تحت طائلة العقوبات الأميركية.

وفي أغسطس الماضي نقل عن بنك إتش إس بي سي، أنه طلب من أكثر من 40 سفارة وقنصلية ومفوضية عليا في بريطانيا غلق حساباتها. وفي ذلك الحين قال البنك: «إننا نطبق برنامجا تدريجيا لتقييم جميع أعمالنا منذ مايو 2011، وخدماتنا للسفارات ليس استثناء من ذلك».

وأكدت مفوضية المؤسسات الخيرية التابعة للحكومة البريطانية، أنها لا تجري أي تحقيقات مع المنظمات المشمولة بقرار البنك، لكنها قالت إنه إذا حرمت تلك المنظمات الخيرية من فتح حساب مالي مع أي بنك فإن ذلك سيقوض من ثقة الجمهور.

(بي بي سي)

back to top