محمد نبيل غنايم لـ الجريدة.: الزكاة فريضة تستطيع الأمة استغلالها لدحر الفقر

نشر في 28-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 28-07-2014 | 00:02
No Image Caption
الإعدام عقوبة إلهية تستهدف تحقيق العدل والرحمة والمساواة
قال أستاذ الشريعة ورئيس مركز الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة، الدكتور محمد نبيل غنايم، إن قيام الدولة الإسلامية بالوقوف على جمع وتوزيع أموال الزكاة والصدقات في مصارفها الشرعية أصبح ضرورة لا غنى عنها في ظل انتشار الجمعيات الوهمية التي تجمع أموال الناس وتستولي عليها بالباطل أو تنفقها فيما يخدم أهواء القائمين عليها بعيداً عن المصارف الشرعية، لافتا خلال حواره مع "الجريدة" إلى أن الخطاب الديني الإسلامي يواجه فشلاً بدليل تعدد الإساءات للإسلام وكذلك انتشار الغوغائية بين العامة والاحتقان المستمر بين المسلمين، وإلى تفاصيل الحوار.

• تقوم مصر حالياً بإنشاء بيت للزكاة على غرار بيت الزكاة الكويتي كيف ترى دور الزكاة في ظل تعدد المشكلات الاقتصادية في الدول العربية والإسلامية؟

- لابد من الاعتراف أن الدول العربية والإسلامية تكاسلت طويلاً عن تنظيم عملية جمع أموال الزكاة لصرفها في مصارفها الشرعية وتركت الناس نهبا للجمعيات الوهمية التي تتلقى الزكاة من الناس ولا تنفقها في طرقها الصحيحة ولعل نموذج الكويت هو الأبرز في الحفاظ على فريضة الزكاة وتوجيهها التوجيه السليم ونتمنى أن يحذو الجميع حذوها، فكل مسلم متمسك بتعاليم دينه يؤدي الزكاة، لكن المشكلة في عدم توافر الجهة الموثوق فيها لتلقي تلك الزكاة، ولذا على كل الدول العربية والإسلامية إنشاء جهات رسمية موثوق في نزاهتها تجمع زكاة المال وتوزعها لمَن يستحقُّون، وفقاً لمصارفها الشرعية ولا مانع من عقد مؤتمر يشارك فيه علماء الشريعة لبحث مسألة استثمار جزء من تلك الأموال وجمع هيئات الزكاة في الدول الإسلامية تحت مظلة واحدة بما يخدم المصارف الشرعية لتلك الفريضة.

• في شهر رمضان يجود المسلمون بأموال الصدقات في هذا الشهر الكريم لكن الفقر يتزايد بنفس الدرجة فما الحل من وجهة نظركم؟

- التاريخ الإسلامي حفل بنماذج عديدة حول كيفية تفعيل العمل الخيري لتحقيق أسمى فوائد التكافل في المجتمع، ولنا في ما حدث بين الأنصار والمهاجرين في أعقاب الهجرة النبوية أكبر المثل على ذلك، فالأنصار منحوا المهاجرين نصف أموالهم لكن المهاجرين لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل قاموا باستثمار تلك الأموال والعمل على تنميتها بحيث تحولوا من فقراء إلى أثرياء وساهموا في رفع الفقر عن غيرهم من المسلمين، وهذا من أعظم تطبيقات التكافل الاجتماعي القائم على العمل التطوعي والخيري، وحتى كتاب الوحي الذي كانوا يمارسون دورهم في توثيق آيات القرآن الكريم الذي يمثل أهم ركن في عقيدة المسلمين فهو منهاج حياتهم ودستور دولتهم، فالتعليم وكفالة اليتيم ورعاية الأرملة والعجوز ورعاية طالب العلم وسقي الماء وما كان ينتدب إليه الرسول (ص) من أعمال خيرية نذكر منها دعوته لشراء بئر ماء احتاج المسلمون إليه منعه عنهم صاحبه، وغيرها الكثير ومما كان يبتدر به أيضا أصحاب الخير رغبة في الأجر كل هذا يؤكد ضرورة تحول التبرعات من مجرد مسكنات للفقير إلى وسيلة لتنمية المجتمع لحل مشكلة الفقر نهائيا، وهذا لن يكون إلا باستثمار جزء منها.

• ينادي الغرب بإلغاء عقوبة الإعدام فهل يمكن التخلي عنها في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة واستبدالها بعقوبات أخرى؟

- الإسلام دين رحمة وشفقة وتعامل مع الإنسان على أنه صورة مصغرة للإنسانية جمعاء، وأي اعتداء على الفرد أو إهدار لحقوقه هو في حقيقة الأمر اعتداء على الإنسانية كلها وعقوبة الإعدام التي يطالب هؤلاء بإلغائها باسم الرحمة وحق الإنسان في الحياة هي عقوبة عادلة تستهدف اقتلاع جريمة العدوان على النفس الإنسانية من جذورها، وهذه العقوبة ليست محل اجتهاد من أحد ولا يجوز لأحد في الدول الإسلامية إلغاؤها لأنها من الحدود الشرعية الثابتة في القرآن الكريم والسنة المطهرة القولية والفعلية، وعليها إجماع الأمة سلفاً وخلفاً، وهي من شرائع الفطرة الإنسانية متى استوفت شرائطها وتحقق أسبابها.

 لابد أن يدرك من يرددون هذه الدعاوى الكاذبة المضللة التي تسعى إلى إلغاء عقوبة الإعدام وتدعي زورا وبهتانا الحفاظ على النفس الإنسانية أن تنفيذ هذه العقوبة يرفع عن المجتمع ويلات كثيرة ويحميه من مخاطر جمة، ففي ظل التغاضي عن القصاص من القاتل ستنتشر الفوضى في المجتمع وستزهق أرواح الأبرياء دون رادع، وإذا كان المنادون بإلغاء عقوبة الإعدام يحرصون على نفس قاتلة، فلماذا لا يذرفون الدم بدلا من الدمع رحمة بأسر تشردت بعد عائلها، وأبناء تيتموا بعد أبيهم ونساء ترملت بعد أزواجهن!

• تكلم كثيرون عن تطوير خطابنا الديني لكن الإساءات المتكررة للإسلام توحي بفشل الخطاب الموجه للآخر، ما رأيك؟

- فشل الخطاب الديني المعاصر في تحديث صورة الإسلام حقيقة لا جدال فيها وله أسباب عدة في مقدمتها أن المتحدثين عن الإسلام في معظم الأحيان ليسوا مؤهلين علمياً وبالتالي يكون حديثهم عن الإسلام ضعيفاً لا يمثل الصورة الحقيقية للإسلام وللتشريع الإسلامي، ومن ناحية أخرى بعض هؤلاء المتحدثين عن الإسلام ينتمون إلى أحزاب معينة ويحاولون الترويج لهذه الأحزاب أو المذاهب ومن هنا يقدمون صورة مشوهة ليست صحيحة عن الإسلام الحقيقي بل إنهم يتعصبون إلى مذاهبهم بالإضافة إلى الترويج لها فإذا قورنت بالمذاهب الأخرى ظهر التعارض والفساد في بيان الصورة الإسلامية من هنا يجب على من يتحدث عن الإسلام ألا يتحدث من زاوية مذهبية أو حزبية، بل من خلال الإسلام وسنة نبيه وأقوال الصحابة والتابعين.

• هل ترى أن الإسلام منكوب ببعض المحسوبين عليه؟

- للأسف هذا صحيح  فبعض من يتحدثون باسم الإسلام يخالف سلوكهم أقوالهم فيؤدي ذلك إلى تشويه الصورة الصحيحة أو المناسبة لما يقول وبالتالي يكون هناك اختلاف بين الصورة الحقيقية الموجودة في الإسلام التي يتحدث عنها بعض الدعاة والصورة التي يطلقونها وتبدو في تصرفاتهم وسلوكياتهم، أضف إلى ذلك أن الكثير من جمهور المسلمين الذين يسيحون في الأرض ويتجولون سياحة بين البلاد الأوروبية أو أميركا اللاتينية أو بلاد جنوب شرق آسيا يشوهون صورة الإسلام بما يفعلون من سلوكيات نهى عنها الشارع الحكيم وحذّر منها .

back to top