رشدي أباظة... الرجل الأول: بلا عودة (29)

نشر في 27-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 27-07-2014 | 00:02
في اليوم التالي لعرض فيلم «حكايتي مع الزمان» وبعد حديث بين رشدي والمخرج عاطف سالم، اتصل الأخير برشدي لتحديد موعد لزيارته في بيته، فرحب فوراً، بل ألغى ارتباطاته كافة لأجل هذا اللقاء.
في الموعد وصل عاطف سالم وبصحبته سعاد حسني، فهو يعرف مدى المساحة التي تحتلها من قلب رشدي أباظة وعقله، فأتى بها بناء على نصيحة منتج الفيلم عباس حلمي، للتأثير عليه للموافقة على التنازل عن جزء من أجره.
رحب رشدي أباظة بكل من سعاد حسني والمخرج عاطف سالم في بيته أيما ترحاب، ما زاد من طمأنة عاطف سالم، وراح يحدث رشدي عن فيلم «حكايتي مع الزمان» ودوره، ثم الأهم، وهو ما جاء بسببه، تخفيض أجره، فقد كان يتقاضى أعلى أجر في مصر:

- طبعا أنا بعشق كل روايات إحسان عبد القدوس. لكن دي بالذات هايلة... لأنها رواية مركبة وفيها أحاسيس رهيبة. وشخصية الدكتور «زهدي» مهمة. دا اختيار موفق جدا.

* طب الحمد لله دي بداية مبشرة جداً. عندي إحساس إننا هانعمل فيلم يكسر الدنيا. أفيش عليه أسماء إحسان عبد القدوس ورشدي أباظة وسعاد حسني...

- وقبلهم عاطف سالم.

* أنا بشكرك على ثقتك دي. ودا اللي خلاني أطمع في الكلام اللي قلته بخصوص الأجر. وجايب سعاد حسني معايا علشان تساندني وتشفع لي عندك.

- أنت وسعاد على رأسي من فوق... وأنا ممكن أشتغل من غير فلوس خالص. لكن أخفض مليم واحد من أجري مستحيل. ومش بس كدا... أنت عارف أني باخد أجري كله كامل قبل ما أعمل ماكياج... مش قبل ما أصور... والأستاذ عباس حلمي عارف كدا كويس.

لم يكن أمام عاطف سالم والمنتج عباس حلمي سوى النزول عند رغبات رشدي، ليبدأ مطلع 1974، تصوير فيلم «أين عقلي؟»، قصة إحسان عبد القدوس، سيناريو رأفت الميهي وحواره، وتمثيل كل من رشدي أباظة وسعاد حسني ومحمود ياسين والوجه الجديد مصطفى فهمي وعماد حمدي ونبيلة السيد وسعيد صالح.

بعده قدم رشدي فيلم «يا رب توبة» مع صديقه المخرج علي رضا، من تأليف محمد عثمان، إلى جانب كل من سهير المرشدي، نور الشريف، الوجه الجديد نورا، حسين فهمي، مريم فخر الدين، وسيد زيان.

كان رشدي يرحب، وربما أحياناً هو من يطلب، بالعمل مع الوجوه الشابة، والفنانين الجدد، غير أن كيمياء خاصة حدثت بينه وبين نور الشريف من بين نجوم الجيل الجديد، رأى فيه شبابه، رغم أن الفارق العمري بينهما لم يكن كبيراً، ورأى فيه نور مثالاً أعلى يسير على هداه، في اختيار أدواره، ونوعية أعماله. ما إن انتهيا معاً من تصوير «يا رب توبة» حتى بدآ تصوير «يوم الأحد الدامي» من تأليف عبد الحي أديب، وإخراج نيازي مصطفى، وشاركهما كل من ميرفت أمين وعماد حمدي وزهرة العلا. وقبل أن ينتهي تصوير الفيلم، سقط الفنان نور الشريف فجأة، ليتم نقله إلى المستشفى، فنصحه الأطباء بعدم الحركة نهائياً لمدة عشرين يوماً، لإصابته «بانزلاق غضروفي».

طيلة العشرين يوماً، تابع رشدي زيارته لنور، فما إن كان ينتهي من عمله حتى يذهب إلى المستشفى في الحادية عشرة أو الثانية عشرة مساء. ورغم أن زيارات المرضى تنتهي في السابعة مساء، كان رشدي يصل في سيارته ليقف أمام باب المستشفى ويطلق «بوق سيارته» وإذا لم يفتح الحارس يقتحم البوابة ليدخل عنوة محدثاً ضجيجا، فاضطر الأطباء إلى نقل نور إلى قسم الأطفال المولودين حديثاً، حيث يوجد عازل صوتي كي لا يشعر المرضى بالضجة التي يحدثها قدوم رشدي أباظة، ويبدأها بضحكته العالية المميزة والساحرة، ولا يعرف أحد متى تنتهي.

في منتصف عام 1975، فاجأ المخرج سعيد مرزوق، رشدي أباظة بأحد العروض التي يتمناها رشدي لقيمتها وأهميتها بالنسبة إليه، إذ قرر أن يجمع بينه وبين فاتن حمامة، في فيلم سبقته دعايته سنوات طويلة، لأنه مأخوذ عن باب اشتهر طويلا في الصحافة المصرية بعنوان «أريد حلا» ظلت تحرره الكاتبة الصحافية حُسن شاه لسنوات، قبل أن يتحول إلى فيلم سينمائي بالاسم نفسه، دار حول قوانين الأحوال الشخصية، واستحالة الحياة الزوجية بين «درية» وزوجها الديبلوماسي «مدحت» فترفع دعوى طلاق، ويدخلان معا في متاهات المحاكم، لكن القضاء لا ينصفها ويرفض دعوى الطلاق.

شارك رشدي وفاتن بطولة الفيلم كل من أمينة رزق، ليلى طاهر، وكمال ياسين. وكان العرض الأول له في سينما «ريفولي» في وسط القاهرة، حيث امتلأت دار العرض بالحضور لمشاهدة اللقاء المرتقب بين فاتن حمامة وبين رشدي أباظة، وأطلقوا عليه «لقاء السحاب» تشبيهاً بلقاء «كوكب الشرق» أم كلثوم بالموسيقار محمد عبد الوهاب في أغنية «أنت عمري».

بدأ عرض الفيلم، وبينما الجمهور في صالة العرض يكتم أنفاسه لمتابعة الأحداث «المستفزة» له من البطل تجاه البطلة، حتى جاء مشهد يصفع فيه البطل رشدي أباظة، البطلة فاتن حمامة، صفعة قوية على وجهها، هنا جاءت صرخة قوية من وسط صالة العرض تشق الصمت: حرام عليك يا ابن...

تعالت الأصوات والهمهمات... والتفت الحضور تجاه الصوت، وبدأ بعض الفتيات من معجبات رشدي، التحرك من مكانهن تجاه الصوت للفتك بصاحبته، وتعالت الأصوات فتوقف عرض الفيلم وأضيئت الأنوار، وهنا خرج صوت آخر موجهاً تجاه الفتيات: لو سمحتم لحظة واحدة... دي قسمت رشدي أباظة. بنت الفنان الكبير رشدي أباظة.

كانت تلك التي أطلقت هذه الصرخة هي قسمت، أطلقتها لأجل فنانة أحبتها بصدق، والأهم لأجل فتى أحلامها «رشدي أباظة» الفنان الذي لم تتوقع أن يبدو بكل هذه القسوة، ولم تره يوماً يمد يده على سيدة، لتراه هنا يضرب فنانتها الخاصة، فخرجت عن شعورها بسبب شدة انفعالها واندماجها مع الأحداث. لكن ما إن أفاقها الجمهور وأخرجها من اندماجها لتعود إلى رشدي الأب، حتى انخرطت في بكاء شديد، فكيف تنعت والدها وحبيبها وفتى أحلامها هكذا؟!

في العام نفسه، قدم رشدي ثلاثة أفلام أخرى، بدأها بفيلمين في بيروت، الأول «باي باي يا حلوة» مع المخرج عاطف سالم عن قصة عبد الحي أديب، سيناريو بهجت قمر وحواره، وشاركه فيه كل من ملكة جمال لبنان جورجينا رزق، محمد عوض، ميمي جمال، سمير شمص، وسليم الفرخ. الثاني «أعظم طفل في العالم» من تأليف علي سالم وإخراج جلال الشرقاوي، مع كل من هند رستم، ميرفت أمين، صلاح السعدني، عمر خورشد، ومعهم من لبنان ماتيلدا ونادية أرسلان. ثم فيلم «شباب هذه الأيام» عن قصة محمد العدوي، سيناريو عبد الحي أديب وحواره، إخراج عاطف سالم، مع كل من سمير صبري، سمير غانم، صفية العمري، محمد عوض ومحمد رضا.

في مطلع 1976، استطاع المخرج حسام الدين مصطفى، أن يجمع الصديقين رشدي أباظة وفريد شوقي، بعد أربع سنوات من لقائهما معاً في فيلم «كلمة شرف» ليشاركا معاً في فيلم «توحيدة» عن قصة للأديب نجيب محفوظ، سيناريو صبري عزت وحواره، ومعهما كل من ماجدة الخطيب، نور الشريف، وسناء جميل. تدور أحداث الفيلم حول علاقة الحب التي تربط بين «توحيدة» و{حسين» وينتج منها طفل غير شرعي. ويسافر حسين خارج البلاد لتحسين أحواله المادية، فتضطر إلى الزواج من ثري للتستر على الفضيحة. لكن حسين يعود ويطالب بحقه في توحيدة، وفي ابنهما ثمرة العلاقة الخاطئة.

بعده قدم رشدي فيلم “لمن تشرق الشمس” من إخراج حسين حلمي المهندس وتأليفه، إلى جانب كل من مصطفى فهمي، ناهد شريف، المطرب فايد محمد فايد، نبيل نور الدين، وهادي الجيار. وقبل أن ينتهي عام 1976، تحققت لرشدي أمنية تأخرت أكثر من ربع قرن إذ التقى الأصدقاء الثلاثة، رشدي وعادل أدهم والمخرج علي رضا، في فيلم «آه يا ليل يا زمن» عن قصة للأديب إحسان عبد القدوس، سيناريو محمد عثمان وحواره، وشارك رشدي وعادل كل من المطربة وردة الجزائرية، مريم فخر الدين، سمير غانم، يوسف شعبان، يحيى الفخراني، والراقصة عزة شريف.

لم يمنح رشدي نفسه هدنة يتوقف فيها ليلتقط أنفاسه، فكان يلهث طوال الوقت، يعمل كثيراً، ويشرب كثيراً، ويدخن كثيراً، ويحب كثيراً أيضاً، يحب كل من حوله، وكل شيء، بل ويفعل كل شيء بدافع الحب، ولا يتوقف حتى لو سمع جرس إنذار صحته يدوي عالياً، فيؤكد لنفسه، قبل المحسطين به، أنها مجرد سويعات يرتاح فيها، ويعود بعدها مثل «الحصان».

ما إن يشعر بالتعب والإرهاق، حتى كان يلجأ إلى النسمة الهادئة، والأحضان الدافئة في بيته، يلجأ إلى سامية جمال التي اقتنعت بدورها كزوجة وحبيبة، وأيضاً سكرتيرة ومديرة منزل، تحبه بلا حدود وتغار عليه، لكنها تعرف مدى جاذبية رشدي إلى النساء، وتعرف أن نزواته لا تنتهي، ورغم ذلك يمكن أن تغفرها، لأنها تؤمن بمبدأ «أنه سيعود إلى بيته في نهاية اليوم». لكن ما لم تستطع أن تقبله أو تغفره إقباله على الشراب بشراهة، ليلاً ونهاراً، داخل المنزل وخارجه، في الملهى وخلال التصوير!

رغم المحاولات كافة التي بذلتها سامية لثنيه عن الشراب، ورغم تهديداتها له المستمرة، فإنه لم  يقلع عنه، ربما يفعل ذلك ليوم أو بعض يوم، إرضاء لها وانحناء للعاصفة حتى تمر، لشدة حبه لسامية وتعلقه بها. لكنه لم يكن يقوى على المقاطعة، وسرعان ما كان يعود إلى الشراب، فلم تكن المشكلة في الشراب في حد ذاته، لكن الأهم في ما يتبعه من خروج على شعوره، لدرجة تجعله غير مسؤول عن تصرفاته، ويصل إلى تحطيم كل شيء حوله، ولولا حجم موهبته ونجوميته، لكان لذلك أثر كبير على عمله كفنان، وربما كان السر، أو هكذا ظن رشدي، في ذلك «المفتاح الذهبي».

ففي اليوم الأول لزواجهما، أهدته سامية جمال مفتاحاً ذهبياً، هو مفتاح شقتها في عمارة «ليون» في الزمالك، فاحتفظ رشدي به، وأصبح يتفاءل بوجوده في جيبه طوال الوقت. لكنه اكتشف فجأة أنه اختفى من جيبه، لم يعد موجوداً، بحث عنه طويلاً ولكن من دون جدوى، فحزن على ضياعه حزناً شديداً، ولم يشأ أن يخبر سامية بذلك، كي لا تحزن أيضاً.

كأنما فعلاً كان «مفتاح السعادة» وليس «مفتاح الشقة»، فما إن تأكد رشدي من ضياعه، حتى بدأت الخلافات تدب بينه وبين سامية، ووقعت المواجهة التي حاول كل منهما تجنب وقوعها سنوات طويلة، والكارثة أنها وقعت ورشدي تحت تأثير الشراب:

- أنا عشت طول حياتي حر وهاموت حر... ومش هاسمح لحد أنه يتحكم فيا.

* بس أنت كدا بتدمر نفسك... وبتدمرني معاك.

- أنا ممكن أدمر نفسي... لكن عمري ماحاولت أدمر غيري. ودا مايديش أي حد مبرر أنه يتدخل في حياتي.

* حتى أنا؟

- حتى أبويا وأمي اللي خلفوني. الحب مش تحكم والعطاء مش منة.

امتد النقاش حتى الصباح، وكلما مرت ساعة ازداد الأمر تعقيداً واشتعالاً بينهما، ولم ينته اليوم إلا وقد وصل إلى «الطلاق» الذي أصرت عليه سامية، فيما حاول رشدي أن يبعد هذا الشبح الذي رآه يخيم على المكان منذ أول الليل، لكن من دون جدوى، فانتهيا إليه.

جمع رشدي حقائبه ليغادر القفص الهادئ الذي أمضى فيه أجمل سنوات عمره كإنسان، وأهم سنوات تألقه كفنان، ليسدل الستار على أجمل قصة حب عرفها الوسط الفني، ويكتبا معا كلمة النهاية في فيلم لم يتوقع أحد من جمهوره أن تكون هذه خاتمته، خصوصاً بعدما عبرت صعاب وعواصف كثيرة توقعوا معها أن تكون النهاية. لكن لم تحدث، فقد كانت سامية على استعداد للتسامح والغفران في أي شيء، إلا أن تفقد رشدي جزءاً بعد جزء.

قبل أن يغادر رشدي المنزل، أخرج ظرفاً من جيبه وناوله إلى سامية:

- الظرف دا هتلاقي فيه خمس تلاف جنيه.

* أنت فاهم أني محتاجة فلوس.

- دي مش فلوس. دا الوعد اللي كنت وعدتك بيه، أنت كنت طلبتِ السنة اللي فاتت أنك تروحي الحج... وأنا وعدتك أننا هانروح سوا. لكن أعتقد أنه مش هاينفع دلوقت علشان كدا جبتلك الفلوس دي نصيبك في الحج.

* مش عارفة أقولك إيه...

- ماتقوليش حاجة. وكمان هاتلاقي في الظرف بوليصة تأمين على حياتي... كنت عامل اتنين واحدة لصالحك بست آلاف جنيه... والتانية لصالح قسمت بألف جنيه.

* صدقني ماكنتش أحب نقف الموقف دا.

- ولا أنا... وطول عمري كنت خايف من اليوم دا. أرجوك راجعي نفسك.

* مابقاش ينفع... فات الأوان.

لم يذهب رشدي إلى بيته ولا إلى مزرعته، ورفض أن يذهب إلى بيت والده أو والدته، بل اختار حياة الفنادق، عاش وحده وسط أحزانه وآلامه على ضياع الحب والدفء، والحياة الأسرية التي افتقدها كل سنوات عمره منذ طفولته، وزاد من حزنه وآلامه، ذلك الخبر الذي بثته الإذاعة والتلفزيون، ووكالات الأنباء:

«فقدت مصر والأمة العربية أحد أهم وأكبر الفنانين العرب... المطرب العاطفي العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي وافته المنية في ساعة متأخرة من مساء أمس في مستشفى «كينغز كوليج» في لندن».

بكى رشدي طويلاً، لفقده أحد أقرب أصدقائه، شعر بأن الدنيا تنفض من حوله، وأنه عاد وحيداً كما بدأ. لم يخرجه من هذه الحالة الحزينة، سوى الخبر الذي فاجأته به ابنته قسمت، اكتشف أنها أصبحت عروساً، تحب وتريد الزواج ممن تحب. اختارت رجلاً توسمت فيه أنه شبيه لفتى أحلامها «رشدي أباظة»، اختارت الممثل الشاب «أحمد دياب» الذي اتخذ من رشدي مثالاً أعلى له:

- بذمتك دا شبهي يا بنت انت!

* يوووه يا بابا... مش بالظبط. بس هو فيه منك... لكن بصراحة هو مافيش غير رشدي أباظة واحد.

- وأنا كل أمنيتي في الدنيا أشوفك أسعد بنت على الأرض. صدقيني ممكن ماكونش الأب المثالي. لكني حاولت وبذلت أقصى طاقة عندي علشان أسعدك.

أقام رشدي أباظة عرساً أسطورياً لوحيدته قسمت، وتمنى لو أن سامية جمال ارتفعت فوق الخلافات وحضرت العرس، انتظرها حتى اللحظات الأخيرة لكنها لم تأت. غير أنه لم ييأس وظل يحاول لأجل إعادة المياه إلى مجاريها، سواء بمحاولات شخصية منه، أو عبر أصدقاء مشتركين... لكن من دون جدوى.

البقية في الحلقة المقبلة

شقيق وتكريم

بعد طلاقه، لم يبق إلى جوار رشدي سوى شقيقه فكري، حتى إنه لم يعد يفارقه إلا عند النوم، ليكون كل شيء بالنسبة إليه، ليس فقط الشقيق، بل أيضاً الصديق المقرب، وكاتم الأسرار. لكن رغم تمتع فكرى بموهبة تمثيلية، حتى وإن كانت محدودة، فإن نجومية رشدي ظلمته كثيراً، فبعدما توسم فيه المخرجون أن يكون النسخة الثانية من رشدي أباظة، خابت توقعاتهم وآمالهم، ما زاد من إحساس رشدي بالذنب تجاهه، وشعوره بأنه مسؤول ولو بشكل غير مباشر عن ذلك. فبعد أن أشركه معه في فيلمي «من البيت للمدرسة» و{البنات لازم تتجوز» أخذه معه في مطلع العام 1978 ليشارك في فيلم «ضاع العمر يا ولدي»، قصة وسيناريو محمد عثمان وحواره، وإخراج عاطف سالم، إلى جانب كل من نور الشريف ومحمود عبد العزيز وشهيرة وعماد حمدي والوجه الجديد معالي زايد والراقصة فيفي عبده وضيف الشرف محمود ياسين، الذي وزَّع الفيلم من خلال شركته الجديدة، ما جعل رشدي يشعر بأن الجيل الجديد يستعد لاتخاذ مواقعه في الصفوف الأولى، وكان ذلك دافعاً لاستكمال مسيرته ودوره الذي يقوم به على مدار سنوات نجوميته في مساندة الجدد من منتجين وممثلين ومخرجين، وهو ما جعله يوافق على العمل مع المخرج يحيى العلمي، الذي لمع اسمه بعد إخراج مسلسل «الأيام» للممثل الشاب أحمد زكي.

وافق رشدي على القيام ببطولة فيلم يحيى العلمي «خائفة من شيء ما» عن قصة فتحي أبو الفضل، إلى جانب كل من عزت العلايلي، نجوى إبراهيم، جميل راتب، عماد حمدي، مديحة يسري، صفية العمري، مريم فخر الدين، ما كان سبباً في تذكر الدولة المصرية أن ثمة نجماً كبيراً اسمه رشدي أباظة لم يتم تكريمه بعد، فكان اسمه على رأس قائمة من وافق الرئيس محمد أنور السادات على تكريمهم في «عيد الفن» عن مجمل أعمالهم في مشوارهم السينمائي.

فوق منصة التكريم كان استقبال الرئيس السادات له استقبالاً حاراً، صافحة بقوة وعانقه بود:

* أنا بحبك أوي يا رشدي وبشوف اللي أقدر عليه من أفلامك... لأنك فنان كبير وقدير.

- دا شرف ليا يا سيادة الريس... وتكريم سيادتك ليا النهارده وسام على صدري.

* بس يا أخي أنت ما بتعملش ليه مسلسلات زي «بابا عبده» كدا... عايزين نشوفك في التلفزيون يا رشدي.

- قريب أوي يا ريس. إن شاء الله هانعمل حاجة للتلفزيون قريب.

back to top