قيادة الصين الجديدة الأقل انفتاحاً تصعد حملتها ضد الإنترنت

نشر في 26-07-2014 | 12:02
آخر تحديث 26-07-2014 | 12:02
No Image Caption
يعتبر الحزب الشيوعي الصيني ازدياد شعبية تلفاز الإنترنت مصدر خطر، لذا أمرت السلطات الإعلامية المنظمة لصناعة الترفيه في الصين في منتصف يوليو الجاري الجهات المزودة لخدمة تلفاز الإنترنت بالتوقف عن عرض أفلام أجنبية ومسلسلات تلفزيونية من دون الحصول على ترخيص حكومي.
كانت حملة القمع التي شنتها الحكومة ضد مواقع التواصل الاجتماعي في السنة الماضية مجرد بداية لحرب الحزب الشيوعي على النفوذ الثقافي الغربي وحركات المعارضة.

قبل ما يقارب السنة شنت القيادة السياسية الجديدة في الصين حملة شرسة ضد مواقع التواصل الاجتماعي أفضت الى اعتقال مدونين بارزين من ذوي النفوذ ولديهم الملايين من الأنصار على مواقع «الويبو» وهي الكلمة المقابلة لـ»تويتر». وقد صدرت بحق البعض منهم أحكام بالسجن بتهمة «نشر الاشاعات»، كما أعادت المحكمة العليا والادعاء العام في البلاد تفسير القانون الصيني بحيث تصبح عملية نشر «اشاعات» على شبكة الانترنت جريمة.

هذه الخطوة الشديدة ضد وسائل التواصل الاجتماعي والتي نفذت كما هو واضح بناء على أوامر من جانب كبار القادة في الصين أثبتت فعالية مفاجئة – بخلاف من يعتقد ان الأنظمة القمعية عاجزة عن التعامل مع تقنيات المعلومات المعرقلة والسريعة التطور. وخلال أقل من سنة تمكنت الرقابة من ترويض موقع «ويبو» في الصين. وأصبح الانتقاد العلني العام للفساد وعدم أهلية المسؤولين الحكوميين – وهي سمة كانت سائدة من قبل – أقل ظهوراً على مثل تلك المواقع في هذه الأيام. وتوجه العديد من المستخدمين الى منصة جديدة اون لاين تدعى «وي تشات»، وتعني المحادثة والتي تربط الأفراد وتشكل مجتمعات أصغر كثيراً من الويبو.

مجرد بداية

وإذا كنت تتوقع أن يحتفل الحزب الشيوعي الصيني بالاحتفال بانتصاره وأخذ فترة راحة فأنت مخطئ. وذلك لأن حملة القمع التي شنها الحزب على مسائل التواصل الاجتماعي في السنة الماضية كانت مجرد بداية لحربه على ثورة المعلومات. كما أن حكومة بكين عمدت منذ ذلك الوقت الى تصعيد حملتها بتصميم غير مسبوق. وكما هي العادة، حظيت مواقع الشبكة الأجنبية ومنصات الانترنت باهتمام خاص. وقد تم حجب موقع صحيفة نيويورك تايمز باللغة الانكليزية وكانت بكين تكتفي بحجب موقع الصحيفة باللغة الصينية فقط، كما تعذر الوصول الى موقع «غوغل» في داخل الصين.

وقد ركزت أحدث حملة شنتها بكين على تلفاز الانترنت. وكانت شركات تلفاز الانترنت التي استفادت من وجود ثغرات تنظيمية حققت نجاحاً في أعمالها التجارية من خلال بيع أجهزة وخدمات اشتراك الى المستهلكين الذين كان في وسعهم عندئذ ربط أجهزة التلفاز بمواقع فيديو تلفزيونية مثل سوهو ويوكيو. وتسمح هذه الخدمة للمواطن الصيني العادي بمشاهدة الأفلام والبرامج التلفزيونية الغربية مثل «هوم لاند» و«هاوس اوف كاردس».

يعتبر الحزب الشيوعي الصيني ازدياد شعبية تلفاز الانترنت مصدر خطر. وقد أمرت السلطات الاعلامية المنظمة لصناعة الترفيه في الصين في منتصف شهر يوليو الجاري الجهات المزودة لخدمة تلفاز الانترنت بالتوقف عن عرض أفلام أجنبية ومسلسلات تلفزيونية من دون الحصول على ترخيص حكومي. وقد أضر هذا القرار بشدة بسوق تلفاز الانترنت في الصين، وتعين على كبار الشركات في السوق تعليق مبيعات أجهزتها وبرامجها باللغة الأجنبية على الفور. وتطرح هذه الخطوة طبعاً مسألة ما اذا كان الحزب الشيوعي سوف يلاحق الآن مزودي خدمة الفيديو في الصين مثل يوكيو.

أدلة إضافية

تقدم آخر محاولة من جانب الحزب الشيوعي الصيني لفرض ارادته على صناعة المعلومات في الصين أدلة اضافية على أن القيادة الصينية الجديدة، وعلى الرغم من حديثها المنمق عن الاصلاح الاقتصادي، هي أكثر محافظة من الوجهة العقائدية من القيادات السابقة. لم يكن قادة الصين في السابق ملائكة وقد أقدموا بصورة دورية على اعتقال نشطاء في مجال حقوق الانسان وأغلقوا مطبوعات ومواقع انترنت، ولكنهم مقارنة مع القيادة الجديدة كانوا أكثر حرصاً وأقل منهجية في قمعهم لتدفق المعلومات.

ويشير أحد التفسيرات في هذا الصدد الى أن القادة السابقين، وعلى الرغم من شعورهم بعدم الأمان، فإنهم لم يشعروا بأن عليهم اللجوء الى اجراءات قمع غير عادية من أجل استعادة الخوف. ولكن القيادة السياسية الصينية الحالية أظهرت درجة أعلى من الشعور بعدم الأمان. وعلى سبيل المثال أنشأت الصين لجنة جديدة للأمن القومي في وقت سابق من هذه السنة وعمدت الى تضمين «الأمن الثقافي» و»أمن النظام» و»أمن المعلومات» كجزء من الأمن القومي الصيني.

المنظمات غير الحكومية

وفي شهر يونيو الماضي أصدرت اللجنة أول تعليماتها الذي أمر بالتحقيق في أنشطة المنظمات الأجنبية غير الحكومية العاملة في الصين. وتعتبر ملاحقة تلفاز الانترنت في هذا السياق خطوة اخرى من جانب الحزب لمنع الثقافة الغربية السيئة من تقويض النظام.

تبدو سلطات بكين مقتنعة بأن الأنظمة الشيوعية في الكتلة السوفياتية السابقة سقطت بشكل رئيسي نتيجة الليونة الزائدة من جانب الحكام وعزوفهم عن استخدام القوة لسحق حركات المعارضة. ونتيجة لذلك حث البعض من كبار القادة الصينيين مسؤولي الحزب على «عدم التردد في إشهار سيوفهم»، وهي جملة تعني بالصينية استخدام العنف ضد الخصم. وبشكل عملي أفضى «إشهار السيف» الى اعتقال وحبس نشطاء بارزين في حقوق الانسان ومحامين تركوا وحدهم الى حد كبير في عهد القيادة السابقة.

ما من شك في أن قادة الصين الجدد يراهنون على أن القمع والرقابة، لا الاصلاحات الديمقراطية، سوف يفضيان الى استدامة حكم الحزب وهذا رهان جريء، ولكنهم ربما أخطأوا في الحسابات بشدة. وفي هذه الحالة على وجه الخصوص، فإن حرمان مئات الملايين من المواطنين العاديين من الوصول الى «هاوس اوف كاردس» و»هوم لاند» سوف يفقد النظام الجديد الكثير من شعبيته.

(مجلة فوربس)

back to top