تدخُّل مجلس الاحتياطي الفدرالي في الأسواق غير مرغوب

نشر في 26-07-2014 | 00:04
آخر تحديث 26-07-2014 | 00:04
No Image Caption
سوف يكون في وسع مجلس الاحتياطي الفدرالي فرض أنظمة جديدة على الشركات المالية، نتيجة أي سبب يتعلق بالاستقرار يتقدم به مجلس الإشراف على الاستقرار المالي. وقد تندّر مايكل بيوار بالقول إن المجلس يمثل «فرقة الإعدام بحق الرأسمالية».
«اشتر بسعر منخفض، وبع بسعر مرتفع»، هي وصفة مضمونة لكسب المال في وول ستريت... إذا تمكنت من ذلك. لكن المشكلة تكمن في صعوبة تحديد متى تكون أسعار الأسهم في أدنى مستوياتها أو في ذروتها.

كما أنه لا يوجد مقياس موضوعي من أجل الحكم على سعر السهم. فعلى سبيل المثال، ما هو معدل الأسعار التي يمكن وصفها بأنها «مرتفعة جداً «؟

من الواضح أن مجلس الاحتياطي الفدرالي قد توصل الى حل هاتين المشكلتين. ونقلا عن صحيفة وول ستريت جورنال، فإن مجلس الاحتياطي الفدرالي أعرب عن اعتقاده بأن مستوى أسعار أسهم الشركات الصغيرة وشركات الاعلام وأيضا التقنية الحيوية «يبدو مرتفعا عن المعدل الطبيعي». وقد أدلت رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي السيدة يلين بهذه الشهادة في اليوم ذاته الذي أكد فيه آلان مندلويتز خلال اجتماع لمعهد «أميركان انتربرايس» أن من السهل جداً فهم قيم الأصول».

 ومضى يقول إن من السهل منع حدوث فقاعات أصول، لأنها تظهر فقط عندما تصبح قيم الأصول منفصلة عن التدفقات النقدية الأساسية.

وعلى الرغم من هذه التطمينات المريحة، فإن الحقيقة هي أن يلين وكذا الحال بالنسبة الى زملائها في لجنة السوق الفدرالية المفتوحة، ومندلويتز أيضاً، لا يعرفون عما يجب أن تكون عليه أسعار سوق الأسهم أكثر مما يعرفه أي شخص آخر يتظاهر بمعرفة تلك الأمور.

والقيمة – حتى في سوق الأسهم – ذاتية. وإذا اتفق كل المشترين والبائعين على سعر محدد للسهم، فلن يكون لدينا سوق. ويأتي جزء من عدم اليقين ازاء السعر من الحاجة الى تقييم الأسهم على أساس التدفقات النقدية المستقبلية المتوقعة، وليس وفقاً لتدفقات نقدية مستقبلية مضمونة.

اختلاف التقييم

وحتى إذا عرف الكل ما سوف تكون عليه تلك التدفقات النقدية المستقبلية على وجه التحديد، فإن للناس تقييمات متباينة لقيمة هذه التدفقات، بسبب اختلاف اعتقادتهم. وعندما يختلف جيم كريمر مع نقاد على شاشة «سي إن بي سي» حول ما يتعين أن تكون عليه قيمة أسهم معينة، فإن تلك ليست مشكلة. وفي حقيقة الأمر، هذا أمر جيد. ولكن السيدة يلين التي تتربع على قمة عالم التنظيم المالي تملك – بفضل قانون دود - فرانك – سلطة تتجاوز حدود التأثير في الأسواق بصورة غير مباشرة.

ويتعين أن ينتاب القلق شركات ادارة الأصول بشكل خاص، وكذا الحال بالنسبة الى كل من يستثمر في الأسهم والسندات (حتى عن طريق شركات صناديق الاستثمار المشترك)، لأن في وسع مجلس الاحتياطي الفدرالي الآن إدارة الاستثمارات بصورة دقيقة.

ويتمثل الجانب الأساسي في هذه القضية في الدور الرئيسي الذي تقوم به يلين في الوقت الراهن في مجلس الإشراف على الاستقرار المالي – وهي لجنة منظمين عرفت بمسؤوليتها عن تعريف ما يدعى المؤسسات المالية المهمة منهجياً. ولكن هذا المجلس يتمتع بمسؤوليات تتخطى كثيراً تلك الحدود.

وسوف يكون في وسع مجلس الاحتياطي الفدرالي فرض أنظمة جديدة على الشركات المالية، نتيجة أي سبب يتعلق بالاستقرار يتقدم به مجلس الإشراف على الاستقرار المالي. وقد تندر أخيراً مفوض الأسهم والمبادلات مايكل بيوار بالقول إن المجلس يمثل فرقة الإعدام بحق الرأسمالية.

وبين السياسات الضارة الاخرى عبر ذلك المجلس، بجلاء، عن وجهة نظره في أن شركات ادارة أصول يمكن أن تشكل خطراً منهجياً.

يستثمر مديرو الأصول أموال العملاء فقط. وهم ليسوا عرضة للخسارة. واذا وضعنا جانباً القول أن هذه الشركات تشكل خطراً منهجياً، فإن الحقيقة هي أن في وسع مجلس الإشراف على الاستقرار المالي فرض متطلبات جديدة على تلك الشركات من أجل خفض هذا الخطر الذي يقصده. ويتعارض العلاج المفترض لهذا الخطر المنهجي مع كل مبادئ السوق الخاصة والحرية الشخصية.

وفي وسع  مجلس الاحتياطي الفدرالي – مع وجود ثلثي أعضاء مجلس الاشراف على الاستقرار مؤيدين له – حل مجلس إدارة الأصول في شركة ما  اذا رأى أن الشركة تنطوي على درجة عالية من المجازفة.

 وقد أعطت المادة رقم 121 من قانون دود – فرانك مجلس الاحتياطي سلطة إرغام شركة ما على تحويل أصولها الى كيان غير تابع، وحتى منعها من عرض منتجاتها وخدماتها بصورة تامة.

هل تريد الاستثمار في أسهم شركة «فيديليتي» على سبيل المثال؟ لا بأس في ذلك حتى الآن، ولكن ليس اذا اعتبر مجلس الاحتياطي الفدرالي وبصورة مفاجئة أن الشركة «عالية المخاطر» أو أن أرقام إس and بي 500 ارتفعت بصورة سريعة جداً.

السيناريو السخيف

قبل بضع سنوات كان هذا السيناريو يبدو بعيد الاحتمال وعلى درجة ما من السخف بالنسبة الى كل شخص، ما عدا أشد أنصار الاقتصاد الخاضع لتخطيط الحكومة. ولكن ذلك أصبح الآن ليس ضمن نطاق الإمكانية التامة فقط، بل تم تدوينه في قانون الولايات المتحدة.

وكانت العادة أن يجادل الاقتصاديون ببساطة حول ما اذا كانت فكرة جيدة أن يراقب مجلس الاحتياطي الفدرالي أسعار الأصول كما يراقب معدلات التضخم. أما الآن فإن في وسعه القيام بما هو أكثر من مجرد تعديل سياسته النقدية على أساس اعتقاده بأن أسعار الأسهم عالية جداً أو منخفضة جداً.

ولدى هذا المجلس بشكل أساسي السلطة التي تمكنه من لعب دور مدير أصول نشط في العالم. من غير الواضح في الوقت الراهن، وعلى وجه التحديد، ما سوف يقوم به المجلس من خلال هذه السلطة الجديدة. هل يفرض سقفاً على عدد العملاء الذين تستطيع شركة مثل «فيديليتي» قبولهم؟ وهل يوجه شركات ادارة الأصول الكبيرة نحو التوقف عن بيع صناديق الاستثمار المشترك المنخفضة السقف؟

يشكل هذا كله خطوة أخرى على طريق سيطرة مركزية على اقتصادنا، وهذه ليست وصفة لخلق ثروة وازدهار. ولا ينبغي لأي جهة حكومية، بما في ذلك مجلس الاحتياطي الفدرالي، أن تتدخل في إدارة أسعار الأسهم مهما كانت المبررات.

(مجلة فوربس)

back to top