إدوارد سنودن رمزاً للحرية الشخصية

نشر في 25-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 25-07-2014 | 00:02
قراءات أدبية تضامناً معه في سبتمبر 2014

ملأ المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن الدنيا وشغل الناس منذ كشفه برنامجاً تجسسيّاً سرياً للحكومة الأميركية لمراقبة اتصالات الهواتف والإنترنت، أو ما يعرف بـ{بريزم}. وبات المحلل الأمني السابق المطلوب الأول لواشنطن بعدما وضعته على لائحة {فاضحي أسرار أميركا}، حيث زعزعت الوثائق التي سربها إلى وسائل الإعلام ثقة الشعب الأميركي بإدارة الرئيس باراك أوباما.
بات إدوارد سنودن رمزاً للحرية الشخصية في العالم. نجح في كشف زيف مفاهيم عدة، أهمها: تقديس الولايات المتحدة لحرية الفرد وحقوقه. قبل عامٍ قالها الشاب العشريني صراحةً: {أميركا أعتى ديكتاتورية في العالم. ما من {أخ أكبر} يضاهي حكومتها التي عبرت الحدود لتتجسس على العالم بأسره}. في يونيو 2013، انضم إدوارد سنودن (1983) إلى مجموعة اللائحة الأميركية السواء التي تتضمن الذين مثّلوا أسوأ كوابيس واشنطن (جوليان أسانج وبرادلي مانينغ وقلة غيرهما)، مفجراً فضائح تجسسية تتوالى فصولها حتى اليوم. وإذا كان أدباء العرب غير معنيين بما قاله سنودن، فالكتاب الغربيون اعتبروا خطوته قضية في الدفاع عن حريتهم، ولهذا دعا مهرجان برلين العالمي للأدب جميع الذين تهمهم قضية الحرية والحقوق المدنية، من أفراد ومؤسسات ومعاهد تعليمية ووسائل إعلام، إلى المشاركة في قراءة على النطاق العالمي، تضامناً مع إدوارد سنودن في يوم 8 سبتمبر 2014 من خلال إلقاء نصوص تتناول موضوع المراقبة.

جوليان أسانج وإدوارد سنودن نموذجان لتعرية الغموض في سياسة الدول، كشف أسانج المستور في وثائق سربها وأرشدنا سنودن إلى قضية لم نكن نتوقعها وهي التنصّت على كل ما نتفوه به. في يوم 6 يونيو 2013، نشرت صحيفة {الغارديان} البريطانية أول مقال من بين سلسلة طويلة من المقالات، كشفت فيها المراقبة الجماعية التي تمارسها حكوماتٌ وشركاتٌ على النطاق العالمي، وفي المركز من بينها وكالة الأمن القومي الأميركية (NSA) ومراكز الاتصالات الحكومية التجسسية البريطانية (GCHQ). ولا يزال نشر المعلومات السرية للغاية والتي تختزنها هذه الوكالات في أضابيرها مستمراً. وهي معلومات تظهر أن ملايين من المواطنين والمواطنات الأبرياء قد جرى تعقبهم رقمياً كمشبوهين. المعلومات التي نتبادلها يومياً في مكالماتنا الهاتفية، محادثاتنا عبر الإنترنت، رسائلنا النصية القصيرة، بحثنا في الإنترنت، واستخدامنا وسائل التواصل الاجتماعي، أي كل ما يشكل حياتنا اليومية، يُجمع ويُحلَّل ويُخزَّن. كأن ما تفعله الأنظمة هو سياسة {عسسية} بطريقة افتراضية، تلاحقنا إلى غرف نومنا وإلى سهرتنا. كنا نتوهم أن الإنترنت شكَّل حياة فردية في العالم، ولكن تبين أننا نعيش الوهم في ظل دكتاتورية لامرئية.

الطغيان اللامرئي

كان سنودن سباقاً في الكشف عن الطغيان اللامرئي الذي تمارسه أميركا من خلال التنصت والمراقبة، فقد أدرك العامل السابق في وكالة الأمن القومي، متحرراً أكثر فأكثر من أوهامه وشاعراً بالخطر في مواجهة مدى المراقبة والأساليب غير المشروعة المستخدمة للحصول على المعلومات، أنه لا يريد العيش في عالم يتم فيه تسجيل كل ما يفعله ويقوله: {لست مستعداً لأدعم مثل هذا الأمر ولا لأن أعيشه بنفسي}. بعد محاولات فاشلة لتغيير النظام من داخله، وجد سنودن نفسه مضطراً إلى انتهاج الطريق الوحيد المتاح أمامه لجذب الانتباه إلى هذه الانتهاكات الفظة للقانون: أن ينفخ في البوق. كان يعرف أنه قد لا يرى أصدقاءه وعائلته وبلده مجدداً. ومع ذلك تخلى عن حياته المريحة وترك الولايات المتحدة، وليس معه سوى أربعة كومبيوترات محمولة، فيها بعض المستندات السرية لوكالة الأمن القومي الأميركية.

وصلت هذه المعلومات الى الرأي العام بفضل التعاون الدقيق مع صحف ذات شعور بالمسؤولية، ما أدى إلى جدل عالمي كان لا بد منه منذ زمن طويل حول الديمقراطية وحقوق الإنسان في عصر الاتصال الرقمي. وهكذا تركزت الأنظار على مؤسسات تستغل بيانات زبائنها بطريقة لاأخلاقية. مواطنات ومواطنون في العالم كله انتبهوا وأدركوا ألا حرية من دون حماية البيانات الشخصية. وراحوا يطالبون بالحق في حياة من دون مراقبة دائمة. وكنتيجة لذلك اضطرت حكومات جميع الدول إلى مراجعة أنظمتها للمراقبة، وبعضها اعترف بتعاونه مع وكالة الأمن القومي الأميركية.

بعد فترة قصيرة من نشر التقارير السرية، كشف إدوارد سنودن عن هويته ليحمي آخرين من أي اتهامات باطلة، قائلاً: «لا أريد أن أختبئ. أعرف أني لم أرتكب خطأ».

يساند مهرجان برلين العالمي للأدب هذا التصريح ويدعو المواطنات والمواطنين إلى فعل الأمر ذاته وإلى المشاركة في القراءة العالمية تضامناً مع رجلٍ قدم خدمة كبرى للبشرية.

 يدعو المهرجان الإدارة الأميركية إلى الاعتراف بأن لكشوفات إدوارد سنودن أهمية جوهرية في ما يخص الحفاظ على الديمقراطية في عصر الاتصال الرقمي، وأن تصرفه مبرر وفقاً لقاعدة الحق الأخلاقي العالمية غير المدونة. وهذا يعني أنه ينبغي على واشنطن أن تسحب التهم والإجراءات القانونية كافة ضده كي يستطيع العودة إلى بلده كرجل حر. كذلك يطالب المهرجان الاتحاد الأوربي بمنح اللجوء السياسي لسنودن تقديراً لأهمية كشوفاته، إلى جانب ترشيحة لنيل جائزة نوبل للسلام، اعترافاً بجهوده الفريدة والمتجردة عن المصلحة الشخصية لأجل الديمقراطية والحرية والسلام للجميع.

 

تنشر نصوص القراءة بلغات عدة في 30 يوليو على الموقع الإلكتروني:

www.worldwide-reading.com

لمن يرغب في المشاركة الاتصال على العنوان الإلكتروني التالي:

[email protected]

back to top