غياب الوعي القانوني للأفراد تعمّد من الدولة أم لامبالاة؟!

نشر في 23-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 23-07-2014 | 00:01
ارتفاع وتيرة القضايا مرتبط بجهل القوانين وانعدام الثقافة القانونية
من يتحمل وزر نشر الثقافة القانونية وتوعية أفراد المجتمع... الدولة ومؤسساتها أم المجتمع المدني والمختصون في المجالين القانوني والإعلامي وسط غياب الوعي القانوني لدى أفراد المجتمع؟

يمثل غياب الوعي القانوني عاملا مرتبطا بارتفاع وتيرة القضايا المسجلة امام المحاكم بين قضايا مرور وبلدية وشؤون وجنح وجنايات وأحوال شخصية ومطالبات مالية في ظل غياب الدور الحقيقي لدى الدولة ومؤسساتها في نشر الوعي والثقافة القانونية لدى الافراد، وهو الأمر الذي يدعو الكثيرين إلى التساؤل من هو المسؤول عن توعية الافراد قانونيا ؟هل هي الدولة؟  أم  مؤسسات المجتمع المدني؟ وهل عدم نشر الوعي والثقافة القانونية أمر متعمد أم لامبالاة من الدولة والمؤسسات التابعة لها؟

بينما يقوم المواطنون بأداء بعض الاعمال الخاصة بالبناء أو بالتعاقد أو حتى بمطالبتهم المالية أو القيام بأعمال تجاه المرافق العامة بالدولة فإن كثيرا منهم يرتكب العديد من الاخطاء التي  تشير إلى عدم المعرفة بحقوقهم القانونية أو الالتزامات الواجبة عليهم وهو أمر يوقعهم تحت طائلة المساءلة القانونية التي قد تعرضهم لخطر التعويض أو السجن بسبب فقدهم للوعي القانوني!

وبينما يقوم الموظفون في الجهات الحكومية أو حتى الخاصة باتخاذ بعض التعاملات الإدارية من دون مراعاة للنصوص القانونية المنظمة لها أو حتى التعاميم الإدارية الموجب عليهم اتباعها، فإنهم سيقعون تحت طائلة المساءلة الإدارية والتي قد تمتد إلى فصلهم أو مطالبتهم مالياً بأي مبالغ مالية ترتبت من جراء الأخطاء التي وقعت منهم بسبب عدم إطلاعهم بواجبات الوظيفة أو النصوص التي تحكمهم!

الوعي القانوني للأفراد

وإزاء بحث مسؤولية الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني عن الوعي القانوني للأفراد يقول رئيس جمعية المحامين الكويتية المحامي وسمي خالد الوسمي ان من أهم العوامل التي تساعد على تطبيق القانون واحترامه ضرورة توفير الوعي القانوني لأفراد المجتمع، لافتا إلى أن مسؤولية توفير الوعي القانوني تعود على عاتق الدولة ومؤسساتها القانونية والاعلامية لإحاطة المواطنين والمقيمين بحقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقوانين المنظمة لها وكذلك إحاطتهم بالمحاذير التي يتعين عليهم الابتعاد عنها حتى لا يقعوا تحت طائلة المساءلة القانونية.

ويضيف الوسمي: ان الاعلام الرسمي تقع على عاتقه مسؤولية اطلاع الجمهور على القوانين الصادرة وتقديم  شرح لها على أيدي رجال القانون أو حتى الاعلام حتى يتبين لهم الحقوق المتصلة لهم أوالافعال المجرمة والعقوبات الواردة فيها، موضحا أن الواقع العملي يشير إلى صدور العديد من القوانين من دون أن يعلم بها المواطنون او المقيمون وقد يعلمون عنها من خلال وقوعهم ببعض القضايا بعد أن يرتكبوا الافعال التي يعاقب عليها القانون.

ويبين الوسمي: ان مؤسسات الدولة القانونية ممثلة في القطاعات القانونية في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية مطالبة بإطلاع الجمهور على القوانين المنظمة لها والتحديثات الصادرة فيها كما أن إدارة الفتوى والتشريع ووزارات العدل والداخلية مطالبة أيضا بتقديم هذا الدور التوعوي لأفراد المجتمع.

ويقول ان مؤسسات المجتمع المدني تحرص مع صدور العديد من القوانين بعقد الندوات والمناظرات القانونية للحديث عن القوانين الصادرة بهدف إطلاع المختصين عليها ولتوعية الجمهور بمضامينها عبر النشر في وسائل الاعلام ولكن هذا أمر لايكفي لتحقيق الوعي القانوني المطلوب.

مسؤولية الدولة

بدوره يقول المحامي سليمان مبارك الصيفي ان تحقيق الوعي القانوني مسؤولية الدولة وحدها بأن تقوم بإطلاع المواطنين أو المقيمين على حقوقهم القانونية والدستورية، لافتا إلى أن مؤسسات الدولة كل في مجاله تخلى عن تقديم هذا الدور وتركه لاجتهادات مؤسسات المجتمع المدني تتناولها وفق إمكانياتها المتواضعة والتي لا ترقى إلى الدور الحقيقي من مفهوم التوعية المقصود.

ويضيف الصيفي ان تحقيق التوعية القانونية يجب أن يبدأ بالنشء في المدارس بعد أن يتم تخصيص عدد من المناهج الدراسية المعنية بتناول أبرز القضايا القانونية والتي تهم المواطن والمقيم وتحثه على احترام القوانين وبيان خطورة العقوبات التي قد يواجهها، فيما لو تجاوز تلك القوانين، فضلا عن بيان الحقوق التي كفلها الدستور اضافة الى  تخصيص برامج عبر وسائل الاعلام الرسمية العامة، وكذلك بعض البرامج في وسائل الاعلام الخاصة كنوع من الالتزام المجتمعي وتسليط الضوء على القوانين التي تهم المواطن في حياته اليومية كالمرور والبلدية والاحوال الشخصية والإيجارات وبيان حقوقه التي أوردها له قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية في المسائل التي يجوز فيها تفتيشه، وحقوقه لدى مثوله أمام جهات التحقيق بصفته متهم وبحقه بطلب الصمت إلى أن يحضر محام معه وغيرها من القضايا التي قد يتعرض لها المواطن.

ويقول الصيفي ان الواقع العملي الذي تشهده المحاكم يشير إلى غياب كبير للوعي القانوني لدى المواطنين والمقيمين، فالكثير منهم يبرم عقودا جاهزة دون أن يعلموا مضامين الالتزامات الواقعة عليهم فيها أو الحقوق التي تضمنتها تلك العقود وهو ما يوقعهم بعمليات نصب كبيرة بشراء أو بيع عقارات أو أسهم وهمية، موضحا أن الجهل في معرفة الحقوق بسبب غياب الوعي القانوني أدى بالكثيرين إلى إصدار وكالات للغير وقيام الوكيل بالتصرف بتلك الأملاك والعقارات وترتيب الالتزامات على الموكل وتعريضه لعقوبات تصل للحبس.

 واجب الدولة ومؤسساتها

أما عضو مكتب أركان للاستشارات القانونية المحامي د. فايز الفضلي فيقول ان تحقيق التوعية القانونية ونشر الثقافة القانونية للأفراد في المجتمع هي مسؤولية الدولة ومؤسساتها، وأن تحقيق ذلك الوعي يكون عبر برنامج تعمل مؤسسات الدولة على تحقيقه ولا يمنع أن يكون بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة بذلك.

ويضيف د. الفضلي ان أعداد القضايا وتنوعها امام المحاكم يشير إلى فقد الوعي القانوني لدى الكثير من المتقاضين رغم أن الاخطاء التي وقعوا فيها وكلفتهم المثول أمام المحاكم تعد بسيطة وكان بالإمكان تجاوزها فيما لو أنهم كلفوا أنفسهم بالرجوع إلى نصوص القوانين أو قرروا استشارة المحامين المختصين بذلك.

ويقول ان مواجهة  الدولة لقضية الوعي القانوني لدى المواطنين يجب أن تكون من أولوياتها الرئيسية والتي بتحقيقها ستنتهي العديد من القضايا، كما أنها ستعمل على تكريس فكرة احترام القانون في نفوس الأفراد من خلال حياتهم اليومية أو تعاملاتهم وهو ما يعمل على تقليل عنصر الخطأ منهم وهو أمر أيضا إذا ما تحقق فسيعمل على تقليل نسبة الحوادث أو القضايا والتي غالبا ما يكون غياب الوعي القانوني سببا رئيسيا فيها.

المجتمع المدني

بينما يقول المحامي محمد دشتي أن تحقيق الوعي القانوني للأفراد هو مسؤولية بالاساس تقع على عاتق الدولة، إلا أن هناك مسؤولية أخرى تقع على مؤسسات المجتمع المدني والعاملين في المجال القانوني والاعلامي للعمل على تحقيقها ومن دون تكاتف تلك الجهود لا يمكن تحقيق الوعي القانوني المنشود توافره لأفراد المجتمع.

ويضيف دشتي قائلا اليوم يقع العديد من المواطنين والمقيمين ضحية غياب الوعي القانوني لديهم بسبب غياب البرامج التوعية من قبل الدولة ومؤسساتها وأهمها المؤسسات الاعلامية التي يتوجب عليها أن تساهم في إطلاعهم على آخر النصوص والعمل على بيان الحقوق التي لهم والالتزامات الواقعة عليهم.

ويبين دشتي ان نتيجة غياب الدور الذي يتعين على الدولة أن تلعبه في نشر الثقافة القانونية لدى الافراد واطلاعهم على نصوص القوانين في كل المجالات التي تخص حياتهم فإنه يتعين على مؤسسات المجتمع المدني ومن المؤسسات الاعلامية الخاصة المقروءة أو المرئية أو المسموعة أن تعمل على نشر الثقافة القانونية ونشر الوعي لدى الافراد لكونه احد الالتزامات المجتمعية الملقاة على عاتقها.

back to top