اضطراب الاكتناز... حين نعجز عن التخلّي عن ممتلكاتنا

نشر في 19-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 19-07-2014 | 00:01
No Image Caption
يبالغ البعض في التمسك بالتذكارات القديمة فيحتفظ بإيصالات وصحف وأغراض أخرى لا قيمة لها طوال عقود. هم مصابون باضطراب الاكتناز: إنها مشكلة في الصحة العقلية وتترافق مع حاجة قهرية إلى اقتناء الممتلكات والاحتفاظ بها حتى لو كانت غير نافعة.
يجد عدد كبير منا صعوبة في التخلي عن ممتلكاته، حتى لو كنا لا نحتاج إليها. لدي مجموعة من بطاقات المعايدة التي أحتفظ بها منذ الطفولة ولن أنظر إليها مجدداً على الأرجح. ويحتفظ زوجي ببعض الملابس التي كان يملكها قبل زواجنا القائم منذ 17 سنة.

يتجاوز الوضع حدود المعقول ويتحول إلى مشكلة اكتناز حقيقية «حين يشتدّ إصرار الناس على الاحتفاظ بالأغراض أو يجدون صعوبة في التخلي عنها» بحسب رأي الطبيبة جيسيكا راسموسن، أستاذة في علم النفس في كلية هارفارد الصحية ومساعِدة في علم النفس في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد.

عرضت مجموعة من البرامج التلفزيونية (مثل Hoarders وHoarding: Buried Alive) أشكال الاكتناز الأكثر تطرفاً وندرة: امتلأت المنازل من الأرض إلى السقف بأكوام من العلب والكتب والأواني والنفايات المليئة بالجرذان والحشرات. قد يكدّس هذا النوع من الأشخاص أغراضاً كثيرة لدرجة أنهم يجعلون مكان إقامتهم خطيراً أو غير قابل للسكن.

لماذا يكدّس الناس الأغراض؟

تتراوح نسبة الراشدين المصابين باضطراب الاكتناز بين 2 و6%. تكون الحالة شائعة في العائلة الواحدة رغم عدم رصد {جينة اكتناز} معينة حتى الآن. يبدو أن المرأة تكون أكثر عرضة لهذه المشكلة من الرجل. لكن لم يثبت الفرق بين الجنسين بعد.

يميل الناس إلى تكديس الأغراض لأسباب عدة بحسب قول غيل ستيكيتي، باحثة رائدة في مجال الاكتناز، وهي أستاذة في كلية العمل الاجتماعي في جامعة بوسطن. يتعلق أحد الأسباب بالارتباط العاطفي بالأغراض: {ثمة ارتباط معين بالغرض أو يمكن أن يعكس ذلك الغرض هوية الشخص بطريقة مهمة}. على سبيل المثال، قد تتمسك المرأة التي تعتبر نفسها طاهية ماهرة بجميع أدوات المطبخ لدرجة أن مطبخها قد يصبح غير صالح للاستعمال.

في حالات أخرى، يشعر الناس بارتباط عاطفي مع ممتلكات معينة (مثل الصدفة التي وجدوها خلال أول رحلة لهم إلى الشاطئ). يخشون أن ينسوا تلك الذكرى أو التجربة إذا رموا الغرض المرتبط بها. على صعيد آخر، يعتبر بعض الأفراد أن كل شيء مفيد، حتى الأغراض التي يعتبرها معظم الناس غير نافعة مثل مسمار قديم أو رباط حذاء تالف.

مخاطر الاكتناز

مع تراكم الأغراض وتجمّع الغبار عليها، قد ينشأ مرض الانسداد الرئوي المزمن ومشاكل تنفسية أخرى. كذلك، قد تعيق تلك الأغراض المكدسة الأروقة والسلالم وتصعّب التنقل في المكان، لا سيما بالنسبة إلى الأشخاص الأكبر سناً كونهم يجدون صعوبة في التحرك.

تقول د. راسموسن: {إذا كان الشخص مصاباً بالتهاب المفاصل ووجد صعوبة في التنقل في المنزل، يمكن أن يصبح أكثر عرضة للسقوط}. قد تؤدي تلك الفوضى إلى ظهور مخاطر صحية أخرى، من بينها انتشار الحشرات والقوارض أو حتى اندلاع الحرائق.

يزيد اضطراب الاكتناز الأعباء العاطفية على أفراد العائلة والأصدقاء. توضح د. راسموسن: {يشعر الناس أحياناً بالغضب لأن المقربين منهم يرفضون التخلي عن أغراض غير نافعة}.

غالباً ما يطلب أحد أفراد العائلة المساعدة لأن الفرد الذي يكدّس الأغراض لا يدرك مشكلته أو لا يحب التحدث عن الموضوع.

تضيف د. راسموسن: {يشعر الناس بخجل شديد وإحراج كبير من هذه المشكلة لأنها تسيء إلى سمعة الفرد المعنيّ}.

طلب المساعدة

قد تميل العائلات التي تسأم من مشكلة تكديس الأغراض إلى شراء صندوق كبير فتبدأ بتنظيف المنزل كما يحصل في البرامج التلفزيونية، لكن قد تكون عملية التنظيف الشاملة محبِطة عاطفياً بالنسبة إلى المريض. يوصي الخبراء بالعلاج السلوكي المعرفي لمساعدة الشخص على فهم ما يجعله يجمّع الأغراض ولتشجيعه على اتخاذ قرار حاسم واكتساب مهارات تنظيمية وتحسين قدرته على حل المشكلة. يمكن الخضوع للعلاج السلوكي المعرفي مباشرةً مع المعالج أو ضمن مجموعة علاجية في مركز متخصص بهذا الاضطراب.

من المفيد أن يجد الفرد معالِجاً متمرساً بهذه الحالة بحسب رأي د. ستيكيتي. يمكنك أن تجد مجموعة من مقدمي الرعاية في منطقتك عبر زيارة موقع المؤسسة الدولية للوسواس القهري.

علاج

يجد عدد كبير من المصابين باضطراب الاكتناز صعوبة في التخلص من الأغراض بحسب قول د. راسموسن. تقترح وضع جدول منتظم (بين 20 و30 دقيقة) لتقييم الأغراض والتخلص من جزء منها.

لتبسيط هذه العملية، يجب تصنيف الأغراض ضمن ثلاث فئات:

الأغراض التي يجب الاحتفاظ بها.

الأغراض التي يجب رميها من دون تردد.

الأغراض التي لم نتخذ القرار في شأنها بعد.

ثم يجب متابعة العملية حتى النهاية. توضح د. راسموسن: {يُفترض أن يتوافر مكان للاحتفاظ بالأغراض الضرورية}. في المقابل، يجب التخلص من الكومة التي قررنا رميها بأسرع وقت ممكن. في ما يخص كومة الأغراض التي نتردد في شأنها، يكفي أن نطرح أسئلة بسيطة:

- هل أحتاج إلى هذا الغرض فعلاً؟

- هل سأستعمله؟

- كم مرة استعملته في السابق؟

- هل يمكن أن أشتري غرضاً مثله إذا احتجت إليه يوماً؟

حين تضع جدولاً منظماً وتتمكن من التمييز بين ما تحتاج إليه وما تريده، فلن تجد صعوبة كبرى في تنظيف المنزل ولن تشعر بالمستوى نفسه من الحيرة والانزعاج.

back to top