مفتي إريتريا الشيخ الأمين عثمان الأمين لـ الجريدة.: نعيش مع المسيحيين في تآخٍ... والتبشير ممنوع بقوة القانون

نشر في 18-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 18-07-2014 | 00:02
No Image Caption
تنقية الكتب من الأحاديث التي لا تناسب العصر أمر مرفوض
وصل الإسلام إلى عمق القارة الإفريقية مع الهجرة الأولى للصحابة، في بداية الدعوة

للإسلام، وكان للأخلاق السمحة والمعاملة الحسنة التي ظهرت من الصحابة ومن بعدهم التجار المسلمون بالغ الأثر في نفس هذه الشعوب، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن يضرب الإسلام والمسلمون المثل الأروع في تحقيق السلام والإخاء مع أصحاب الديانات والمعتقدات الأخرى، ولم تنجح محاولات تجفيف منابع الإسلام التي اتبعها المستعمر في القضاء على الإسلام في الدول الإفريقية، وعلى رأسها إريتريا، التي عانت الكثير في زمن الاحتلال الإثيوبي طوال ثلاثة عقود متتالية، وبعد التحرر تعمل دار الإفتاء على تجديد المساجد المدمرة وزيادة المعاهد الدينية والتنسيق مع المؤسسات الإسلامية لتعليم مسلمي إريتريا مبادئ الإسلام... «الجريدة» التقت مفتي إريتريا فضيلة الشيخ الأمين عثمان الأمين خلال زيارته الأخيرة للقاهرة وكان معه هذا الحوار.

• ماذا عن وضع المسلمين في إريتريا؟

- إريتريا يسكنها أربعة ملايين نسمة، نصفهم مسلمون، وهم في أحسن حال، حيث يسود التسامح وروح المحبة والتآخي بين أبناء الوطن، دون عنصرية وتعصب، خصوصا بعد التحرر من الاستعمار الإثيوبي الذي دام 30 عاماً، فبعد تحرير الوطن، وعودة الاستقرار النفسي والمادي وحلول السلام، شعر المسلمون بالارتياح، لاسيما عندما لمسوا حرص النظام الحاكم على تحقيق المساواة بين الجميع مسلمين ومسيحيين.

• ما طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في إريتريا؟

- يمثل الشعب الإريتري نموذجاً للتعايش السلمي، ناضلنا معاً، وحررنا البلد معاً، من كابوس الاستعمار الإثيوبي الطويل، الذي ساوى بين المسلم والمسيحي في التعذيب، والتشريد والقتل، وعليه فنحن أحرص ما يكون على عدم التفريق بين المسلم والمسيحي، فسر نجاح الشعب الإريتري وانتصاره واستعادة حقوقه وسيادته الوطنية، يكمن في وحدة صفه رغم اختلاف معتقداته.

• حدثني عن المؤسسات الدينية في إريتريا؟

- المؤسسات الدينية سواء إسلامية أو مسيحية تعمل على توحيد الصف، ونبذ التباغض والفرقة، فالجميع يتكاتف لبناء الوطن، كما تكاتفوا لتحريره.

• ما التحديات التي تواجه الثقافة الإسلامية بشكل عام؟

- في إريتريا لا يوجد خلاف، أو اختلاف بين المسلمين والمسيحيين، ولا نعاني فتناً طائفية كما يوجد في بعض الدول العربية، والتي تشهد حروباً مع الجماعات التكفيرية، التي تسعى إلى إثارة البلبلة والمشاكل في المجتمعات العربية والإسلامية، لتحقيق أغراض خاصة، وتعمل لصالح جهات معادية للإسلام، ويفسدون على الناس دينهم.

• كيف نواجه هذه الجماعات؟

- بتعليم الناس الفكر الإسلامي الصحيح.

• هل هناك حملات تبشيرية في إريتريا؟

- ممنوع بقوة القانون ممارسة هذا النشاط في إريتريا مطلقاً، فالدستور الإريتري يجرم التبشير بجميع أشكاله، خصوصا التبشير عن طريق الإغراء بالمال أو التستر بقناع تقديم الدعم الإنساني للمحتاجين، وهو ما حاصر هذا النشاط، وكان له تأثير كبير في الحفاظ على هوية مسلمي إريتريا، وتمسكهم بدينهم.

• ما العوامل التي ساعدت على تمسك المسلمين بدينهم في إريتريا؟

- انتشر الإسلام في إريتريا منذ هجرة الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة وبعد عودتهم، وانتشر الإسلام بواسطة التجار، ثم العلماء من أهل البلاد، فكانوا يعلمون الناس مبادئ الإسلام بالموعظة والمعاملة الحسنة، ما كان له أثر عظيم لاستجابة الناس إلى ما يدعون إليه.

• كم عدد المساجد والمعاهد الدينية لديكم؟

- قبل تحرير إريتريا كان في البلاد حوالي 200 مسجد و27 معهداً، لكن حالياً لا يوجد إحصاء شامل عن عدد المساجد والمعاهد، خصوصا أنها في تزايد مستمر.

• هل هناك تضييق على التعليم الديني؟

- إطلاقا، فالتعليم الديني يقدم بحرية كاملة، ويتولى الأزهر الشريف توفير المعلمين، والكتب الدراسية لبعض المعاهد الدينية.

• بماذا تطالبون الدول الإسلامية لدعم المسلمين في بلادكم؟

- إرسال أئمة وخطباء قادرين على تنمية الوعي الديني لدى مسلمي إريتريا، كما نأمل في وصول الدعم العربي والإسلامي، للبدء في مشروع متكامل لتجديد المساجد، التي تضررت في زمن الاحتلال الإثيوبي، لإقامة الشعائر بها مجدداً.

• إلى أي مدى يتفاعل الشعب الإريتري مع قضايا العالم الإسلامي؟

- مسلمو إريتريا مثلهم مثل باقي المسلمين يتفاعلون بقوة مع القضايا التي تخص دينهم، مثل الاعتداء على مقدسات فلسطين، والإساءة للإسلام، أو الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث يخرجون في تظاهرات تدين هذه التصرفات.

• حدثنا عن طبيعة عمل دار الإفتاء في إريتريا؟

- دار الإفتاء لها أنشطة عدة، فلا يقتصر دورها على الإفتاء فقط، لكنها تشرف على المساجد، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في أنحاء البلاد، والتنسيق مع المؤسسات الإسلامية في الخارج.

• ما رأيك في حال الإفتاء في العالم الإسلامي؟

- يجب أن تكون هناك مرجعية إسلامية في كل دولة تعطي التوجيهات في الفتاوى، فمجال الفتوى يحتاج إلى عالم دين متمكن من علوم الشريعة والفقه والقرآن والحديث واللغة العربية، ولديه قدرة على الاستنباط.

• البعض يطالب بأن يحصل من يتصدى للإفتاء على رخصة، فما تعليقك؟

- لا يوجد شيء اسمه رخصة، فالمقصود هنا أن يكون عالما كفؤا فقيها دارسا، أما غير ذلك فلا يفتي ولا يؤخذ منه.

• هل هناك تنسيق وتعاون بين القائمين على الإفتاء في الدول الإسلامية؟

 - كل دولة لها من يقوم على عملية الإفتاء، ولا يوجد ما يسمى تنسيق بينهم.

• كيف ننهض بالثقافة الإسلامية في الدول الإسلامية والعربية؟

- بتعليم الناس مبادئ وقيم الإسلام الصحيح، فالجهل هو آفة مجتمعاتنا، ويتسبب في حدوث الخروج على الدين والعرف، بجميع أشكاله الديني والاجتماعي، وهو دور المؤسسات الدينية.

• هل هي تؤدي دورها؟

- لا أستطيع أن أقول إنها تؤدي دورها أم لا، فهي تسعى وتجتهد، كل مؤسسة من ناحيتها تحاول تأدية دورها.

• هل هناك تعاون بينكم وبين المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي؟

- بالتأكيد، وأبرز هذه المؤسسات الأزهر الشريف، وهيئة الإغاثة الإسلامية، ونأمل أن تمد إلينا هذه المؤسسات الإسلامية يد العون في سعينا لإعادة بناء وتعمير المؤسسات الدينية المدمرة وتزويد دار الإفتاء بنسخ من المصحف الشريف والكتب الإسلامية.

* كيف نصحح الصورة المشوهة عن الإسلام في الغرب؟

- يجب على المسلمين شعوباً وحكومات، العمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، وأن تخصص كل دولة ميزانية وتنسق جهودها لإبراز حقيقة تعاليم الإسلام السمحة في جميع أنحاء العالم من خلال الدعاة المبتعثين للخارج.

back to top