«الجامع الأزهر الشريف»... رحلة بين أروقة الأزهر ومدارسه

نشر في 10-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 10-07-2014 | 00:01
صدر عن مركز {دراسات الحضارة الإسلامية} في مكتبة الإسكندرية وفي طبعة فاخرة ملونة من جزأين بلغ عدد صفحاتها 786 صفحة، كتالوغ «الجامع الأزهر الشريف» بتصدير من الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، بتقديم وإشراف من الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، بإعداد للمادة العلمية من الباحثين محمد السيد حمدي والدكتورة شيماء السايح، بتصميم فني هبة الله حجازي وجيهان أبو النجا، وبإشراف تنفيذي من الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع الخدمات والمشروعات المركزية في مكتبة الإسكندرية.
يرصد الكتاب «الجامع الأزهر الشريف» تاريخ الجامع الأزهر وعمارته والحياة في داخله منذ نشأته حتى العصر الحديث، فيطوف في رحلة عبر الزمان والمكان بين أروقة الأزهر ومدارسه، كاشفاً الغبار عن كنوزه من تحف ومصاحف ومخطوطات بأسلوب علمي توثيقي قائم عن التسجيل الأثري والتدقيق التاريخي والدليل المصور.

والأزهر في تاريخه يشبه قصة مدينة، أو هو مجموعة من طبقات الذاكرة، ذاكرته ترتبط بتبدل الأنظمة السياسية والحضارية في القاهرة، فالجامع الذي يعتبر اليوم مرجعاً دينياً في العالم العربي، شيّده الفاطمي أبو الحسن جوهر بن عبد الله الرومي الصقلي الكاتب؛ ليكون مسجداً لمدينة القاهرة التي وضع حجر الأساس لها لتكون عاصمة للدولة الفاطمية في مصر (969 – 1171)، واختار له موقعاً في الجنوب الشرقي من المدينة على مقربة من القصر الكبير الذي كان موجوداً آنذاك بين حي الديلم وبين حي الترك في الجنوب. حظي الأزهر باهتمام الائمة الفاطميين، ولكن مع قضاء صلاح الدين الأيوبي (1193-1169) على الدولة الفاطمية أغلق الجامع الأزهر الشريف لمحاربة المذهب الشيعي، بعد ما يقارب من المئة عام عندما أمر الملك الظاهر بيبرس البندقداري (1260– 1277) بإعادة صلاة الجمعة إلى الجامع الأزهر عام 1267 بعد انقطاعها مدة تقارب مئة سنة. وفي عصر دولة المماليك الجراكسة استحدث منصب ناظر الأزهر لتولي شؤون رعاية الجامع وأسند هذا المنصب إلى الأمراء وحاحب الحجاب، بل كان من هؤلاء النظار من وصل إلى منصب السلطان كالظاهر جقمق (1438 – 1453).

مدرسة

أنشأ الأمير جوهر القنقبائي خازندار الأشرف برسباي مدرسة عام 1440 عند الطرف الشرقي للجامع الأزهر. أما السلطان الأشرف قايتباي (1468 – 1496) فقد اهتم بالأزهر، فانشأ له مدخلاً جديداً يعد أحد أروع المداخل المعمارية على مستوى العالم، وأمر بإنشاء رواق للطلبة الأتراك، وتجديد رواق الطلبة المغاربة، وأمر الخواجة مصطفي بن محمود بن رستم الرومي بتجديد عمارة الجامع كله في عام 1494، وأقامت مئذنة لا تزال باقية، ومع قرب نهاية دولة المماليك أمر السلطان الأشرف قنصوه الغوري بإقامة مئذنة ذات راسين تميز واجهة الجامع الأزهر الشريف. وخلال سيطرة الإمبراطورية العثمانية على مصر بدأت مرحلة جديدة من تاريخ الأزهر مزجت بين الدين وبين السياسة. ففي أكتوبر عام 1798 اندلعت ثورة القاهرة الأولى ضد قوات الاحتلال الفرنسي، وقد استطاع الثوار في هذا اليوم قتل الجنرال ديبوي، وقد اتخذ الثوار من الجامع الأزهر مقراً لهم، ما دفع حاكم القاهرة الجنرال بون الذي خلف ديبوي إلى ضرب المدينة من على تلال الدراسة، فأطلقت أول القنابل على المدينة وبالتحديد على الجامع الأزهر ظهر يوم 22 من أكتوبر عام 1798، فانفجرت في الجامع، ثم انهالت القنابل على الجامع الأزهر والمنطقة المحيطة به حتى كاد أن يتداعى، واقتحم الفرنسيون الجامع الأزهر. وقد كان الأزهر الشريف محط أنظار الأوروبيين، ففي عام 1820 وضع باسكال كوست أول رسم لتخطيط الجامع الأزهر؛ حيث استطاع التحايل على شيخ الجامع ودخل الجامع وألقى نظرة عامة عليه من الداخل، ورسم بعض التفاصيل، خصوصاً تفاصيل باب المزينين، وفي أواخر عهد محمد علي باشا في عام 1842 زارت مصر صوفيا لين بول أخت المستشرق إدوارد لين بول، وسجلت مشاهداتها في مصر، ومن بينها مشاهدتها للجامع الأزهر الذي زارته، كذلك قدم لنا الرحالة بيرتون الذي زار مصر عام 1853 في أواخر عهد عباس حلمي باشا الأول  وصفاً للجامع الأزهر والحياة فيه، وفي عام 1855 نشر جيرو دي برانجي تخطيطاً آخر للجامع من الداخل وصورة للصحن الغربي.  

 كان الأزهر محط اهتمام محمد علي باشا وأسرته، فقد جدّد الخديوي إسماعيل  باب الصعايدة الكبير مع ما فوقه من المكتب بمباشرة ناظر الأوقاف أدهم باشا عام 1865. وأمر الخديوي عباس حلمي الثاني بتشييد الرواق العباسي، والذي يقع عند طرف الواجهة الشمالية الغربية، وافتتح الخديوي عباس حلمي الثاني الرواق في حفلة مهيبة في 18 مارس عام 1898. وفي عام 1931 في عهد الملك أحمد فؤاد الأول أزيلت المباني التي كانت تحجب الجامع الأزهر من ناحيته الغربية البحرية إلى حده البحري، فصارت بينه وبين باب المشهد الحسيني رحبة متسعة، كذلك أصلح الجناح الغربي البحري لرواق الحنفية وفتح له باباً آخر وسدّ بابه الذي كان محتجباً بكتلة المباني. وفي عهد الرئيس جمال عبد الناصر تم إنشاء الواجهة المطلة على شارع الأزهر عام 1970، وأهدى رئيس باكستان السابق ضياء الحق الجامع سجاداً حديثاً من نوع المحاريب.

back to top