فكّر ملياً قبل التخلّي عن الحبوب

نشر في 07-06-2014 | 00:01
آخر تحديث 07-06-2014 | 00:01
لا شك في أنك لاحظت كثرة الكتب، المواقع الإلكترونية، والأطعمة الخاصة التي تهدف إلى مساعدة الناس في تفادي الحبوب التي تحتوي على الغلوتين، وأحياناً كل الحبوب الأخرى.
صحيح أن مجموعة صغيرة من العلماء، الخبراء الطبيين، وأصحاب المدونات يقودون حملة ضد الأنظمة الغذائية التي تقوم على الحبوب، معتبرين أن هذه الأخيرة خطأ يتعارض مع تطور الإنسان، إلا أن غالبية الخبراء تعتبر إقلاع الناس عن تناول الحبوب خطوة خاطئة.

لذلك، إذا كنت تفكر في التخلي عن الحبوب، فمن الضروري أن تفهم ما تُظهره الأدلة العلمية والسلبيات المحتملة الكامنة وراء خطوة مماثلة.

مَن عليهم تفادي بعض أنواع الحبوب؟

لا شك في أن على مَن يعانون حساسية تجاه القمح وبعض أنواع الحبوب تفاديها. كذلك من الضروري أن يتجنب المصابون بداء عدم تحمّل الغلوتين (1% من السكان) وبحساسية تجاهه (6%) أنواع الغلوتين، بروتين يتوافر في الحبوب، خصوصاً القمح، الشيلم، والشعير. رغم ذلك، يستطيع معظم مرضى حساسية الغلوتين، بعد استشارة الطبيب بالتأكيد، تناول كميات محدودة من الشوفان الخالي تماماً من الغلوتين، فضلاً عن أنواع حبوب أخرى خالية من هذا البروتين.

أمراض المناعة

أظهرت مراجعة أجريت في 2013 لتقارير الحساسية والربو الحالية، عن حالات تشير إلى أن الغلوتين قد يؤدي دوراً في بعض أمراض المناعة الذاتية غير عدم تحمل الغلوتين. ولكن لا تتوافر اليوم دراسات تؤكد ذلك. تشمل أمراض المناعة الذاتية التي تترافق، عادةً، مع عدم تحمل الغلوتين: مرض الدرقية الذاتي المناعة، مرض الكبد الذاتي المناعة، الداء السكري من النمط الأول، متلازمة شوغران، والصداف.

لذلك إذا كنت تعاني مرض ذاتي المناعي أو مشاكل صحية مماثلة، تبرهن علمياً ارتباطها بالغلوتين، فاستشر طبيبك بشأن الخضوع لفحوص تحدد ما إذا كنت مصاباً بعدم تحمل الغلوتين.

فجوة غذائية

تحمل الحميات الغذائية الخالية من الغلوتين خطر مواجهة نواقص غذائية. لا شك في أن الحميات الخالية تماماً من الحبوب تفاقم هذا الخطر. تقدّم جولي ميلر جونز، بروفسورة فخرية متخصصة في علم التغذية في جامعة سانت كاثرين في منطقة سانت بول بمينيسوتا، ملخصاً عن البيانات التي تُظهر أن الحبوب تزودنا بالكميات التالية من المواد المغذية:

70% من حمض الفوليك.

60% من الثيانين.

50% من الحديد.

40% أو أكثر من نياسين والريبوفلافين والسيلينيوم.

25% من المغنيزيوم والزنك.

تُعبر جونز عن قلقها، خصوصاً حيال تأثير الحميات الغذائية الخالية من الحبوب في استهلاكنا حمض الفوليك.

توضح: {منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما صارت إضافة حمض الفوليك إلى الحبوب المدعمة خطوة إلزامية، تراجعت تشوهات الأنبوب العصبي الخلقية، مثل مرض الصلب المشقوق، بنحو 50%}.

مواد مضادة للمغذيات

يعبّر أنصار الحميات الخالية من الحبوب عن قلقهم من المواد المضادة للمغذيات في الحبوب. تحتوي الحبوب، خصوصاً الكاملة منها، على حمض الفيتيك، مادة تعيق قدرة الجسم على امتصاص بعض المعادن. ولكن إن كنت تتناول نظاماً غذائياً متوازناً، يُعتبر تأثير هذه المواد بسيطاً. كذلك تتوافر طرق عدة للحد من حمض الفيتيك.

توضح جونز: {تحتوي أنواع الخبز التي تخَمّر فترة طويلة، مثل خبز جوليا تشايلد الفرنسي (يحتاج إلى ما لا يقل عن ست ساعات ليختمر)، كميات أقل بكثير من حمض الفيتيك}. أما اللكتينات، نوع آخر من المواد المضادة للمغذيات في الحبوب، فيبطل تأثيرها مع التخمير الطويل ويتلف بعضها خلال الخبز أو الطهو.

ألياف فريدة في الحبوب

تختلف الألياف في الحبوب عن الألياف في أنواع أخرى من الطعام. توضح جونز: {يفكر البعض في ألا ضرر من امتناعهم عن تناول الحبوب، إذا أكثروا من تناول البروكولي مثلاً. لكن اعتقادك أنك لا تحتاج إلى الألياف من الحبوب، لأنك تحصل على الألياف من النباتات، أشبه بقولك إنك لا تحتاج إلى الفيتامين C  لأنك تحصل على كمية كافية من الفيتامين A. ولا شك في أن هذا خطأ كبير}. على سبيل المثال، لا يتوافر البيتا-غلوكان، نوع من الألياف يخفض الكولسترول بفاعلية، إلا في الشوفان والشعير، فضلاً عن أن الألياف التي تحدّ من خطر الإصابة بسرطان القولون هي ألياف الحبوب، لا ألياف أي مصدر غذاء آخر.

تغذية البكتيريا المفيدة

كشفت دراسة في مجلة الغذاء البريطانية (نُشرت في 2009) أن البالغين الأصحاء الذين يتبعون حمية خالية من الغلوتين، طوال شهر، يعانون تراجعاً في البكتيريا التي تحمي الأمعاء، في حين تزداد البكتيريا المضرة. وتتطابق هذه المعلومات مع ما توصلت إليه دراسة سابقة، تناولت أولاداً يعانون عدم تحمل الغلوتين ويتبعون حمية خالية من الغلوتين طويلة الأمد.

على سبيل المثال، يُعتبر القمح في النظام الغذائي الأميركي مصدر ما لا يقل عن 70% من الإينولين والأوليغوفروكتوز، نوعان من النشويات التي تعزز نمو البكتيريا المفيدة.

علاوة على كل ما تقدّم، كلما اتبعت نظاماً غذائياً ضيقاً، اضطررت أن تبذل جهداً مضاعفاً لتضمن حصول جسمك على حاجاته. لذلك لا تصب اهتمامك على كتب غذائية كثيرة الرواج وقصص مذهلة تُروى لتضمن أن أي تغيير في نظامك الغذائي ملائم لك.

back to top