الإعلام والسياسة بين الكوميديا والشيزوفرينيا

نشر في 25-04-2014
آخر تحديث 25-04-2014 | 00:01
 د. محمد لطفـي الجميع يسخر ويتندر ويرفض الانتخابات السورية بدعوى أنها مسرحية ومهزلة، والفائز معروف من قبل إجرائها، ويتجاهل الجميع بل يؤيدون ويشيدون بنزاهة الانتخابات المصرية، وأنها دليل على الديمقراطية والنزاهة والعدل، بينما الحقيقة ألا فرق بين الاثنتين سوى أن الانتخابات السورية مسرحية كوميدية هزلية بطولة نجم واحد، بينما الانتخابات المصرية مسرحية كوميدية عبثية والبطولة جماعية... هذا هو الفرق.

أعلم السبب وراء تعلقي بكلمة "شيزوفرينيا" في مقالاتي، فقد سبق لي ذكرها مرتين (الشيزوفرينيا وحوار الأديان 5-12-2008) وجاءت منفردة (الشيزوفرينيا 16-10-2009) وهآنذا أعود إليها اليوم، ولا بأس من التذكير بمعناها كما جاء في مختار الصحاح: ف ص م  فصم الشيء كسره من غير أن يبين، أي انقسم الشيء دون أن يكون الكسر ظاهراً. تماما كتعدد شخصية الفصامي التي تتناوبه دون أن يبدو عليه أي ارتباك أو خوف.

ما دفعني إلى الكتابة مجدداً هو ما شهدناه وقرأناه في الأيام السابقة من مهرجان خطابي وثورة إعلامية (بسبب قرار إيقاف جريدتي الوطن وعالم اليوم) حول حرية التعبير وحق النقد ومسؤولية الصحيفة واحترام القارئ... إلخ، وتعجبت كيف يرفض البعض قرار سلطة (نظام أو حكومة) بالإيقاف والمنع، وكيف يقبل ذات البعض قرار سلطة (مالك أو رئيس تحرير صحيفة) بمنع مقال ورفض نشر تحقيق؟! هل يستحق الأمر بعض التفكير؟

السلطة في كل الأحوال أوجدت لنفسها حق تقدير الظروف وتحديد المناسب وغير المناسب، ومن ثم ما يتم نشره وما يجب منعه، وإذا كان الأمر هكذا فكيف نقبل أن نمنح حق السلطة ونرفض منح ذات الحق لسلطة أخرى؟

ولا يختلف الوضع كثيراً في السياسة، فالجميع يسخر ويتندر ويرفض الانتخابات السورية بدعوى أنها مسرحية ومهزلة، والفائز معروف من قبل إجرائها، ويتجاهل الجميع بل يؤيدون ويشيدون بنزاهة الانتخابات المصرية، وأنها دليل على الديمقراطية والنزاهة والعدل، بينما الحقيقة ألا فرق بين الاثنتين سوى أن الانتخابات السورية مسرحية كوميدية هزلية بطولة نجم واحد، بينما الانتخابات المصرية مسرحية كوميدية عبثية والبطولة جماعية... هذا هو الفرق.

ويبقى المشاهد (المواطن العربي) حبيس مقعده يصفق مجبراً أو يبكي ضاحكاً أو يضحك باكياً.

back to top