تقرير اقتصادي : سوق العمل... قلق متصاعد والسبب التعليم والإنفاق و«الاستثمار»

نشر في 24-04-2014 | 00:05
آخر تحديث 24-04-2014 | 00:05
No Image Caption
تنامي الطلب على العمل 3.7 أضعاف حتى 2030 وسط تراجع بيئة التوظيف

مطلوب تطوير التعليم وتنويع الاقتصاد واستقطاب أموال أجنبية وتوفير فرص للشباب

الطلب على سوق العمل، الذي يصل حالياً إلى 20 ألف وظيفة سنوياً، توفر الدولة معظمها، سيصل بحلول 2030 إلى 74 ألف وظيفة سنوياً، أي بمعدل 3.7 أضعاف الحالي، وبدون تنويع الاقتصاد واستقطاب أموال أجنبية وتوفير فرص حقيقية للمبادرين الشباب ستكون لدينا بطالة حقيقية.

كان لافتا خلال الجلسات الخاصة بسوق العمل التي تضمنها المؤتمر الوطني للخريجين الذي عقد هذا الاسبوع في جمعية الخريجين الكويتية، أن هناك درجة عالية من القلق تجاه مستقبل العمل في الكويت، خصوصا في السنوات الـ 15 القادمة.

وتناولت الجلسات مجموعة من التحديات الخاصة بسوق العمل، فالدولة من خلال قطاعها العام والنفطي توظف حاليا 89% من قوة العمل، في حين يبلغ اجمالي الرواتب 10.5 مليارات دينار من اصل الميزانية العامة للدولة التي تبلغ 22 مليار دينار في ظل ضعف لافت لبيئة القطاع الخاص المتعلقة بتوفير فرص العمل.

فليس هناك استقطاب حقيقي لرأس المال الاجنبي يسمح بفتح مشاريع تستقطب الخريجين، ولا مشاريع صغيرة ومتوسطة وضعت لها لائحة تنفيذية لتشريع تقديم التمويل وتوفير الاراضي للمبادرين، ناهيك عن توفير فرص العمل في القطاع الحكومي، ولا سيما النفطي، عوائدَ مالية تفوق احيانا عائد القطاع الخاص، وبالتالي فإن كل ما يتعلق ببيئة العمال الحالية يشجع على الاقبال نحو الوظيفة الحكومية.

غير ان الطلب على سوق العمل، الذي يصل حاليا الى 20 الف وظيفة سنويا، توفر الدولة معظمها عبر قطاعاتها، سيصل بحلول 2030 الى 74 الف وظيفة سنويا، اي بمعدل 3.7 أضعاف طلب العمل الحالي، وبدون تنويع الاقتصاد واستقطاب اموال اجنبية وتوفير فرص حقيقية للمبادرين الشباب ستكون لدينا بطالة حقيقية ذات تأثير اجتماعي واقتصادي وحتى سياسي بالغة السوء.

تطوير التعليم

يبقى ان الحديث عن تطوير سوق العمل لا بد ان يواكبه تطوير للتعليم، بما يتسق مع متطلبات هذا السوق الذي تتسع فيه الفجوة سنة تلو الاخرى، فدراسة جامعة الكويت الصادرة العام الماضي تشير الى أن فجوة خلال السنوات الخمس القادمة ستكون ماثلة، وأن كليات مثل الشريعة والحقوق والآداب تفيض مخرجاتها عن حاجة سوق العمل من 600% إلى 112%، مقابل عجز كليات كالطب والطب المساعد والعلوم والصيدلة وطب الأسنان عن توفير أكثر من 33% من حاجة سوق العمل، بل إن تخصصاً يرتبط بالقطاع الخاص مباشرة كالعلوم الإدارية لا يغطي اكثر من 34% من حاجة سوق العمل الفعلية!

ناهيك عن ان الدراسة بينت أن هناك 16 تخصصا مطلوبا في سوق العمل غير موجودة ضمن تخصصات جامعة الكويت، رغم ان السوق يحتاج إلى 3000 وظيفة منها خلال 5 سنوات، نصفها تقريبا لتخصص بكالوريوس التمريض.

فالفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل باتت واضحة لدرجة ان الضغط صار يتركز في السنوات الاخيرة على اقل التخصصات ارتباطا بسوق العمل، وسط تراجع الطلب على التخصصات التي يحتاج إليها السوق، خصوصا تلك العلمية او المالية مقابل نمو لافت للتخصصات الادبية.

دولة شابة

والكويت دولة «شابة» بمعنى ان 60% من مواطنيها دون سن الـ 24 عاما، وبالتالي فإن تحدي سوق العمل يتشابك مع تحدي تطوير النظام التعليمي الذي يتم الانفاق عليه بمعدلات عالمية تصل الى 3.9% من الناتج المحلي الاجمالي، وهو رقم يوازي ما ينفق على التعليم في دول ككوريا الجنوبية وسنغافورة وفنلندا وغيرها، ومع ذلك فالعوائد من هذا الانفاق العالي تأتي سلبية جداً، فالكويت تحتل المرتبة 92 بين دول العالم على صعيد جودة التعليم الابتدائي، والمرتبة 75 على صعيد جودة التعليم الأساسي، والترتيب 104 في جودة التعليم العام.

ولعل تراجع التعليم العام هو ما دفع كثيرا من الأسر الى التوجه نحو التعليم الخاص لضمان مخرجات افضل في المستقبل، فبلغ اجمالي الطلاب الكويتيين في التعليم الخاص 56 الف طالب، اي نحو 19% من مجموع الطلاب الكويتيين في التعليم العام، رغم ان هذه النسبة عام 2000 لم تكن تتجاوز 10%، مع ان كلفة الطالب في التعليم العام - حسب تقرير المجلس الاعلى للتخطيط - توازي 11 ضعفاً مقارنة بما ينفق على الطالب في التعليم الخاص، الا ان فرق العائد بين خريجي «الخاص» والعام واضح امام الجميع.

وثمة قلق من ان نواجه خلال السنوات القادمة نوعاً من الطبقية في التعليم، بين مخرجات جيدة الى ممتازة من التعليم الخاص، تقابلها مخرجات جيدة الى ضعيفة في التعليم العام الحكومي، ما من شأنه أن ينعكس سلبا على الواقع الاجتماعي، ويجعل هناك نوعاً من التمايز في سياسات التوظيف، وبالتالي حصول حالة من البطالة، خصوصا عندما تتعثر الدولة في توفير الوظائف وفقاً للأسلوب الحالي.

في الكويت خطط التنمية والحكومة تتحدث عن المشاريع والإنشاءات، لا عن التعليم وتغيير فلسفته التلقينية لربطه بسوق العمل، رغم ان النسب تشير الى ان المجتمع معظمه من فئة الشباب، مما يعني ان المستقبل كله لمن هم في المراحل التعليمية لا لغيرهم، وبالتالي فإن اي حديث عن التنمية، لا يكون صغار السن أساسه من حيث التعليم اولاً، وما يرتبط بتغيير نمط التوظيف التقليدي الى فلسفة سوق العمل ثانيا، لن يكون مجدياً، لأن المليارات التي تبني المستشفيات والمدن لا قيمة تنموية لها ما لم ترتبط بتطوير البشر، ولذا فالحديث عن دولة غنية مالياً بنظام تعليمي متخلف لا يلبي حاجة سوق العمل، يظهر لنا مكمن الخلل الأساسي في الدولة، وهو الإدارة.

back to top