اكتشاف الذات ضرورة لتعزيز القدرة على الرفض

نشر في 23-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 23-04-2014 | 00:01
«الأغوار البشرية عميقة. ويمكنك تعلّم أن تكون إنساناً... ومن المؤكد أن الإنسان الذي يعرف ذاته إنسان حي». ولكن هل من الممكن التوصل إلى معرفة الذات؟
لا يستطيع الإنسان أن يكون على طبيعته ما لم يكتشف ذاته. وقد حاول كثر عبر التاريخ كشف مكنونات الذات البشرية، بدءاً من سقراط وصولاً إلى فرويد وكثير من الصحف والمجلات التي تحاول مساعدتنا على فهم حالتنا البشرية. لكن البحث عن الذات يقودنا إلى البحث عن هوية الإنسان نفسه وعن معنى الحياة.

يعتبر البوذيون معرفة الذات الشكل الأول من التأمل والدرب الوحيد لبلوغ الحكمة. فبعد التخلص تدريجياً من تأثيرات عقائدية وسياسية ودينية وقيود عائلية وشخصية، فضلاً عن كل أشكال الأحكام المسبقة والخوف، تستطيع النفس الانفتاح على الحرية الحقيقية الوحيدة. فتتخطى معرفة الذات حدود الشخصية لتدخل عالم الروح اللامتناهي.

أصل معرفة الذات

تقوم معرفة الذات على المعرفة التي يكتسبها الإنسان عن نفسه من الناحيتين النفسية والروحية من خلال تجارب حياته. وقد اعتبر كتّاب ومفكرون كبار هذه الخطوة أساسية، إذ تحمل الكثير من الحسنات. يذكر باسكال: «من الضروري معرفة الذات. قد لا تؤدي هذه المحاولة إلى اكتشاف حقيقة الذات، إلا أنها تساهم على الأقل في ضبط الحياة».

أسباب معرفة الذات

نظراً إلى تنوع الشخصيات والفلسفات في الحياة، يمكن أن تسد معرفة الذات حاجات مختلفة، تاركةً في بعض الناس تأثيراً أكبر، فضلاً عن أنها قد تؤدي دوراً بارزاً في مراحل معينة من حياة الإنسان. إليك بعض الأسباب التي تدفع الناس إلى الغوص في مكنونات أنفسهم لاكتشاف ذاتهم:

لحاجة داخلية في داخلهم ورغبة في معرفة أعماق تفكيرهم: يشكّل هذا نوعاً من الفضول «لاكتشاف لغز النفس». فقد ذكر القديس أغسطينوس: «بدل البحث في الخارج، أدخل إلى أعماقك. ففي قلب الإنسان تسكن الحقيقة».

للتمتع بالوضوح وانتقاد الذات: ذكر سقراط: {اعرف نفسك بنفسك}.

لأن الإنسان يتمتع بحرية الإرادة: {نعتقد أننا أحرار لأننا نجهل الأسباب التي تحركنا}، وفق سبينوزا.

للتفاعل مع الذات وتعزيز ثقتنا بها.

لاكتشاف توجهنا في الحياة وإمكاناتنا و}أفق الفرص المتاحة أمامنا}.

للتحكم في الذات وضبطها، أي تحسين شخصيتنا: {يصبح الإنسان في أسوأ حالاته عندما يفقد وعيه لذاته وسيطرته عليها}، وفق مونتانيو.

للقيام بخيارات صائبة وتحكم الإنسان بمصيره، أي توقع ما يخبئه المستقبل: {يأتنا ما نرفض معرفته من ذاتنا من الخارج كما لو أنه المصير}.

لإعطاء الحياة معنى وهدف.

أهمية معرفة الذات

تشكّل معرفة الذات خطوة بالغة الأهمية في الحياة الاجتماعية. فيتيح لك ذلك إبراز شخصيتك وجعلها أكثر جاذبية في نظر الآخرين. فعندما تصبح شخصيتك محددةً وواضحة المعالم، يستطيع الآخرون توقع ردود فعلك ومعرفة ما قد تحبه أو تكرهه. نتيجة لذلك، تزداد معرفتهم لك ويسهل عليهم التعاطي معك. ولا شك في أن هذه أمور يقدّرها الجميع.

أما من جهتك، فعندما تزداد معرفة لذاتك، تدرك دوماً (أو في معظم الأحيان على الأقل) ردة الفعل الأنسب. وتعلم ما يمكنك القبول به وما لا ترضى به مطلقاً، ما تحبه وما تكرهه، وما تراه عادلاً وما تعتبره ظالماً ومجحفاً... وهكذا تؤسس حياتك على مبادئ واضحة تتبعها دوماً.

تتمكن من جهة أخرى من تحديد مشاريعك في الحياة بسهولة أكبر. فبما أنك تعي ما تريده، تصبح الدروب التي عليك سلوكها واضحة أمام ناظريك. نتيجة لذلك، لا تنجح في السعي وراء أهدافك في الحياة بسهولة ووضوح فحسب، بل تدرك دوماً الأسباب التي تدفع إلى اختيار هذا التوجه أو ذاك. وتساعدك هذه الأسباب في الحفاظ على حماستك وزخمك، وتعزز، بلا هوادة، دوافعك وطموحاتك، ما يتيح لك ارتقاء أعلى المناصب.

بالإضافة إلى ذلك، عندما تعرف ذاتك جيداً، يسهل عليك تقبّل واقعك، ما يمنحك بدوره سعادة واكتفاء. فأنت تعلم قدراتك وحدودك. نتيجة لذلك، تتعامل بلين أكبر مع نفسك وهفواتك.

تعلّم الرفض

تكمن المشكلة في أن أهلنا وكل مَن يؤثرون فينا منذ نعومة أظفارنا لديهم رغبة جامحة في أن نكون الولد المثالي الذي لم يتمكنوا هم أن يبلغوه. نتيجة لذلك، يثقلون كاهلنا بمُثل تكون عادةً بعيدة عنا وعن طموحاتنا. وهكذا يختار كثر مجالات عمل لا تروق لهم أو يختبئون وراء شخصيات تخفي حقيقتهم.

ولكن باختيارك الخروج من كنف العائلة ومعرفة الذات بشكل أعمق، تتمكن من عيش حياتك بحرية وفق ما تمليه عليك رغباتك وطموحاتك الخاصة. هكذا تستطيع بمعرفة ذاتك أن تتخذ قراراتك بنفسك وأن تختار ما يرضيك وترفض ما لا يناسبك. ولا شك في أن هذه طريقة فضلى لسيطرة الإنسان على وجوده وحياته.

الأسئلة التي تساعدك على معرفة ذاتك ونزع القناع الذي تختبئ وراءه:

مَن أنا؟

ماذا أحب؟ ماذا أكره؟

ما هي اهتماماتي؟ وماذا أعشق؟

ما هي صفاتي الحميدة؟ وما هي خصالي السيئة؟

ما الذي يرفع من معنوياتي؟ وما الذي يعكّر مزاجي؟

ما هي قدراتي؟ وما هي حدودي؟

ما هي نقاط قوتي وضعفي؟

ماذا يخيفني أو يقلقني؟

ما هي مبادئي وقيمي في الحياة؟

ما هو الأهم بالنسبة إلي في الحياة؟

ما هو الأقل أهمية بالنسبة إلي في الحياة؟

هل أنا سعيد؟

هل أشعر بالرضا؟ وماذا ينقصني راهناً؟

ماذا أرغب في تغييره في حياتي؟ وماذا أود تعزيزه؟

أي صفات أقدرها في الآخرين؟ وأي صفات يقدرها الآخرون فيّ؟

ما هي نظرة الناس إلي؟

ما الصورة التي أكوّنها عن صديقي أو شريك حياتي المثالي؟

ما هي أهدافي الشخصية والمهنية؟

ما هي توقعاتي وأهدافي للمستقبل؟

back to top