هل تراجع «مؤسسة البترول الكويتية» استراتيجيتها في ظل متغيرات السوق النفطي وتحدياته؟

نشر في 20-04-2014 | 00:02
آخر تحديث 20-04-2014 | 00:02
في ظل التغيرات المتسارعة في السوق النفطي، كقبول الغاز الطبيعي على أساس أنه صديق للبيئة، ويجب تطوير إنتاجه، والنفط الصخري، والاستثمار في قطاع الاستكشاف والتنقيب، يتردد سؤال مهم: هل تعتزم «مؤسسة البترول» مراجعة استراتيجيتها الحالية؟!
لا يخفى على متابعي السوق النفطي ملاحظة التغيرات المتسارعة فيه، ولعل من أهم المتغيرات التي طرأت خلال السنوات الأخيرة، وستظل تلعب دورا في مسار السوق النفطي لسنوات مقبلة، قبول العالم للغاز الطبيعي على أساس أنه صديق للبيئة ويجب تطوير إنتاجه والتوسع في استخداماته.

يضاف إلى ذلك النجاح في تطوير إنتاج النفط من الصخر الزيتي في الولايات المتحدة الأميركية حالياً، وفي المستقبل يمكن أن يمتد هذا النجاح إلى أماكن متعددة في العالم وعلى رأسها الصين؛ السوق الواعد الذي يجذب معظم الزيادة في إنتاج النفط في العالم، اضافة الى إقبال العديد من البلدان وفي مقدمتها الصين على الاستثمار في قطاع الاستكشاف، فضلا عن التنقيب والإنتاج في مناحي العالم، وكذلك بناء مخزون نفطي استراتيجي محليا.

لكن السؤال الذي يعني الكويت، وتحديدا القائمين على القطاع النفطي: هل ستتم مراجعة استراتيجية مؤسسة البترول الكويتية وفق المتغيرات في اسواق النفط؟ هذا السؤال تم توجيهه الى مجموعة من خبراء النفط، وجاءت ردودهم كما يلي:

في البداية، قال المستشار في الصناعة النفطية وليد الحشاش ان مؤسسة البترول الكويتية تقوم بشكل سنوي بمراجعة المتغيرات والمستجدات الاقتصادية والتقنية والبيئية في الاسواق العالمية، وكذلك الاسس التي بنت عليها التوجهات للتأكد من جدواها وصحتها واذا تبين ان هناك تغيرات جذرية في هذه الاسس فستتم مراجعتها.

واشار الحشاش ان لمؤسسة البترول استراتيجية طموحة في الوصول الى انتاج 4 ملايين برميل يوميا في 2020 اضافة الى ضرورة ان تكون المصفاة الجديدة جاهزة لان التحدي القادم ليس في بيع النفط الخام بل في بيع المنتجات البترولية لذلك يجب ان تكون الخطط المرسوم جاهزة في السنوات القريبة.

واضاف ان هذه الاستراتيجية مهدده الآن بالتأخر بسبب ما يجري في اروقة المؤسسة من كثرة التغيرات في المناصب القيادية حيث ينشغل الكل في الشأن الاداري تاركين الاهداف الرئيسية وهذا كفيل ايضا بالتأثير في سمعة البلد خاصة مع زبائن الكويت.

وشدد الحشاش على ضرورة الالتفات الى الوضع التنافسي فقد يهدد النفط الكويتي خاصة بعد دخول النفط الايراني والعراقي والذي تتشابه معه نوعية النفوط الكويتية، ولكن ليس بشكل كبير كما يصوره البعض اذ ان لدى «التسويق العالمي» في الكويت خططا تسويقية للمحافظة على الحصص التسويقية. مطالبا في الوقت ذاته بمراجعة استراتيجية آلية التعامل مع الشركات النفطية العالمية التي باتت ملحة في المرحلة المقبلة.

واكد ان الكويت تمتلك القدرة للتعامل مع المقومات سواء من اموال او خبرات فهي تتجه الى الدول التي يكثر فيها الطلب على الطاقة لاسيما في بناء مصفاة ومجمع بتروكيماويات في فيتنام ومن المتوقع ان يكون هذا النموذج في الصين اضافة الى وجود خزانات ومستودعات في الخارج.

خطط واستراتيجيات

من جهته، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي: «في عالم النفط هناك تحديات عديدة وكبيرة تختلف في ابعادها وتأثيرها، لكن في خضم هذا العالم كيف للشركات البترولية الوطنية والشركات العالمية ان تضع خططها واستراتيجياتها آخذة في الاعتبار تلك التطورات والتحديات. لاشك ان انتاج الزيت والغاز الصخري اضاف بعدا جديدا لتلك التحديات في رسم وتطوير مشاريع المستقبل».

واشار العوضي ان مؤسسة البترول الكويتية واحدة من تلك الشركات وهي تصنف بين اكبر 10 شركات نفطية عالمية لما لها من احتياط نفطي كبير وطاقة تكريرية متوسطة ولها مشاريع خارجية في مجال الاستكشاف والإنتاج والتكرير والتسويق وهذه الانشطة تتطلب ان يكون فيما بينها تكامل وتنسيق يهدف في نهاية المطاف الى تعظيم العوائد النقدية والارباح من حسن استغلال النفط في افضل صورة متاحة لذلك تسعى مؤسسة البترول جاهدة إلى وضع الاستراتيجيات القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى لتحقيق اهدافها.

وذكر ان المتابع لأنشطة المؤسسة خلال عقد الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي سيجد ان المؤسسة نجحت في تطبيق استراتيجيتها وحققت نجاحات وضعتها في مقدمة الشركات النفطية الكبرى, لكن الامور تبدلت في السنوات اللاحقة في اتجاه متراجع للمكتسبات السابقة، للأسف الشديد هناك اخطاء استراتيجية اوقعت المؤسسة نفسها فيها وتعود بالدرجة الاولى الى سوء اختيار القيادات النفطية واختيار الرؤساء التنفيذيين.

واضاف العوضي انه لا يمكن ان توضع استراتيجية جيدة وتنفذ من قيادات لا تمتلك القدرات والمهارات المطلوبة، لكن في المقابل القيادات الحقيقية التي تمتلك المهارات تستطيع ان تحول الاستراتيجيات السيئة الى استراتيجيات جيدة وناجحة بإدخال التعديلات المناسبة بديناميكية تتوافق مع المتغيرات التي تفرضها تلك التحديات.

ولفت إلى ان من امثلة الاستراتيجيات السيئة التي تبنتها مؤسسة البترول هو بناء ناقلات نفط عملاقة في عام 2009 بقيمة 160 مليون دولار للناقلة الواحدة بينما سعر التكلفة في نفس حوض بناء السفن في كوريا الجنوبية كلف شركات اخرى 120 مليون دولار للناقلة الواحدة ؟ السؤال هنا ليس الكلفة العالية بل هل نحن فعلا بحاجة لتلك السفن وهل نستغل هذه السفن الاستغلال الذي من اجله بنيت تلك السفن؟ للأسف الشديد ان بعض هذه السفن اليوم لا نستخدمها بل نقوم بتأجيرها لسوق النقل الخارجي! كون هذه السفن تعتبر فائضا عن احتياجات المؤسسة، ووقوفها سيسبب خسارة كبيرة، علما أن اسعار التأجير منخفضة ولا تحقق الربحية،

وضرب العوضي مثالا آخر على الاستراتيجيات السيئة هو التوسع في شراكات استراتيجية ضمن صفقات غير مدروسة وغير مجدية اقتصاديا مثل صفقة «كي – داو» عام 2008 على الرغم انه كانت لدى المؤسسة تجربة سابقة فاشلة عام 2004 مع نفس الشركة.

وشدد على العامل المشترك في هذه الاستراتيجيات السيئة هو وجود قيادة لا تمتلك المهارات ولا الرؤية والعامل الاخر هو عدم دراسة المخاطر بجدية لكافة جوانبها ووضع سيناريوهات اكثر دقة وحساسية، لذلك عند اعادة تقييم الاستراتيجيات علينا اعادة تقييم القيادات المناط بها تنفيذ تلك الاستراتيجيات وتغييرها بدءا من الرئيس التنفيذي وبقية الاعضاء المنتدبين.

التغييرات الجديدة

«قواعد اللعبة تغيرت في السوق النفطي». بهذه الكلمات بدأ الخبير في استراتيجيات النفط المهندس الشيخ فهد الداود مؤكدا ضرورة تلاؤم كل دولة ومجموعة إقليمية مع التغيرات الجديدة التي ستحدث على الساحة في مجال الطاقة التقليدية والمتجددة خلال الأعوام المقبلة.

وذكر: «أصبح لدى الاقتصادات الناشئة زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة»، مضيفاً أن الصين والهند ستشهدان خلال الفترة المقبلة زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة.

وقال إن الصين والهند ستشهدان زيادة في الطلب على الطاقة، بنسبة 21 في المئة وبحلول عام 2030 ستمثلان نصف الطلب العالمي، فضلاً عن الاستهلاك العالي للطاقة لدى دول الخليج العربية، بسبب الاستهلاك العالي للفرد من الطاقة أولاً وبسبب وجود قطاعات اقتصادية ضخمة تعتمد على الطاقة، ما يعني حاجة متزايدة للطاقة المتجددة وغير المتجددة.

وبين ان مؤسسة البترول الكويتية تعي تماما هذا الامر مما دعاها إلى التوجه شرقا في استراتيجيتها مطالبا بقراءة السوق النفطي بين فترة واخرى وتحديث الخطط وفق التطورات مع ضرورة اقتناص الفرص بسبب المنافسة الشديدة اقليميا.

واعتبر الداود أن هناك بعض اللاعبين الجدد في مجال الطاقة المتجددة، فمثلاً اصبحت أستراليا تنتج غاز الفحم بكميات كبيرة، في حين تنتج موزمبيق وتنزانيا والبرازيل وباكستان الغاز المسال.

ودعا الى استقراء الأهمية الاقتصادية الكبيرة للثورة الهيدروكربونية المقبلة، اذ ان ثمة متغيرات جيو-اقتصادية وسياسية على قدر كبير من الأهمية تحصل وستحصل في ميدان الوقود الأحفوري غير التقليدي في عالمنا المعاصر.

واكد ان هذه المتغيرات سيكون لها، بلا شك، تداعياتها على الطاقة التقليدية في العالم بوجه عام، ومنطقة الخليج العربي، وسيكون لهذه المتغيرات انعكاساتها على أسواق الطاقة العالمية فيما يتعلق بالعرض والطلب بين المستهلكين والمنتجين الجدد من الطاقة الجديدة.

back to top