في الذكرى الـ 39 لاندلاع الحرب اللبنانية

نشر في 18-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 18-04-2014 | 00:01
زافين قيومجيان وهادي زكاك: لا للطائفية البغيضة ونعم للحوار!

{ليس لدينا سوى العيش معاً، وابتكار نظام جديد يحمي لبنان وأبناءه من آفة الطائفية ويؤمن مستقبلاً أفضل للأجيال»، هذه الرسالة أطلقها الإعلامي زافين قيومجيان في الأمسية الثقافية التي نظمها مركز «الت سيتي» (AltCIty) في بيروت، في الذكرى الـ39 لاندلاع الحرب اللبنانية (13 أبريل 1975)، وشملت معرض صور {قبل وبعد} مستوحى من كتاب {لبنان... فلبنان} لزافين، وعرض فيلم {مرسيدس» للمخرج هادي زكاك.
كتاب «لبنان... فلبنان»، يضم بين دفتيه صوراً لوجوه وأماكن محت الحرب معالمها وأضحت شبه منسية، تروي قصصاً من الحرب الأهلية كما استعادتها عدسة المصورة حياة قرانوح، وتعكس ذاكرة وطن رازحة تحت ركام القهر والذل والتهجير والقتل والتدمير...

ليس الكتاب تأريخاً للحرب في لبنان بالصور فحسب، يقول زافين قيومجيان، بل هو صرخة مدوية في وجه كل من يحاول قرع طبول الحرب من جديد، وإعادة عقارب الساعة إلى زمن مظلم في تاريخ الوطن. يضيف أن هذه الكلمة البغيضة «الحرب» تتردد في أنحاء الوطن، اليوم، في ظل الانقسامات ولغة الطائفية والأحداث المندلعة هنا وهناك التي تنذر بشرّ دفين، لذا أراد أن ينعش ذاكرة اللبنانيين حول الحرب الأهلية، علهم يتعظون ولكي تشاهد الأجيال الشابة ما اقترفه الآباء وتتجنب الفخ الذي وقعوا فيه، وتبني وطناً، الغلبة فيه للمواطنة الحقة وليس للطائفية والمحاصصة و6 و6 مكرر.

في هذا الإطار بالذات،  تروي الصور الفوتوغرافية المعروضة، مشاهد حية لعبثية زعماء الحرب، وتحاول المقارنة بين سنوات الحرب والحياة اليوم، وتكشف الستار عن الحقيقة بموضوعية، آسرة لحظات من واقع القتلة والضحايا في آن...

يتساءل زافين في الطبعة الثالثة للكتاب الصادرة 2009 (وكانت صدرت الطبعة الأولى 2003 والثانية 2005)، هل فعلا انتهت الحرب، أم أنها مستمرة في أوجه مختلفة؟

هذا السؤال بالذات الذي يؤرق اللبنانيين بعد سلسلة الأحداث المتتالية على الوطن، دفع قيومجيان إلى توقيع كتابه مجاناً في الأمسية الثقافية، لأنه يتقاسم الناس مخاوفهم من تجدد الحرب، وليذكرهم بوحشيتها،  في ذكرى نشوبها في هذا التاريخ المشؤوم (13 إبيرل 1975)، كي لا تعاد... مع أن طيفها لم يغادر هذه الأرض، وليذكر اللبنانيين بأن الحوار هو السبيل الأمثل إلى حل مشاكلهم، وبضرورة المساهمة في نشر ثقافة السلام.

يذكر أن صحيفة واشنطن بوست وصفت الكتاب بأنه أحد  أهم الأعمال الفنية التي توثق الذاكرة الجماعية المرتبطة بحرب أهلية في العالم.

فيلم «مرسيدس»

الطائفية هي لفظة أخرى لحب الذات، الطائفية هي نوع من الخيانة الوطنية، الطائفية، في ضعف الطوائف قوة الوطن (أمين الريحاني- 1936). بهذه العبارة يستهل المخرج هادي زكاك فيلمه «مرسيدس» (نال جائزة قناة الجزيرة الوثائقية عن فئة الأفلام الطويلة) الذي يتناول قصة سيارة وعائلة وبلد، ويضع المُشاهد في مواجهة ساخرة مع ذاكرة حية غير بعيدة.

سيارة مرسيدس من طراز 1960، بطلة الفيلم، وشاهدة على خمسين سنة من تاريخ البلد، عاشت ظروف المجتمع اللبناني المختلفة، أقحمت في الحروب، عاينت دماء القتلى وأشلاءهم، وقفت على الحواجز المفتعلة، شهدت تقسيم البلد والتهجير... وأضحت، من خلال مسيرتها بين أرجاء الوطن، من نسيج المجتمع اللبناني، فابتكرت طائفة خاصة بها هي طائفة {مرسيدس}، وشكلت مفتاحاً إلى  ولوج الذاكرة الجماعية اللبنانية وشاهداً على تاريخ  لا يجوز تجاهله بل التفكير به على الدوام لما يحمل من عبر كي لا تتكرر المآسي...

أقلت {مرسيدس} الناس، ونقلت أمتعة التهجير، وأسلحة المقاتلين، وحاربت وإياهم، حملت الضحايا إلى المستشفيات، وهبط عليها ركام المنازل والقذائف فدمرها، ورفعت صور الزعماء وشعاراتهم الانتخابية، وصولا إلى حياتها النخبوية المجيدة كسيارة رئاسية لامعة... في كل هذه المشاهد عرض المخرج صوراً من  {زمن المجد} اللبناني، مروراً بالحرب اللبنانية، الاجتياح الإسرائيلي، التحرير، إعادة الإعمار، استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وصولا إلى السنوات الأخيرة. ويخلص بنتيجة واحدة، تماماً كما كتاب زافين قيومجيان: الطائفية المتغلغلة في جسم الوطن أساس مصائبه وحروبه.

حاز الفيلم جوائز أبرزها {جائزة لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقّاد السينما}، في {مهرجان دبي الدولي للأفلام} (2011)، وجائزة {مهرجان الجزيرة الدولي الثامن للأفلام التسجيلية} (2012).

back to top