قراءة في قصائد نزار قباني في «رابطة الأدباء»

نشر في 18-04-2014 | 00:02
آخر تحديث 18-04-2014 | 00:02
No Image Caption
كشفت اختلاف النقاد بشأنه

قيل في المتنبي «ملأ الدنيا واشغل الناس»، فماذا يمكن أن يقال في نزار قباني؟ هذا الفارس الذي طوع من اللغة ما جمح، ومن ألفاظها ما جنح فأتته اللفظة خاضعة.
إن اختلاف النقاد في نزار لم يبلغ اختلافهم في شاعر آخر، فهو يبدو لك متعبدا في محراب النساء، فإذا اقتربت منه رأيت شخصا آخر، بل أشخاصا لكل منهم وجهة هو موليها، فهو الوطني الثائر والعاشق الولهان، وقيل في نزار الكثير مدحا وقدحا، وسيبقى الجدل حوله طالما بقي من يتذوق الشعر ومن يعارضه، فما الذي نستطيع اليوم تقديمه لمحبي نزار وخصومه، هكذا بدأ أستاذ الادب الكويتي بجامعة الخليج د. صلاح الدين أرقه دان أمسيته الأدبية في رابطة الادباء، التي جاءت بعنوان «قراءة هادئة في قصائد صاخبة لنزار قباني»، بحضور نخبة من الادباء والمثقفين، وقدمتها الشاعرة حنان عبدالقادر.

عاشق دمشق

وأضاف د. أرقه دان: «من حق نزار كما هو حق لكل كاتب وأديب وشاعر ان نراه من زواياه المختلفة، فنزار الذي اقترب من المرأة وقربها منه هو نفسه الذي سكن الوطن وأسكنه نفسه، فكانت دمشق الهواء الذي يتنشقه أينما حل وارتحل، وهو الذي عشق الحياة وكتب الحاضر وعاش المستقبل عشق دمشق البر والوفاء والانتماء لا عشق الماضي والأمس الآفل».

وقال نزار: لا أستطيع أن أكتب عن دمشق / دون أن يعرش الياسمين على أصابعي / أنا محصول دمشقي مئة بالمئة/ لا أستطيع الا أن أكون شاميا/ أنا الدمشقي/ لو شرحتم جسدي لسال منه – عناقيد – وتفاح / وددت لو زرعوني فيك مئذنة أو علقوني على الأبواب قنديلا / كتب الله أن تكوني دمشقا بك يبدأ وينتهي التكوين، ويضيف: ماء بردى حليب يرضعه الدمشقي/ ويرتشفه العربي الزائر والمقيم/ فيجري في دمائه ينبت لحمه/ يقوى عظامه.

واردف أرقه دان: «فلا غور ان يوصي نزار بأن يكون جسده الذي خرج من أرض دمشق ان يعود اليها، فأوصى أن يدفن في دمشق، الرحم التي علمتني الشعر والابداع وأهدتني أبجدية الياسمين».

وتابع: «ولئن أشبع النقاد والدارسون شعر نزار في المرأة وصوره الفنية والعلاقة المختلفة معها حبا وعشقا وشوقا فإن التعرض لشعره الاجتماعي والوطني الذي اثار عليه معسكرا الاسلاميين والقوميين أراه أقل وهجا من ذاك الأول رغم ان التجربة التي دفعت نزار الى العالمية والخروج من قوقعة الوطن كانت قصيدته (خبز وحشيش وقمر) عام 1954، والتي اثارت ضجة تحت قبة البرلمان السوري حتى طالبت الكتلة الاسلامية بإقالته من سلك الخارجية وحرمانه من جنسيته وانتمائه الوطني».

وشدد على أن «نزار قدم تجديدا واضحا في علاقة الشاعر العربي بمجتمعه ووطنه وبالحياة من حوله عندما لبس قبعة المصلح الثائر الذي يقف في وجه ما اضافه الناس الى الدين وجعلوه دينا، وعرف نزار بأنه شاعر الحب والمرأة، ولكنه كتب قصائد تنتقد التشدد والتطرف والاتكاء والقدرية الزائدة الى أن حانت هزيمة يونيو فكتب من شعر السياسة ما اثار عليه العروبيون كما اثاره شعره في نقد مظاهر المجتمع المتخلف انتقد بشعره ما آل اليه مصير العرب وفساد الانظمة الحاكمة واستبدادها، صاغ ذلك كله كما يصوغ «الجوهرجي» من خامات الذهب والزبرجد عقودا تبهر الابصار وتثير الحساد صاغ افكاره في «هوامش على دفتر النكسة» و«المهرولون» و«هذه البلاد شقة مفروشة» و«الحب والبترول» و«أحزان في الاندلس» و«القدس» و«يوميات بهية المصرية» وعشرات غيرها.  

فلسفة نزار

لخص نزار فلسفته في الحياة والكتابة والحب، كما يقول د. أرقه دان عندما سئل إن كان يعتبر نفسه ثائرا فأجاب: «ان الحب في العالم العربي سجين، وأنا أريد تحريره، وأريد تحرير الحس والجسد العربي بشعري، إن العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا غير سليمة».

يذكر ان د. أرقه دان سرد خلال الامسية جوانب عديدة من محطات ومواقف في حياة نزار قباني، مصحوبة بعرض فيلمي وصور فوتوغرافية لنزار مع أسرته في وطنه وغربته وجانب من أمسياته الشعرية وقصائد مكتوبة بخط يده.

back to top