زيت السمك... سرّ عجيب فيه قوّة شفاء خارقة

نشر في 17-04-2014 | 00:02
آخر تحديث 17-04-2014 | 00:02
سرّ زيت السمك هو في الدهون الأساسية أوميغا 3 التي يحتويها، والسؤال: لماذا عليك أن تأخذها؟ وكيف يمكنك الحصول عليها بكميات كافية للوقاية والعلاج؟ وما هي أفضل مصادرها؟ وما أهميتها لك ولعائلتك؟ إذا أردت معرفة الأجوبة ستجدها في كتاب «قوة الشفاء: زيت السمك- أوميغا 3»، من تأليف د. جوزف مارون وجيفري بوست (منشورات «دار الفراشة»- بيروت).
طالما سمعنا أو قرأنا عن عنصر الأوميغا 3، هذا المصدر العجيب الذي يحتوي على مواصفات طبية هائلة أثبتتها التجارب السريرية، فأضحى من أكثر العلاجات تناولاً في العالم بأسره. لكننا لم نذهب في معرفتنا نحو الإحاطة بكل ما يقدّمه لنا هذا المصدر من فوائد جمّة، تساعدنا على مواجهة مشاكل صحية ونفسية عدة إلى أن صدر كتاب «زيت السمك» الذي استفاض المؤلّفان في شرح مزاياه بأسلوب مبسط ليكون في متناول القراء كافةً.

الالتهابات المزمنة

يقرّ الطب التقليدي حالياً بأن العديد من الأمراض، المزمنة والحادّة على حد سواء، إضافة إلى عملية الشيخوخة بحد نفسها، تُربط في الكثير من الأحوال بالالتهاب المزمن. واستناداً إلى هذه الوقائع، تمّ تطوير العديد من العلاجات الطبّية والأدوية الكيميائية لهدف وحيد وهو إضعاف أو تعطيل العملية الالتهابية.

وعلى الرغم من هذا الجهد الهائل من حيث الوقت وإنفاق مليارات الدولارات، فإن وضع العلاج الحالي غير فعّال في الكثير من الأحيان وقد أدّى في العديد من الحالات إلى مضاعفات خطيرة.

وقد أظهرت الأبحاث البديلة حول الالتهاب أن مكمّلات غذائية معيّنة يمكنها خفض مستويات العوامل الداعمة للالتهاب، مع تأثيرات جانبية أقلّ بكثير. وقد أدّى اكتشاف هذه الحقيقة إلى تحوّل كبير ومفاجئ في كيفية رؤيتنا الأطباء الممارسين، ليس فقط للأمراض المتّصلة بالالتهاب، ولكن أيضاً لمفهوم الوقاية من الأمراض، فتبيّن أن أفضل هذه المكمّلات المضادة للالتهاب الطبيعية هو زيت السمك.

الأحماض الدهنية

المصدر الأساسي لأحماض أوميغا 3 في الطعام هو حمض الألفا لينولينيك ALA. وفي الجسم، يُحوّل هذا الحمض إلى حمض EPA، حمض DHA ومشتقّات أخرى، تُخزن في أغشية الخلايا وتُستعمل لإنتاج العديد من الأيكوزانويدات المضادة للالتهاب. وإذا أصبحت مكوّنات الأغشية الخلوية من أحماض أوميغا 3 هي الطاغية، تنتج عن ذلك حالة مضادة للالتهاب تستتبع فوائد صحيّة وقائية.

نجد حمض الألفا- لينولينيك ALA في النباتات الخضراء والطحالب وتشكّل أوراق وبزور البيريلاّ Perilla  (المستهلكة على نطاق واسع في اليابان وكوريا والهند) أغنى المصادر النباتية لحمض ALA، كما أن زيت بذر الكتان مصدر غنيّ أيضاً لهذا الحمض. غير أن زيت السمك يُعتبر أهم مصدر غذائي للأحماض الدهنية الأساسية أوميغا 3 لأنه يحتوي على كميّات مركّزة من مشتقّات حمض الألفا لينولينيك ALA: حمض EPA وحمض DHA. ونجد هذين الحمضين الأخيرين بشكل شبه حصري في ثمار البحر. والسبب الذي يجعل السمك يتمتّع بتركيز عال من EPA وDHA هو أنه في أعلى هرم غذائي تتشكّل قاعدته من الطحالب، وهي كائنات بحرية وحيدة الخلية تصنع كميات كبيرة من EPA وDHA. يأكل السمك الصغير الطحالب الوحيدة الخلية ويصبح EPA وDHA الموجودان في الطحالب مركّزين في دهن الأسماك وأعضائها. وتأكل الأسماك الكبيرة كميات كبيرة من السمك الصغير الحجم، ممّا يزيد من تركيز EPA وDHA في لحمها.

تغيير في النظام الغذائي

يعاني الإنسان المعاصر من أمراض وحالات مثل أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، السكتة الدماغية، داء ألزهايمر، بنسب لم يسبق لها مثيل، ويعود ذلك جزئياً إلى تحوّل مهمّ في نظامنا الغذائي، بحسب خبراء مثل د. أرتيميس ب. سيموبولس، رئيس مركز علم الوراثة، التغذية والصحّة، في العاصمة الأميركية واشنطن، ومرجع مهمّ في كيفية تأثير النظام الغذائي على المرض. ويشير د.سيموبولس وكثيرون غيره إلى واقع أن أسلافنا الصيادين الجامعين في العصر الحجري القديم، أي منذ حوالى 2,500,000 إلى 200 ألف سنة خلت، اتّبعوا نظاماً غذائياً مؤلّفاً من مجموعة متنوّعة من الأطعمة الطبيعية (لحم برّي، سمك، خضار ورقية خضراء، فاكهة، مكسّرات (جوز، لوز، بندق...) توتيّات، وعسل)، ممّا أدّى إلى إحلال توازن قائم على حصص متساوية، تقريباً، من الأحماض الدهنية الأساسية أوميغا 3 وأوميغا 6. وخلال ذلك الوقت، تطوّرت بنية خلايانا ووظيفتها للاستفادة من توازن الأحماض الدهنية أوميغا 6 وأوميغا 3 داخل أغشية خلايانا.

ولكن، منذ بدايات الزراعة حوالى 10 آلاف سنة خلت، ومع إدخال الحبوب كغذاء أساسي، اختل هذا التوازن بدرجة كبيرة، فازدادت الأحماض الدهنية أوميغا 6 بشكل مطّرد على حساب أحماض أوميغا 3. وزادت سرعة هذه العملية منذ حوالى خمسين سنة، عندما استبدل علف المواشي بالحبوب (الغنية بأحماض أوميغا 6) بدلاً من العشب (الغني بأحماض أوميغا 3). وقد فاقم خبراء التغذية هذه المشكلة في الماضي القريب عندما شجعوا الناس على أكل المرغرين بدلاً من الزبدة كطريقة لتفادي الدهون المشبعة.

لماذا السمك؟

هل زيت السمك هو حقاً المصدر الأفضل للأوميغا 3؟ بكل تأكيد. يمكنك إضافة المزيد من الأوميغا 3 إلى طعامك على شكل حمض الألف لينولينيك ALA. وتشمل المصادر الجيدة لهذا الحمض زيوت بذر الكتّان، الكاميلينة Camelina، التشيا Chia، البرّيلّة  Perilla، الكانولا (بذر اللفت) والصويا، إضافة إلى الجوز والجرجير (روكّا). غير أن جسم الإنسان لا يحوّل سوى حوالى 1 إلى 9 بالمئة من ALA إلى EPA وDHA، وهما الحمضان أوميغا 3 الأساسيّان اللذان يُخزنان في الدهون الفسفورية ضمن الغشاء الخلوي. لذا فمن الصعب استهلاك ما يكفي من حمض ALA لرفع مستويات EPA وDHA في الجسم.

تشكّل الطحالب مصدراً جيّداً للـEPA وDHA؛ وهي في الواقع مصدر هذين الحمضين اللذين نجدهما في السمك. على أن استخراج هذه الأحماض الدهنية من الطحالب وتنقيتها أصعب، وبالتالي أكثر كلفة، من استخراجها من السمك. ويبقى استهلاك الطحالب أو الأحماض المستخرجة منها خياراً مقبولاً للنباتيين.

التجارب السريرية

خلال الثلاثين سنة الأخيرة، أظهرت أكثر من 7 آلاف دراسة علمية، بما فيها تجارب سريرية على الإنسان، أدلّة تدعم فعالية زيت السمك والأحماض الدهنية الأساسية أوميغا 3 في الوقاية من أكثر الأمراض شيوعاً ومعالجتها؛ وتشمل هذه الأمراض أمراض القلب والأوعية الدموية، السكتة، السرطان، ارتفاع معدّل الدهون السيئة، داء ألزهايمر، اضطراب فرط النشاط وقلّة الانتباه، التهاب المفاصل الروماتزمي، متلازمة جفاف العين، والعديد من الحالات الصحيّة الأخرى. غير أن المجتمعين العلمي والطبّي لا يزالان يقاومان هذه الحقائق ولا يستعملان سوى العلاجات بالأدوية الكيماوية بدلاً من اللجوء أيضاً إلى الطب الوقائي الطبيعي، التغييرات الغذائية، وتعديل السلوك، التي يمكنها أن تكون بمثل فعالية الأدوية، وفي بعض الحالات، مثل الوقاية من عدم انتظام نبض القلب بعد نوبة قلبية، أكثر فعالية أيضاً.

back to top